حسين عطايا
 
      لاشك أن قرار سحب لواء غولاني من ساحة المعركة في قطاع غزة، يأتي بعد الخسائر الجسيمة التي مُني بها في معارك حي الشجاعية الأخيرة، والتي شكلت خسائر فادحة في العديد والعتاد، وخصوصاً في صفوف الضباط من قادة الكتائب والوحدات العليا من اللواء المذكور.
هذا الأمر جعل لواء غولاني، وفق تقديرات بعض الخبراء الصهاينة، أن خسارته في العديد قد بلغ 25 % وخصوصاً في القيادات العليا، على مستوى قادة الكتائب والوحدات المقاتلة، كما أن خسارته في العتاد العسكري بلغت وفق التقديرات ما يُقارب 40 %، مما شكل حالة غير مسبوقة تؤثر على جاهزية اللواء واستعداداته القتالية للاستمرار في المشاركة في المعركة، مما اضطر القيادة لاتخاذ قرار سحبه من أرض المعركة لإعادة ترميمه.
من المعروف أن لواء غولاني هو من الوية النخبة في الجيش الإسرائيلي، وهو يُعتبر اللواء رقم واحد في الجيش الصهيوني، كونه تأسس في 22 شباط – فبراير من العام 1948، أي قبل ولادة دولة الكيان الصهيوني بأشهر قليلة، وهو تشكل من العصابات الصهيونية التي قاتلت لاحتلال القرى والبلدات الفلسطينية في مناطق الجليل، ومنها أخذ اسمه، أي أن تسميته جولاني، نسبة إلى منطقة الجليل، ويتشكل هذا اللواء من: 
– ثلاثة كتائب من دبابات ميركافا-4 ،
– كتيبة مهندسين 
– كتيبتين من المدفعيّة،  
– كتيبة مظليين وسرية حرب إلكترونية وسرية خدمات طبية، ووحدة ايغوز التي تختص بحرب العصابات وحروب المدن، والتي تأسست للحرب خلف خطوط العدو.
– شعار هذا اللواء هو شجرة الزيتون ذات الخلفية الصحراوية، 
تم تأسيس هذا اللواء على يد ديفيد بنغوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي.
شارك هذا اللواء منذ تشكيله في العديد من المعارك، منذ تأسيس الكيان الصهيوني، وكانت أسوء المعارك التي شارك فيها، في حرب 2014 على قطاع غزة، والتي قُتل فيه قائد اللواء “غسان عليان”، بعد إصابته في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.
لذلك، دخل لواء غولاني الحرب على غزة وفي ذهنية قيادته أن له ثأر مع حي الشجاعية، وبالتالي مهمته المرسومة القضاء على مقاتلي فصائل المقاومة الفلسطينية في مدينة غزة، وخصوصاً في حي الشجاعية، وهذا ما مثل التحدي الأول والأبرز لكتائب اللواء في هذه المعركة، ولكن لم تسر الرياح وفق ما تشتهيه نوايا قادة كتائب اللواء، مما جعل من خسائره الفادحة في حي الشجاعية وجنوب غزة كبيرة وفادحة.
لذلك أقدمت القيادة العسكرية على اتخاذ قرار سحب اللواء من المعركة يوم أمس الخميس، تحت ضغط ظروف الحرب، والتي تكبد خلالها اللواء المذكور خسائر فادحة، جعلت منه غير قادر على الاستمرار في المعركة، نتيجة الخسائر الكُبرى التي مُني بها في العديد والعتاد، مما جعلت منه خارج الخدمة، وتم سحبه من المعركة لإعادة الهيكلة من جديد وترميم الخسائر.
هذا الأمر وفي هذا الوقت بالذات، جعل من الانسحاب خيبة أملٍ كُبرى مُغمسةً بطعم الهزيمة للواء عسكري يُعتبر من ألوية النخبة في الجيش الصهيوني، والذي شارك في كل الحروب الصهيونية وخرج منها منتصراً إلا في حرب غزة، والتي شكلت له هزيمة كُبرى، اضطرت القيادة لسحبه من أرض المعركة، ودفعته ليكون خارج الخدمة العسكرية ولو مؤقتاً، مما يُفسر أن معارك قطاع غزة تختلف من نواحي عدة، أبرزها: 
طبيعة الارض، وطبيعة المقاتلين.
* فطبيعة الأرض والأنفاق تختلف عما سبق من معارك خاضها هذا اللواء، من حيث الأماكن المبنية والأكثر كثافة سكانية على الإطلاق، رغم أن طيران العدو والمجازر المُرتكبة بحق المدنيين العُزل من الفلسطينيين، أجبرتهم على النزوح الإجباري عن أماكن سكنهم.
* أما طبيعة المقاتلين، فهي الأساس، لأن مقاتلي القسام وباقي الفصائل الفلسطينية المقاتلة يختلفون عن الآخرين، من حيث أنهم مؤمنين بقضيتهم ومتمسكين بأرضهم، التي لأجلها هم مستعدون للاستشهاد، ولا خيار آخر لهم يقتنعون به.
لذا، ولأنهم مقتنعون بصوابية قضيتهم، يقاتلون دفاعا عن الأرض والعرض، فهم أشداء ويتحصنون في مواقعهم وأنفاقهم التي حفروها بأيديهم استعداداً لهذه المعركة.
كل ذلك ساهم بهزيمة لواء غولاني وإجبار قيادته على الانسحاب من أرض المعركة، يُلمام شتات ما تبقى منه من وحدات ومعدات تم تفكيكها بأرض المعركة.