في رثاء الرفيق حسون الجبار

في رثاء الرفيق حسون الجبار

أحمد حبشي

     عزيزي الشهم الجبار، كيف اكتفيت برفع يدك المرتعشة في الوداع الأخير… كيف أخفيت بسمتك وعطلت كل الأحاديث عن الجميل من قادم الأيام…. رجتنا الأخبار ونحن في انتظار لقاءك كما أنبأنا ادريس، رفيقك الأكثر وفاء والحاضر في كل لحظات بهجتك وآلامك، حيث تواعدنا على أن نواصل معا بهجة الحياة.

     رفيقي تنحسر الدمعة ويخفق الفؤاد زفرات. هي أيام لفنا دفء وقع صدقها وسمو تآزرها، وفورة الإيمان الواثق بأننا نختلف ومعا نواصل العناد. ستظل بسمتك الوارفة المثقلة بالتفاؤل والتحدي نبراس عزتنا، ومنارة طريقنا إلى أن نلقاك في صفوة الخالدين. خبرنا قوة تأثير انسياب عباراتك العميقة الدلالة في أقسى اللحظات، نتأمل أيامنا العصيبة وكيف اهتدينا على وقع صلابة عنادك، إلى تجاوز جبروت جلادنا الحاقد المنبهر بصولة عزة تعاضدنا. في مخفر جامع الفنا كنت شيخ العابرين صراط الاجتثاث والتسلط المبين. رودت حصار الرفاق في جحر نثن تأثثه أسمال العابرين وبقايا ورق مهترئ، بتعدد وصلات سخريتك من شظف اللحظة وقساوة الجلاد. استعاد كل من شله الاجهاز على هدوء أيامه وانسيابها، صلابة الشجعان وفورة الواثقين من حقهم في حياة العز والكرامة وزلال تدفق الانبساط وتحدي كل الأهوال. لم يرق للجلاد سمو وقع الحياة حيث لا حياة. حكايات وطرائف ظلت تشرق فخرا في الذاكرة والوجدان.

 في المركزي كانت قهقهتك ترعب الرابضين المتربصين والمتوثبين للحد من قوة ردة فعلنا، ونحن نراقص الموت لننعم بالحياة. وفي التفاصيل يقف الواثق من صدق جرأتنا، على حقائق الصمود كما مارسناه في تآزر وتعاضد، يبهر المشككين في حقيقة مرامي غاياتنا، وسمو عزمنا على صد كل تطاول على ما كنا نعتقد فيه بحزم، أنه السبيل لينعم كل الناس بذات القدر من العزة والعيش الكريم.                                                    

    رفيقي الراحل جسدا عن عوالمنا، خالد نبراسا منيرا بين ظهراننا، ستظل المثال الأبرز لترابط القول بالفعل، وقد حرست دوما على أن يكون هندامك في بساطته يعكس حقيقة اختياراتك، وصلتك الوثقى بالكادحين فكرا وممارسة. قريبا من الهموم الكبرى لجحافل المحرومين والمحتاجين، كان الصدق والوفاء خصلة تميزك عن سواك، تبهر في تواصلك السلس مع كل الفئات ومد الجسور مع كل الإرادات. ممارسات راقية تعددت مظاهرها، تبهر كل من اقتفى خطاك أو حاول اكتشاف عوالمك وتحديد حدود عطائك.                

وأنت في مثواك رفيقي الأعز ستظل دليل وجهتنا ومنارة طريقنا، في الفعل الصادق الشفاف البعيد عن الادعاء الزائف والتعالي عن الواقع في مسارات تحوله، كما كنت تجلي جوانبها وتفصل في شرح ارتباط الوقائع والأحداث. فسلام لروحك الطاهرة رفيقي العزيز، وطاب لك الخلود مناضلا شهما ثابتا حتى النزع الأخير، وعهدا على أن نظل على صراط ما اتسمت به خصالك واختياراتك، في السعي المتواصل للدفاع عن حق الجميع في الحياة الكريمة ومباهجها. لا نساوم ولا نخادع تقديرا لروحك الطاهرة وعهدا على ان نظل كما عهدتنا أوفياء.                          

Visited 19 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

أحمد حبشي

فاعل جمعوي وناشط سياسي