ميخية ملأت الدنيا وشغلت الناس

ميخية ملأت الدنيا وشغلت الناس

كاركاسون- المعطي قبال

     لا حديث للصحافة الدولية، وبالأخص الغربية منها هذه الأيام سوى فيلم باربي للمخرجة الأمريكية الشابة غريتا جيروج. فقد حقق الفيلم منذ طرحه في الصالات في 19 يوليوز أرباحا فاقت المليار دولار (أزيد من 910 مليون يورو)! إنها المرة الاولى التي تحقق فيها مخرجة هذا الإنجاز.

   إقبال الجمهور على الفيلم تفسره عدة عناصر: كونه صحح صورة باربي المتصابية، البهلاء، المتشبثة بالمظاهر وبالأخص منها اللباس الوردي الفاقع، وهي بذلك سعت إلى تكسير أسطورة كثيرا من تشبثت ودافعت عنها العائلات إرضاء لبناتهم. وقد تدخل المعلقون من علماء السوسيولوجيا والسيميولوجيا، والمؤرخين للدميات بتحاليل وتعاليق عن هذا «الكائن» النسوي الذي رأى فيه البعض أنه أحسن مناهض لفحولة الرجال المزعومة.

   الفيلم نقد ساخر لسلطة الرجال، كما أنه نقد للأبيسية بمعنى أن الفيلم نسوي في توجهه العام ويدافع عن المساواة بين الرجل والمرآة. باربي الجديدة كما تصورتها وقدمتها المخرجة غريتا جيروج تلتحم بزمنها وتدافع عن المسألة النسائية، وليست امتدادا لباربي القديمة كما فصلتها وسهرت على تمرير صورتها روث هاندلير، المبتكرة الأولى لباربي.

   النقاش الساخن يدور اليوم في أوساط المدافعين عن التحرر الجنسي المطلق في مواضيع جسد المرأة كملك لها، عن اختياراتها الذاتية في موضوع الزواج الخ… في الوقت الذي أقبل فيه الجمهور في أنحاء المعمور على الصالات لمشاهدة الفيلم ثمة بلدان عربية- إسلامية لم تنظر بعين الرضى لهذه المونيكا التي رأت فيها تجسيدا للانحراف والرذيلة والفسق.

   بعد عرضه لمدة ثلاث أسابيع بالجزائر، قررت وزارة الثقافة الجزائرية منع الفيلم من العرض في مدن الجزائر، وهران وقسنطينة. وقد تمكن 40 ألف مشاهد من رؤية الفيلم قبل حظره. سبب منع الفيلم حسب السلطات الجزائرية هو أنه «يخل بالأخلاق». هكذا تكلم حراس المعبد!

   بالكويت أعلنت السلطات عن منع الفيلم لأنه «يدافع عن أفكار ومعتقدات غريبة عن المجتمع الكويتي».

   في لبنان صعد حزب الله إلى الجبهة لشيطنة الفيلم وتوجيه الرأي في اتجاه الحظر. هكذا أعلن وزير الثقافة محمد مرتضى أن الفيلم يقوم بالدعاية للجنسية المثلية. الفيلم الذي من المقرر أن يطرح في القاعات ابتداء من 31 غشت «يناهض برأيه القيم الأخلاقية والدينية للبنان. ويضيف أن الفيلم ينتقص من دور الأم، ويعيد النظر في مؤسسة الزواج. وفي خطاب أذيع على شبكات التواصل الاجتماعي، سبق لحس نصر الله أن أشار إلى أن اللواطيين، يجب تصفيتهم حسب تعاليم القرآن.

   نحن أمام مسرحية مضحكة-مبكية تؤدي فيها الدور الرئيس ميخية إلى جانب ميخيات آخرين. هذا في الوقت الذي يعاني فيه العالم من شحة المياه، من الاحترار المفرط والحرائق، وخلل المناخ الذي يضرب جيوب المثقوبة للبؤساء، تنامي الهجرة في اتجاهات تفضي بأصحابها إلى الحتف المبين.

Visited 1 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

المعطي قبّال

كاتب ومترجم مغربي - رئيس تحرير مساعد لموقع "السؤال الآن".