سياسة الأرض المحروقة لا تعرف الوساطات الديبلوماسية

سياسة الأرض المحروقة لا تعرف الوساطات الديبلوماسية

كاركاسون – المعطي قبال

      بعد زيارة الدعم المتحمسة التي قام بها الرئيس الأمريكي جو بايدن لإسرائيل والتي أعرب فيها عن مساندته اللامشروطة للدولة العبرية، طار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بدوره إلى المنطقة ليكون «أكثر حظا» من حليفه الأمريكي بحيث شملت زيارته المكوكية كلا من إسرائيل، الضفة الغربية، الأردن، مصر. كانت زيارته لإسرائيل بغرض الإعراب عن دعم فرنسا للدولة العبرية، ثم إجراء مقابلة مع عائلات المحتجزين من الفرنسيين- الاسرائليين . وهو في عين المكان فاجئ ماكرون الجميع، بمن فيها وزارة الخارجية الفرنسية بطرحه على شكل مزايدة بلا مصير، إحياء الحلف الدولي المناهض لداعش لمحاربة والقضاء على منظمة حماس.

   هذا المقترح دفع بالعديد من المراقبين إلى التساؤل: أية علاقة لحماس بالدولة الإسلامية؟ اليست هذه الأخيرة ظلا باهتا لنفسها بالساحة؟ فما تبقى من هذا التنظيم لم يسمع صوته خلال الحرب الدائرة الآن. كما كرر نيتانياهو على مسامع ماكرون والصحافيين الذين حضروا الندوة الصحافية، كرر الترسانة المفاهيمية التي سبق أن استعملها بوش، ترامب، ساركوزي بل وحتى فرانسوا هولاند من قبيل «حرب الحضارة ضد البربرية»، «محور الشر» وهي مفاهيم مهترئة تعتبر وقودا أيديولوجيا لحزب الليكود ولكل المحافظين من الجمهوريين الأمريكيين.

   سؤال آخر ورد في بعض التعاليق: هل إرسال طائرات وسفينة فرنسية في اسم «الرعد» محملة بالأدوية كافية لتلميع صورة ماكرون لدى الشارع العربي؟ هل ستنزع هذه الزيارة على المدى البعيد من شوكة الجيش الإسرائيلي أم يتعلق الأمر بتأجيل عملية دك غزة ومن عليها؟ المعروف عن الاسرائليين ممارستهم لسياسة الأرض المحروقة، لذا لا يكفي لزيارة ماكرون لثنيهم عن الدفع بالآليات الحربية وبالطائرات والسفن لتمشيط غزة. بل أثناء زيارته للضفة ولبقية الدول العربية تابعت الطائرات الحربية قصفها للمواقع المدنية بغزة.

   الرهان الأكبر، وهذا عامل من عوامل الحرب المستدامة، يتعلق بصورة إسرائيل، إرادة القوة التي تحركها، غطرستها، وعليه فإن أحد أوجه الحرب هي استرداد هيبتها بعد أن خدشتها حماس بشكل عنيف.

لذا فإن الحرب المستدامة والشمولية قد تشهد كثافة غير معهودة في الأيام والأسابيع القادمة.

Visited 2 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

المعطي قبّال

كاتب ومترجم مغربي - رئيس تحرير مساعد لموقع "السؤال الآن".