الأم الحنون تتراجع .. وحزب الله محشور
حسين عطايا
لا شك بأن المنظومة السياسية اللبنانية بأكثريتها فاسدة، فالتاريخ لم يشهد مثل هذه السلطة الفاسدة، الفاشلة، والمأزومة ، سوى مرة واحدة في روما ، حيث تتشابه محاولة قتل الشعب من قبل حكامه، ففي لبنان منظومة سرقت جنى عُمر اللبنانيين مقيمين ومُغتربين، وفي روما احرق ” نيرون” روما وصعد لقصره المشرف على المدينة التي يُزنرها اللهب وفرار اهلها والذي اثار في نفسه لذة جنون الموت لشعبه .
لهذا لم تكن زيارة المبعوث الرئيس الفرنسي، جان ايف لودريان بالسهلة بل تتشابه بالصراخ في برية لبنان المنهك من الازمات الاقتصادية والمالية والابلغ فيها ازماته السياسية التي تعيشها الطبقة السياسية الحاكمة والمأزومة اساساً من خلال التخبط في اتخاذ القرارات او في مواجهة ازمات لبنان المُثقل بالهموم .
من هنا اتت زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي لتؤكد امرين مهمين وهما :
اولاً : بدا واضحاً انه وبعد اجتماع اللجنة الخُماسية الاخير في الدوحة – قطر ، اصبحت المبادرة الفرنسية السابقة والتي عملت باريس على تسويقها بالتفاهم والغزل المتبادل مع الثنائي ” امل – حزب الله ” والمبني على المصلحة الخاصة لفرنسا كدولة على حساب ما كانت تتمتع به فرنسا في لبنان والتي كانت تُسمى من اكثرية اللبنانيين “بالام الحنون ” ،
هذا ما أكدته زيار لودريان من خلال لقاءاته مع الكتل النيابية اللبنانية والتي اثبتت انه لم يأت على ذكر المبادرة الفرنسية السابقة والتي كانت تنص على سليمان فرنجية رئيسا” مرشح الثنائي ” والسفير السابق نواف سلام من المعارضة ، ويأتي هذا نتاج قرار الاجتماع الاخير للجنة الخماسية والذي وضع حدا للمبادرة الفرنسية او فيما يُسمى سحب التفويض الذي كانت ممنوح للجانب الفرنسي وبالتالي اتى لودريان الى لبنان بزيارة يستمع فيها عن رغبات الاطراف اللبنانية ، حول رؤيتهم للحل .
ثانياً : اتى لودريان حاملاً دعوة لحوار في شهر ايلول – سبتمبر القادم ، حول مواصفات الرئيس وبرامج الاصلاح الواجب على الرئيس الجديد وحكومته العتيدة البدء فيها لمباشرة انقاذ الدولة اللبنانية ، اما بالنسبة للحوار السياسي على الرئيس العتيد ان يدعو اليها بشرط عدم المس باتفاق الطائف .
هذا ما يؤكد أن الثنائي وبعد ان تبلغ تراجع فرنسا عن مبادرتها مُرغمة تحت ضغط الاطراف المشاركة في الخٌماسية ، شرع باطلاق النار على اطراف الخماسية كونه وصل لطريق مقفل وموصدة ابوابه امامهم وامام مرشحهم ” سليمان فرنجية ” ، هذا ما يُشكل ازمة كُبرى ، بالنسبة لحزب الله ، والذي يمتلك فائض قوة اثبتت التجارب انه غير قادر على صرفها بالداخل اللبناني ، إنما هذا الامر يُثبت تارجع قدرة حزب الله على الحسم في إيصال مرشحه الى سدة الرئاسة ، بينما فقط هو قادر على التعطيل ، وهذا التعطيل بدأ يؤثر سلباً على صورة حزب الله وعجزه امام بيئته وحلفائه واسياده خارج الحدود على تحقيق انتصارات حقيقية على المعارضة اللبنانية على الرغم من تشتت المعارضات في اكثر من اتجاه .