إيران والسؤال المطروح

إيران والسؤال المطروح
 
حسین عابديني   
 
      کثيرة ومختلفة هي التهديدات والتحديات الأمنية المحدقة ببلدان المنطقة، ولکن يمکن القول إن التهديد والتحدي غير العادي القائم بسبب دور وتدخلات النظام الإيراني في بلدان المنطقة، هي الأخطر من بينها کلها، مع ملاحظة أن مقدار ودرجة الخطورة تتزايد مع مرور الزمان.
النظام الإيراني الذي يسعى دائما لإظهار نفسه بمظهر الحمل الوديع، ويشدد على أنه يعمل من أجل ضمان الامن والاستقرار في المنطقة، ويدعو لإنهاء التدخلات الخارجية فيها، لکن لا يبدو أن ما يقوله ويزعمه لايمکن أن يتفق أبدا مع ما قام ويقوم به على الأرض.
الأحداث والتطورات الأخيرة التي جرت في المنطقة، والتي أجبرت النظام أن يسير باِتجاه منح الأهمية لإقامة العلاقات مع بلدان المنطقة وتوطيدها، ولکن السؤال الذي يجب طرحه هنا هو: هل إن هذا النظام قد قام بإبداء حسن النية، مع عودة العلاقات مع بعض من بلدان المنطقة بما يجعله جديرا بالثقة؟
الحرب التي اِندلع في غزة على حين غرة، ومع تضارب الأقوال بشأن دوره في إثارتها، لکن هناك اِتفاقا ضمنيا بين مختلف الأوساط السياسية والإعلامية على أن النظام الإيراني يسعى من أجل توظيفها لصالح أهدافه ومراميه، بما يهدد أمن واستقرار المنطقة ويجعلها عرضة للحروب والمواجهات، وحتى أن قيام وکلائه في بلدان المنطقة بهجمات على القواعد الأمريکية، وکذلك على الملاحة الدولية في البحر الاحمر، تؤکد بأن هذا النظام لايزال کما عهدناه، فهو يقول شيئا ويفعل ما يناقضه.
ليس المهم أبدا ما يمکن أن يطلق من تأکيدات من جانب المسؤولين في النظام الإيراني بخصوص التزامهم بأمن واستقرار المنطقة وسعيهم من أجل عدم تفاقم الأمور، وإنما الأهم من ذلك هو أن يجعلوا بلدان المنطقة والعالم أن يلمسوا ما يقولونه عمليا على أرض الواقع، إذ أن إطلاق التصريحات ذات الجانب النظري البحت هو أسهل ما يکون لکل بلدان العالم، ولکن وکما نعلم جميعا لا أهمية لهکذا تصريحات قبالة تصريحات يقترن فيها القول بالفعل.
متى يصبح النظام الإيراني جديرا بالثقة؟ هذا هو السؤال الأهم، والذي يجب طرحه وانتظار إجابته فعليا من جانب قادة النظام الإيراني وليس نظريا. لکي يصبح هذا النظام جديرا بالثقة ويمتلك المصداقية الکاملة لأخذ تصريحاته ومواقفه على محمل حسن، فإنه يجب أن يضع حدا لتدخلاته في بلدان المنطقة والعبث بأمنيها القومي والاجتماعي على حد سواء، وأن يکف عن نهجه المشبوه بإثارة الحروب والمشاکل والأزمات والفتن في بلدان المنطقة، والسعي للتصيد في المياه العکرة، ناهيك عن أن يعمل على ما يجعل بلدان المنطقة بشکل خاص أن تثق بأن برنامجه النووي لأغراض وأهداف سلمية.
هل بإمکان النظام الإيراني أن يقوم بکل ذلك؟ هذا هو السؤال!
Visited 1 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

حسين عابديني

سياسي ومعارض إيراني