مفاوضات بروكسل بين أذربيجان وأرمينيا .. التوتر لا يوحي بسلم قريب

مفاوضات بروكسل بين أذربيجان وأرمينيا .. التوتر لا يوحي بسلم قريب

د.خالد العزي

بدا أن ما قيل عن التقدم المحرز في المحادثات الأرمنية ــــ الأذربيجانية الأخيرة في واشنطن غير محسوس للغاية، بحيث لا يمكن الاعتماد على توقيع معاهدة سلام بين طرفي الصراع، وامس عقدت أذربيجان وأرمينيا جولة جديدة من محادثات السلام بوساطة الاتحاد الأوروبي، بينما دعت الخارجية الروسية لتنظيم اجتماع ثلاثي لمناقشة تنفيذ الاتفاقات الخاصة بإقليم ناغورني قره باغ. إذ التقى رئيس أذربيجان إلهام علييف ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان في بروكسل في إطار جولة مفاوضات جديدة تهدف إلى حل النزاع المستمر منذ عقود للسيطرة على ناغورني كاراباخ. ويقوم رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال بدور الوسيط في المحادثات، التي جاءت وسط تجدد التوترات بعدما أغلقت أذربيجان موقتًا ممر لاتشين الذي يعد الشريان الوحيد الرابط بين منطقة كاراباخ وأرمينيا.

واتهمت وزارة الدفاع الأذربيجانية الانفصاليين الأرمينيين ببث ترددات لاسلكية للتشويش على أنظمة تحديد المواقع العالمية لشركات الطيران المحلية والأجنبية التي تحلق في أذربيجان، مشيرة إلى أن التشويش الأرميني أثّر على طائرتين تابعتين للخطوط الجوية الأذربيجانية الخميس، محذرة من أن هذه الحوادث تشكل تهديدا خطيرا لسلامة الطيران.

ورفضت السلطات الانفصالية الأرمينية هذه الاتهامات ووصفتها بأنها “محض افتراء”.

وكان نيكول باشينيان متشائما من حصول تقدم في المفاوضات، وعبر عن ذلك في اجتماع للحكومة الأرمينية في 6 تموز\يوليو من العام الحالي، ووفقًا للخدمة الصحفية في الكرملين، إتصل باشينيان بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين بناءً على طلب من قيادة جمهورية ناغورني كاراباخ التي نصبت نفسها بنفسها.

ناقش باشينيان وبوتين القضايا المتعلقة بــ “ناغورني كاراباخ، لا سيما الوضع في ممر لاتشين، حيث لا يزال نظام المرور الانتقائي ساري المفعول، وفي الواقع يستمر الحصار. في وقت صدرت فيه دعوات إلى ضرورة تنفيذ الاتفاقات التي توصل إليها قادة روسيا وأذربيجان وأرمينيا في السنوات الأخيرة. وأكد بوتين استعداد الجانب الروسي للمساعدة في تطوير معاهدة سلام بين أرمينيا وأذربيجان.

معاهدة السلام بين البلدين

لا يزال نص معاهدة السلام بين يريفان وباكو غير جاهزة للتوقيع، حيث يحاول الجانب الأرمني القول بانه يجب الوصول الى تفاهم فعلي بين الطرفين ينتهي في اتفاقية ملموسة بناءًا على محادثات واشنطن الماضية.

بالرغم من ان أذربيجان في اجتماع حركة عدم الانحياز وجهت الاتهامات الى يريفان بالبطء في تنفيذ الاتفاقات للوصول الى اتفاقية سلام ناجحة بين البلدين والتي تبدأ بنزع سلاح القوات شبه العسكرية في ناغورني كاراباخ وفتح ممر “زانجيزور” وهو رابط نقل بين أذربيجان حكمها الذاتي الى “ناختشيفان” عبر أراضي أرمينيا. لكي يبدأ التفاهم للوصول الى  إنتاج اتفاقية تنهي  الصراع.

الجدير بالذكر  أن  أذربيجان قدمت خمسة مبادئ أساسية لتوقيع معاهدة سلام مع أرمينيا على أساس الاعتراف المتبادل بسيادة كل منهما وسلامة أراضيهما. على الرغم من أن أرمينيا اضطرت للاعتراف بكاراباخ كجزء من أذربيجان، لا يزال هناك بقايا من القوات المسلحة الأرمينية على أراضي أذربيجان، حيث تتمركز قوات حفظ السلام الروسية بشكل مؤقت وأرمينيا لا تفي بالالتزامات الناشئة عن فعل الاستسلام الموقع منذ حوالي ثلاث سنوات.

بالمقابل يقول نيكول باشينيان في يريفان: “أرمينيا لم تتحمل قط، سواء كتابة أو شفهيا، أي التزام على طول الممر ولن تقبل أبدا أي تفسير من هذا القبيل. وفيما يتعلق برفع الحظر عن اتصالات النقل الإقليمية على أساس السيادة والمساواة بين الدول، فقد أعلنت أرمينيا مرارًا استعدادها لذلك. تم طرح مشروع قرار حكومي بشأن فتح ثلاث نقاط تفتيش على الحدود مع أذربيجان من أرمينيا منذ فترة طويلة للتداول الرسمي. لكن القرار لم يتم اتخاذه بسبب الدمار الذي أصاب أذربيجان، التي لم تبدأ عملية مماثلة ولا تريد أن تفسح المجال لأرمينيا “.

وتشدد يريفان على عدم وجود ممثلين عن القوات المسلحة الأرمينية في ناغورني كاراباخ، ولكن هناك جيش دفاع أرتساخ (الاسم الأرمني ناغورني كاراباخ). فإن عدم حل جيش الدفاع في آرتساخ هو نتيجة لسياسة باكو. وأيضا لا تزال عمليات حفظ السلام في أرمينيا بدون خطوات أذربيجان المتبادلة المتكافئة. على سبيل المثال، سلمت يريفان خرائط لحقول الألغام إلى باكو، وبفضل ذلك تقوم أذربيجان بأعمال إزالة الألغام على نطاق واسع. وباكو لم تتخذ إجراءات إيجابية ردا على ذلك. بالوقت الذي يستمر الحصار المفروض على ممر لاتشين، فإن الأزمة الإنسانية في ناغورني كاراباخ تتفاقم. حتى أن قوات حفظ السلام الروسية المتمركزة في المنطقة غير قادرة على تسليم البضائع، لأن ممر لاتشين مغلق تمامًا. كما تم قطع إمدادات الغاز الطبيعي والكهرباء عن ناغورني كاراباخ.

اذن فان الخطوات الفعلية لكتابة نص  فعلي لاتفاقية سلام بين البلدين  لاتزال غائبة نتيجة غياب الضامن  الفعلي لحل الازمة التي لا يزال الطرفان  يبحثان  عنه في بروكسل وواشنطن وموسكو، لكن موسكو حاليا غير معنية بإيجاد أي اتفاق سلام للبلدين، وبظل  الحرب  الاوكرانية  الروسية تبقى المشكلة في كاراباخ  مفتوحة دون الامكانية الفعلية للتنسيق بين الاطراف الفاعلة والضاغطة على الطرفين.

Visited 5 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. خالد العزي

أستاذ جامعي وباحث لبناني