مُمكنات التغريب كمشروع وطني بورجوازي؟

مُمكنات التغريب كمشروع وطني بورجوازي؟

عبد الله راكز

الاستبعادات الإيدولوجية

1/ استبعاد أولي:

    لربما تبدو الحركات الإسلامية (لنسميها هكذا تجاوزا)، وكأنها التمثيل الوحيد الاجتماعي والسياسي المعبر عن المجتمع الأهلي، في وجه النظام السياسي المغربي. ربما هذا أيضا، افتراض يومئ إلى شبكة من الاستبعادات الإيديولوجية المتبادلة، ومنها بالأساس استبعاد ممكنات التغريب (وهو جارٍ العمل به الآن) كمشروع شبه وطني، يعلن عن نفسه عبر خطاب نهضوي /إصلاحي (أو هكذا يبدو)، بوصفه خطابا وسيطا بين الخطاب القومجي المعهود، والخطاب اليسراوي المتوفى منذ زمن.

   الغريب أن هذا الخطاب، وبوصفه معتدلا، يتغيى ذاته، قادرا على الاستجابة لممكنات التطور الطبيعي التدريجي للمجتمع، باتجاه مثال أعلى (لن يكون غير المثال الأوروبي؟). قد استُبعد عنفيا من الخطاب البلاغي القومجي أيام البعث المجيد، وكذلك من خلال الخطاب اليسراوي الارادوي، وتوج دفنه من خلال ومن قبل الإسلام السياسي الراهن (الثيوقراطي) بدول البترودولار، والنظام العربي الآخر الموازي (الاوتوقراطي) ومن قبل الغرب، الذي يرفض (طبعا) أي تطور يقود باتجاه امتلاك مثاله؟

2/ استبعاد ثانٍ:

    أما الاستبعاد الثاني وفق هذه الافتراضية، ثنائية الاسلام/ الدولة (وقد تفطن لها حزب الاتحاد الاشتراكي إبان مؤتمر 1975، وكذلك حزب التقدم والاشتراكية بعد استفتاء 1996، وقبله بقليل)، فهو يشير إلى استحالة تحقيق استقلال  الذات الحضارية لـ”الامة”(حسب تعبير عابد الجابري)، كتعبير مستعار من غرامشي، الداعي إلى استقلالية الطبقة العاملة. أو بتعبير آخر أكثر جذرية، الاستقلالية التي تفك الارتباط مع التبعية بجميع أوجهها، من خلال الطابع الخلاق للمشروع الوطني (حتى لا نقول الشعبي)، وفق صياغة سمير أمين، أو (ونحن هنا لا نمالئ أحدا، بل نعبر عن رأينا وتقديرنا فقط). إن ممكنات قيام الدولة الحديثة ذات الانتماء إلى هوية الأمة أو الشعب (سيان في هذا السياق)، وكل ذلك من خلال أفق الاعتراف بالمواطن والمواطنة، كمفهوم بديل لمفهوم الرعية المفتتة إلى أشباه اثنيات عصبية (قبلية، عشائرية، أقوامية أحيانا، بل وطائفية) مُلزمة بالانتفاء النهائي. وهذا كله، ضدا على الغوغاء المسعورة اليوم. من خلال مجتمع مدني ديموقراطي مؤسس على التعاقد الاجتماعي (وليس الريعي)، وفق المشروع النظري النقدي، الذي دشنه ياسين الحافظ، بالرغم من اختلافنا الواضح معه في طرحه العام القومجي، القاضي باستبعاد ممكنات التحرر والنضال من أجله، من المضامين الاجتماعية.

Visited 30 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

عبد الله راكز

حقوقي وناشط سياسي