الرشوة الجنسية
أحمد حبشي
نظمت ترانسبرانسي المغرب يوم السبت 02 دجنبر 2023 لقاء وطنيا، للتداول حول جوانب من ظاهرة اجتماعية أصبحت تعرف في المجال القانوني بالرشوة الجنسية، حيث تم تسليط الضوء على العديد من الجوانب المرافقة لهذه الظاهرة وكشف معالمها، والدعوة للحد من توسع دائرة مفعولها. خاصة موقعها على مستوى التشريع القانوني وما يرافقه من أحكام قضائية وإجراءات إدارية.
في الورقة التقديمية التي أعدها المنظمون تم تحديد معالم الظاهرة في ثلاثة سمات:
. إساءة استعمال السلطة واستغلالها (تقديم خدمات مفترض أنها مجانية مقابل سلوك جنس يغير مرغوب فيه).
تبادل المصالح والمقايضة: حيث تتم مقايضة مصلحة أو منفعة ما، مقابل الاستجابة لطلب ذو طبيعة جنسية
. الإكراه النفسي والبدني الناتج عن الاستغلال وإساءة استخدام السلطة بسبب اختلال موازين القوى بين الجاني والضحية
من خلال تحديد هذه السمات تصبح الممارسة أو اعتماد بعض مقدماتها، جناية تقتضي إصدار أحكام قضائية تناسب الفعل الجرمي.
تقدم الورقة مجموعة من الفصول القانونية التي تتناول جرم الاستغلال لنفوذ أو سلطة، دون التناول الواضح لجرم تقديم خدمة مقابل ممارسة الجنس، وهو ما يدخل الظاهرة في إطار مختلف مظاهر الفساد الأخرى ولا تبرز خصوصية التعاطي مع هذا المستوى من الاستغلال، الذي يجعل أطرافه غير متساويين امام القانون ولا في تحمل رد الفعل الاجتماعي والنفسي اجمالا. وتشير الورقة إلى أنه في مجال الاجتهاد القضائي ” غالبا ما يتم تكييف جناية الرشوة الجنسية كنوع من التحرش الجنسي” كما ان القانون الخاص بمناهضة العنف ضد النساء ” لا يشير إلى الرشوة الجنسية في تعريف العنف الجنسي” مع العلم أن هذا القانون ” لا يوفر الحماية سوى ضد التهديدات الجسدية التي قد يتعرض لها الضحايا”
كما تم تحديدها في الورقة التي أعدها منظمو اللقاء الوطني. وقد قدمت العديد من التوضيحات والشروحات في المداخلات التي ساهمت في بسط الظاهرة وإبراز أهم الإمكانيات للتصدي لكل مظاهرها وانعكاساتها الاجتماعية والنفسية على الضحايا ومحيطهم.
وللوقوف في مواجهة الظاهرة التي مست الكثير من المناحي المجتمعية، وأثر سلبا على كل المبادرات الرامية إلى تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية. لمواجهة كل ذلك تقترح ورقة اللقاء الوطني لمنظمة ترانسبرانسي المغرب مجموعة من التوصيات أهمها: “
. رصد وتتبع الظاهرة وتحليلها والتعريف بها من طرف المراصد الخاصة بتتبع جرائم الرشوة وجرائم العنف المبني على النوع الاجتماعي
. انجاز دراسات وأبحاث ميدانية وتعزيز المنظومة الإحصائية بالمعطيات حول الظاهرة قصد حصرها والوقوف على مسبباتها، واقتراح تدابير من أجل مكافحتها والوقاية منها
. إنجاز دراسات وأبحاث للمنظومة القانونية وإعداد اقتراحات تعديلها في اتجاه تعزيز فعاليتها في مناهضة الرشوة الجنسية والوقاية منها ومعاقبة الجناة وحماية حقوق الضحايا.
. وضع آليات الاستماع والدعم وللتظلم والانتصاف في كل المرافق العمومية وكل مؤسسات القطاع العام والخاص قصد تشجيع ضحايا الرشوة الجنسية على الجهر والتبليغ عن الرشوة الجنسية، وكسر جدار الصمت الذي يلف هذه الأفعال الدنيئة .
. مأسسة وتعزيز ثقافة المساواة ونظام النزاهة والشفافية والاستحقاق في كل المرافق العمومية وكل مؤسسات القطاع العام والخاص ..
. تنظيم حملات توعوية وتحسيسية لتشجيع ضحايا الرشوة الجنسية على التبليغ قصد كسر جدار الصمت الذي يلف هذه الظاهرة
. تنظيم دورات تكوينية لفائدة منفذي القانون حول التكييف القانوني لظاهرة الرشوة الجنسية ”
كما اقترحت المداخلات صيغا قانونية تحصر الظاهرة وتبرز معالما، لتعزيز الصياغة القانونية لبعض الفصول القانونية، التي تعالج وقائع الرشوة واستغلال النفوذ، وذلك بإبراز معالم الرشوة الجنسية وتحديد سماتها.