“انتصارات” ربيبات إيران .. والشرق الأوسط الجديد

“انتصارات” ربيبات إيران .. والشرق الأوسط الجديد

حسين عطايا

بدأ بالظهور مصطلح الشرق الاوسط الجديد ، في اوائل تسعينات القرن الماضي وقد ترافق مع مفاوضات السلام التي جرت في جنيف سويسرا وبدعوة من الولايات المتحدة الامريكية وروسيا ، بين دول الطوق اي الدول المجاورة لفلسطين المحتلة  وهي منظمة التحرير الفلسطينية ، الاردن ، سوريا ولبنان ، والذي على أساسها تم توقيع بعض الاتفاقات منها : اتفاقية اوسلو، بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الاسرائيلي، واتفاقية وادي عربة بين الاردن والكيان الاسرائيلي .

كذلك ، كان من المتوقع ان يتم توقيع اتفاق بين سوريا والكيان الاسرائيلي ، حيث كانت المفاوضات بين وفدي البلدين على وشك التوصل لاتفاق حقيقي ونهائي لولا قيام احد المتطرفين الصهيانة باغتيال رئيس الوزراء الاسرائيلي في ذاك الوقت إسحاق رابين ، وهو  خامس رئيس وزراء إسرائيلي، وتقلّد هذا المنصب في فترتين؛ الأولى من 1974 إلى 1977 والثانية من 1992 انتهت بإطلاق الرصاص عليه ومقتله في 4 نوفمبر 1995 على يد قاتل يهودي اسمه إيجال عامير، ليصبح رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي الوحيد الذي يقضي اغتيالاً، ويعد رابين من أشهر رجالات الهاغانا .

 على إثر ذلك توقفت المفاوضات وحتى اتفاق اوسلو حول الضفة الغربية وقطاع غزة لم يسلم من عدم تطبيقه وقامت الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة بتوسيع المستوطنات وبناء جدار الفصل العنصري وقضم المزيد من الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية ووضع قيود على دخول الفلسطينيين بما فيهم اعضاء السلطة الفلسطينية من دخول مدينة القدس .

وكان شمعون بيريز رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق وضع في العام ١٩٩٣ كتاباً اسماه الشرق الاوسط الجديد، وضمن تصوراً للمنطقة ودوراً لدوله ، وقد ابقى لاسرائيل الصناعات الاستراتيجية والمصارف وغيرها من الامور الحيوية وترك الفتات للدول العربية ، وذلك الكتاب لم يخرج عن بروتوكولات حُكماء صهيون حول تقسيم دول المنطقة الى كيانات طائفية ومذهبية على ان تبقى اسرائيل الاقوى والقلب فيما بينها .

هذه وجهة نظر صهيونية ، ولا يخفى على كل عربي هذا المخطط وما هو المقصود بالشرق الاوسط الجديد، ولكن الذي ساهم فعلياً في امكانيات التوصل لهذا الشرق الاوسط والذي يتفاخر به رئيس وزراء اكثر حكومة بتاريخ اسرائيل يمينية منذ تأسيسها هي حكومة نتنياهو الحالية ، حيث يعمل على تطبيق وجهة نظر الصهيونية في الشرق الاوسط الجديد والذي يخدم مصالح إسرائيل على ان تُصبح القلب النابض في هذا الشرق . الذي ساهم ولازال يُساهم فعلياً في تحقيق ذلك هو حزب الله ومحور الممانعة التي تقوده اليوم ايران وقبلاً كانت سوريا .

فمحور الممانعة يسعى جدياً عن قصد او عن جهل في تطبيق النظرية الصهيونية في إقامة شرق اوسط جديد يخدم مصالح الدولة الصهيونية في فلسطين وفي هذا الشرق من خلال الممارسات والاعمال التي يقوم بها هذا المحود وذريعته الاساس هو المقاومة وتحرير فلسطين، لكن ذلك يبقى شعارات رعناء فارغة من حقيقة الفعل .

فهذا المحور قام بتدمير قوة الدول العربية في هذا الشرق حتى غدت إسرائيل الاقوى والاكثر فعالية من خلال دخل قومي يزيد عن اربعماية مليار دولار ، بينما دول الطوق وخصوصاً سوريا ولبنان، وزد عليها العراق واليمن دول منقسمة على ذاتها يشوبها الخراب والدمار وتحتاج للمعونات والمساعدات ويعيش شعبها على حافة الفقر او مادون خط الفقر ، ولا زال محور الممانعة يتغنى بالانتصارات المتتالية بينما إسرائيل المهزومة يعيش شعبها رفاهية على مستوى الدخل للفرد وعلى مستوى الخدمات التي تؤمنها دولة الكيان الاسرائيلي بينما ، دول الممانعة ومنها سوريا ولبنان تعيش الانقسام وشعبها يعيشون دون خط الفقر ، اما الخدمات فهي شبه معدومة او غير موجودة ، فسوريا التي كانت دولة يُحسب لها الف حساب اصبحت اليوم دويلات يتقاسمها كل من الروس والايرانيين والاتراك والامريكيين ، اما العراق فحدث ولا حرج ، اما لبنان يكفي النظر الى وضعه الحالي دون رئيس جمهورية وحكومة مستقيلة تقوم بتصريف الاعمال ومؤسسات متهالكة في طريقها الى الانحلال ، ويتفاخر حسن نصرالله زعيم حزب الله بانتصارات إلهية متتالية بينما شعبه في غالبيته متهالكٌ في توفير الغذاء والطبابة والمدارس ولا خدمات اساسية كالمياه والكهرباء وغيرها من اساسيات العيش التي يتطلبها المواطنين .

إذن ، الشرق الاوسط الجديد في طريقه للتطبيق على حساب شعوب الدول العربية بما فيها الشعب الفلسطيني واصبح تحرير فلسطين شعار حق يُراد به باطل ومن خلال هذا الشعار يُقتلُ المواطنون في كل من اليمن والعراق وسوريا ولبنان وفي فلسطين حيث الانقسام بين دويلة غزة التابعة لحماس ربيبة ايران والسلطة الفلسطينية المتهالكة في الضفة الغربية .
باختصار، الشرق الاوسط الجديد رؤية صهيونية بينما هو نتيجة فعل محور الممانعة بقيادة ايران الاسلامية .

Visited 20 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

حسين عطايا

ناشط سياسي لبناني