أكبر عملية تبادل للأسرى بين روسيا والغرب.. من سلمت موسكو ومن استعادت في المقابل؟

أكبر عملية تبادل للأسرى بين روسيا والغرب.. من سلمت موسكو ومن استعادت في المقابل؟

د. زياد منصور

            جرت في اليومين الماضيين أكبر عملية تبادل للأسرى في السنوات الأخيرة  بين روسيا وبعض الدول الغربية. وقد أشارت العديد من المصادر إلى انَّ عدد الأشخاص الذين شملتهم عملية التبادل  بلغ  24 شخصًا، من بينهم ثمانية روس.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قد أصدرت بياناً بشأن الأميركيين الذين دخلوا في قائمة الأشخاص قيد عملية التبادل. وتشمل القائمة الصحفيين إيفان غيرشكوفيتش وألسو كورماشيفا (المعتبرين  في روسيا كعملاء أجانب)، والذين لديهما جنسية مزدوجة -الجنسية الروسية والأمريكية، وأحد عناصر مشاة البحرية السابق بول ويلان، وكذلك السياسي المعارض فلاديمير كارا مورزا، الحاصل على تصريح للإقامة في الولايات المتحدة. (المدرج من قبل وزارة العدل الروسية في سجل العملاء الأجانب). ووصف البيت الأبيض هذه الصفقة بأنها إنجاز دبلوماسي.

وأشارت رئيسة تحرير صحيفة وول ستريت جورنال (WSJ) إيما تاكر إلى أن غيرشكوفيتش سيسافر إلى تكساس بعد إطلاق سراحه. ومن المعروف أيضًا أنه تم إطلاق سراح المنسقة السابقة لفرع منظمة “منصة نافالني” (المعترف بها كمنظمة متطرفة وتم حظرها وتقويض نشاطها في روسيا) في أوفا، ليليا تشانيشيفا (المدرجة على قائمة الإرهابيين والمتطرفين) كجزء من سجينة تبادل.

ثمانية مواطنين عادوا إلى روسيا كجزء من عملية التبادل

    وفقًا لمركز العلاقات العامة التابع لجهاز الأمن الفيدرالي، عاد إلى روسيا ثمانية مواطنين كانوا مسجونين في دول الناتو، بالإضافة إلى أطفال قاصرين. وأشارت الوزارة إلى أن هذا أصبح ممكنا بفضل العمل المضني للدوائر الحكومية المختصة والشركاء الأجانب.

وقد تمت استعادة مجموعة كبيرة من المواطنين الذين حُكم عليهم في بلدان مختلفة بفترات سجن وأحكام خطيرة، بما في ذلك عقوبة السجن مدى الحياة. حيث اتُهموا بالتعاون مع وكالات الاستخبارات الروسية، على الرغم من عدم إثبات إدانتهم في الاتحاد الروسي في عدد من الحالات.

وبحسب تقارير إعلامية، عاد أرتيوم وآنا دولتسيف، وروسلان روبتسوف، وفاديم كونوششينوك، وميخائيل ميكوشين، ورومان سيليزنيف إلى روسيا، بالإضافة إلى رجل الأعمال فلاديسلاف كليوشين، الذي كان مسجونًا في الولايات المتحدة، وضابط المخابرات فاديم كراسيكوف، الذي كان يقضي عقوبة السجن. حكم عليه بالسجن المؤبد في ألمانيا، ووهو الذي قضى على القائد الميداني الشيشاني سليمخان خانغوشفيلي في أغسطس- أب 2019 في ألمانيا. كما أنه كان من الممكن إدراج اسم رجل الأعمال الروسي ألكسندر فينيك، المسجون في الولايات المتحدة، في صفقة التبادل (في ماي- أيار 2024، وافق مع النيابة العامة للدولة على إدراجه في الصفقة، لكن لم يتم فرض أي عقوبة عليه)، لكن تم استبعاده من قائمة التبادل.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أصدر عفوًا عن المساجين في السجون الروسية ضمن  عملية التبادل، حيث وقع على مرسوم عفو شمل 13 شخصا ضمن صفقة تبادل الأسرى. وأشار بيان الكرملين إلى أن رئيس الدولة فعل ذلك بهدف إعادة المواطنين الروس الذين كانوا معتقلين على أراضي دول أجنبية. وشملت مراسيم العفو كل من ويلان بول نيقولاس، ليك كيفين فيكتوروفيتش، غيرشكوفيتش إيفان، فورونين ديموري إيليتش، كارا مورزا فلاديمير فلاديميروفيتش، كورماشيفا ألسو خاميدوفنا، تشانيشيفا ليليا أيراتوفنا، أوستانين فاديم فاليريفيتش، فاديفا كسينيا فلاديسلافوفنا، سكوشيلينكو ألكسندرا يوريفنا، ياشين إيليا فاليريفيتش، بيفوفاروف أندريه سيرجيفيتش، أورلوف أوليغ بتروفيتش

إلى ذلك، أعرب الكرملين عن امتنانه لرئيس بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو على “بادرة حسن النية” والعفو عن المواطن الألماني ريكو كريغر المحكوم عليه بالإعدام في جمهورية بيلاروس. حيث تم إدراج كريغر أيضًا في صفقة التبادل.

إطلاق سراح إيليا ياشين كجزء من عملية تبادل الأسرى

    كجزء من عملية تبادل واسعة النطاق للأسرى، أفرج عن النائب السابق لبلدية موسكو إيليا ياشين (المعترف به من قبل وزارة العدل الروسية كعميل أجنبي)، والذي حُكم عليه في روسيا بالسجن لمدة 8.5 سنوات في السجن المركزي العام  بتهمة نشر أخبار مزيفة حول القوات المسلحة الروسية. وفي 30 يوليو- تموز، أشارت المحامية تاتيانا سولومينا إلى أن ياشين نُقل من الإصلاحية رقم 3 بالقرب من سمولينسك، حيث كان يقضي عقوبته، إلى وجهة غير معروفة.

في ديسمبر-كانون الأول 2022، صدر حكم على هذا السياسي. وبحسب التحقيق، فقد قام النائب السابق بنشر مقطع فيديو على موقع يوتيوب يحتوي على معلومات كاذبة حول أداء  الجيش الروسي في مدينة بوتشا الأوكرانية. ياشين لم يعترف بالذنب. وفي السجن، تم توثيق وجود ميول لنشر التطرف لدى الأخير، بحيث تم وضعه في السجن الانفرادي.

وقال الرئيس الأمريكي جو بايدن، خلال مؤتمر صحفي عقب الحدث، إنه يتمنى لمن هم على قائمة التبادل “أن يكونوا سعداء في العودة إلى ديارهم”. وأضاف الرئيس الأمريكي إن “محنتهم انتهت وهم أحرار”.

فاديم كراسيكوف الشخصية الرئيسية في الصفقة بين روسيا والغرب.

    وصف العديد من المراقبين  أن الموطن الروسي فاديم كراسيكوف، الذي حُكم عليه بالسجن مدى الحياة بتهمة قتل الإرهابي الشيشاني والمواطن الجورجي زليمخان خانغوشفيلي في برلين، بأنه “أساس  الصفقة”.  وقد وافقت السلطات الألمانية على التبادل، مطالبةً في المقابل بأكثر من 10 سجناء روس. ورفضت وزارة الخارجية الألمانية التعليق على التبادل، وقالت فقط إن الوزارة ليست مسؤولة عن إطلاق سراح أي شخص. وبحسب وسائل الإعلام، كانت النيابة العامة الألمانية “غاضبة” من إطلاق سراح كراسيكوف، واعتبرت ذلك “تنازلاً لروسيا. صرح  شتيفن هيبشترايت، المتحدث باسم المستشار أولاف شولتز، إن قرار تبادل كراسيكوف كان صعبًا على الحكومة الألمانية.

بناءً على المعطيات، فإن صفقة التبادل هذه  تعد أكبر عملية تبادل منذ سنوات عديدة. ظهرت التقارير الأولى عن قرب لحظة التبادل المحتمل قبل يومين – في 29 يوليو- تموز. ثم، وللمرة الأولى، ظهرت معلومات عند مجموعات دعم السجناء  والمعتقلين في روسيا حول وجود عدد من نشطاء المعارضة المدانين في روسيا في مكان مجهول.

إذ وفق هذه التقارين فقد اختفى المدانون التالية أسماؤهم من السجون: الفنانة ألكسندرا سكوشيلينكو، والناشطتان ليليا تشانيشيفا وكسينيا فاديفا، الرئيس المشارك لمركز حقوق الإنسان ميموريال (تم إدراجهما في سجل العملاء الأجانب) أوليغ أورلوف، والسياسي إيليا ياشين (كلاهما معترف بهما كعملاء أجانب في روسيا)، وكذلك المواطن الروسي والألماني كيفن ليك.

وفي المقابل، اختفت البيانات والمعطيات من مكتب السجون الفيدرالي الأمريكي المتعلقة بالمواطنين الروس المعتقلين في السجون الأميركية، وهم: فلاديسلاف كليوشين، وألكسندر فينيك، ومكسيم مارشينكو، وفاديم كونوشينكو.

الإطار القانوني والسياسي للتبادل

    يتم تنظيم تبادل الأسرى في القانون الدولي أثناء فترة النزاعات العسكرية المسلحة في المقام الأول بموجب اتفاقيات جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب لعامي 1929 و1949. عادة ما يتم التبادل على أراضي دولة ثالثة، والتي تتخذ موقفا محايدا. وفي الوقت نفسه، لا توجد أعمال عدائية مفتوحة بين روسيا وبيلاروسيا من ناحية، والولايات المتحدة وألمانيا من ناحية أخرى، لذا فإن هذا الإطار القانوني غير مناسب وفق هه الحالة

في حالة التبادل هذه، فإن أحكام اتفاقية ستراسبورغ لمجلس أوروبا بشأن نقل الأشخاص المدانين لعام 1983 أكثر ملاءمة كإطار قانوني، والأهم من ذلك أن الولايات المتحدة وكندا طرفان فيها أيضًا. هي التي تنظم نقل أولئك الذين صدر بحقهم حكم من الدرجة الأولى.

هكذا تعتبر اتفاقية ستراسبورغ آلية عمل فعالة. ولكن هناك مبادئ حول المعاملة بالمثل، وكذلك شروط مهمة مثل موافقة الشخص المحكوم عليه، ووجود حكم نهائي نافذ، وتوافق العقوبة مع قوانين الدولة المستقبلة. وهذا يتعلق بشكل رئيسي بنقل الأشخاص المحكوم عليهم لقضاء عقوبتهم في الدولة التي يحملون جنسيتها أو في دولة أخرى.

بالإضافة إلى ذلك، قد يكون في مثل هذه الحالات دور لاتفاقية باريس لمجلس أوروبا بشأن تسليم المجرمين لعام 1957، من جهة أخرى، روسيا بخروجها من مجلس أوروبا خرجت أيضًا من الاتفاقيات ذات الصلة. وبشكل عام، في مثل هذه التبادلات، كل حالة تكون فردية ويتم التفاوض على التفاصيل أولاً بشكل غير علني بمشاركة أجهزة المخابرات، والتي يتم بناء عليها توضيح الأسس القانونية.

على أن مصطلح “التبادل” هو مصطلح سياسي أكثر منه قانوني، رغم أن الدول تمتلك الآليات الإجرائية والتشريعية اللازمة لذلك. فأي ‘تبادل’ في هذه المرحلة التاريخية هو نوع من هجين سياسي-قانوني يهدف إلى تحقيق الأهداف السياسية للدول المشاركة فيه. لكنه يحمل في الوقت نفسه خيرًا لا شك فيه لجميع الأشخاص المعنيين بهذا العملية.

بالإضافة إلى اتفاقيات ستراسبورغ المذكورة أعلاه والاتفاقيات الأوروبية الأخرى في روسيا، يتم تنظيم إجراءات الإفراج بموجب قانون الإجراءات الجنائية والأحكام المتعلقة بالمساعدة القانونية والتعاون الدولي في القضايا الجنائية، بما في ذلك نقل الأشخاص المدانين لقضاء عقوباتهم في الدولة التي يحملون جنسيتها.

 إن تبادل المحكوم عليهم بين الدول لا يعني تلقائيًا إزالة أو إلغاء الإدانات والأحكام، لأن الهدف الرئيسي المعلن هو نقل الشخص المحكوم عليه لقضاء عقوبته في الدولة التي يحمل جنسيتها أو في دولة أخرى بناءً على اتفاق متبادل.

فإلغاء أو إزالة الإدانة هي إجراء داخلي منفصل، تنظمه الدول المختلفة بطرق مختلفة. بعد العفو، لا يجب على الشخص الذي تم العفو عنه أن يقضي عقوبته في أي مكان، وبالتالي فإن التبادل يحل بشكل أكبر مسألة مكان إقامته المستقبلية وربما جنسيته. فالعفو هو فعل من أعمال الشفقة والإنسانية، إما يعفي من العقوبة المتبقية أو يخففها. لا توجد إجراءات قانونية محددة للتبادل، وعادة ما يعني ذلك العفو عن الشخص وتسليمه مقابل آخر ممن حصلوا على العفو في الجهة المقابلة. ويتم التفاوض على جميع الموافقات والشروط أثناء المفاوضات، بشكل مجازي – المقايضة. عند العفو، يحق للرئيس إزالة السجل الجنائي بالكامل.

ذوبان جليد في العلاقات، أم ماذا؟

    في ظل الظروف الحالية من المواجهة، يمكن تقييم هذا الحدث بشكل إيجابي ليس فقط للأفراد المعنيين مباشرة، ولكن أيضًا للعلاقات الثنائية بين روسيا والولايات المتحدة، ، فلا يمكن التقليل من أهمية هذه المسألة. أخيرًا، وجدت روسيا والغرب نقاط اتصال بشأن قضية مؤلمة مثل تبادل السجناء. هذا خطوة أولى مهمة نحو التطبيع”.

إن عملية التبادل هذه كبيرة للغاية، ولم يكن هناك مثيل لها في روسيا من قبل. ويمكن أن يفتح التبادل  كوة في العلاقات المتوترة في هذا التوقيت، بل هو مؤشر على تغييرات في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة أو بين روسيا والدول الغربية الأخرى. ورغم ذلك فإن  الطريق بدءًا من التبادل الحالي للسجناء إلى وقف الأعمال القتالية طويل ومعقد، ولا ينبغي توقع تقدم سريع في الحوار.

في المقابل فإن  مثل هذه الصفقات كانت موجودة أيضًا خلال فترة الحرب الباردة. وكانت هذه الممارسات لا ترتبط دائمًا بطبيعة العلاقات بين الكتلة السوفيتية والدول الغربية. لذلك، رغم أن حقيقة وجود هذه التحركات تعتبر إيجابية إلى حد ما لأنها تسمح بحل مشاكل محددة، إلا أنه من غير المرجح أن تساعد في تغيير اتجاه العلاقات، التي لا تزال في أزمة عميقة.

وعلى الرغم من النطاق الهائل للتبادل، فمن غير المرجح أن يكون علامة على تحولات جدية في علاقات روسيا مع الولايات المتحدة ومع الغرب بشكل عام. وفي الوقت نفسه، يعد هذا مساهمة  في الرصيد السياسي لنائبة الرئيس الأمريكي والمرشحة المحتملة عن الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية كامالا هاريس. من المحتمل جدًا أنها ستلتقي بالمواطنين الأمريكيين المفرج عنهم وتحاول تقديم هذا كإنجاز للدبلوماسية الأمريكية، وهو ما دفع الإدارة الحالية للموافقة على عملية التبادل هذه في مثل هذه الظروف المعقدة في العلاقة بين البلدين.

يعتقد بعض المراقبين الآخرين أن هذا التبادل لا يعني أي تحسن في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة. التبادل هو ضرورة. تحدث هذه العمليات بشكل منتظم حتى بين روسيا وأوكرانيا، لكن هل يدل ذلك على تطبيع العلاقات؟ إنها ضرورة تهم جميع الدول. لذلك، بالرغم من أن الحرب الباردة كانت حربًا باردة، فإن التواصل لا يزال قائمًا، وقد يفضي مع اقتراب الانتخابات الأميركية إلى بحث يطال قضايا عدة تطال الحرب في أوكرانيا، والدليل على ذلك إعلان أكثر من مرجع رفيع في الإدارة الأوكرانية عن رغبة الأخيرة في التفاوض مع روسيا.

موقف مرشحي الرئاسة الأميركية من صفقة التبادل

    أصبحت أكبر عملية تبادل للأسرى بين روسيا والدول الغربية منذ الحرب الباردة عاملاً مؤثرًا في الحملة الانتخابية في الولايات المتحدة. يحتفل الديمقراطيون – رئيس البيت الأبيض جو بايدن والمرشحة الرئاسية المحتملة لعام 2024 كامالا هاريس – بـ “نجاح الدبلوماسية الأمريكية” منذ يوم الخميس. لم يكل السيد بايدن أبدًا من الإشادة بإدارته والتقى شخصيًا بالأمريكيين المحررين في قاعدة أندروز الجوية (ميريلاند). وفي الوقت نفسه، تحدثت مصادر لوسائل الإعلام الأمريكية عن الدور المهم الذي لعبته السيدة هاريس في التحضير للتبادل. لكن الجمهوريين، ممثلين دونالد ترامب الساعي للعودة إلى البيت الأبيض، والمرشح لمنصب نائب الرئيس جي دي فانس، وجدوا سببا لكيل الانتقادات بشأن ما حصل.

احتفل الرئيس الأمريكي جو بايدن، مستخدمًا عبارته الخاصة، بنجاح “الإنجاز الدبلوماسي الأمريكي”. الحديث هنا عن أكبر تبادل للسجناء منذ فترة الحرب الباردة الذي جرى يوم الخميس. قامت روسيا وروسيا البيضاء بتسليم 16 شخصًا، من بينهم ثلاثة مواطنين أمريكيين: الصحفيان إيفان جيرشكوفيتش وألسو كورماشيفا (التي تحمل أيضًا الجنسية الروسية) وجندي مشاة البحرية السابق بول ويلان. بالإضافة إلى ذلك، تم الإفراج عن الناشط السياسي فلاديمير كارا-مورزا (الذي يعتبر عميلاً أجنبيًا في روسيا)، وهو حامل للبطاقة الخضراء الأمريكية. ومن جهة أخرى، قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها – سلوفينيا وألمانيا والنرويج وبولندا – بتسليم روسيا ثمانية سجناء بينهم اثنان من الأطفال القصَّر.

في البداية، ظهر جو بايدن أمام الصحفيين في البيت الأبيض، محاطًا بأقرب أقارب مواطنيه الذين تمت مبادلتهم، والذين كانوا في ذلك الوقت متوجهين بالفعل إلى أمريكا. وبعد ذلك، توجه الرئيس إلى قاعدة أندروز الجوية (ميريلاند)، حيث التقى بالطائرة مع سجناء سابقين. وكان معه أيضًا نائب الرئيس كامالا هاريس ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان (اجتمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أيضًا مع الروس الذين وصلوا إلى وطنهم عند مدخل الطائرة في مطار فنوكوفو -2).

في تعليقه على الصفقة، كرر جو بايدن بصيغ مختلفة أن الأمر يتعلق بـ”إنجاز دبلوماسي وصداقات”، والذي كان ليكون مستحيلًا بدون حلفاء الولايات المتحدة وبدون العمل الدقيق للإدارة الديمقراطية. قال بايدن إن العمل بدأ “حتى خلال فترة نقل السلطة” بعد فوزه في الانتخابات في نوفمبر-تشرين الثاني 2020، حيث كلف الرئيس المنتخب فريقه بـ”متابعة جميع حالات الاحتجاز غير المشروع” للأمريكيين. وأضاف: “الحالات التي ورثناها أساسًا من الإدارة السابقة”، مستغلًا الفرصة لانتقاد سلفه دونالد ترامب. ثم أشار إلى أن “وزارة خارجيتي قامت بعمل ضخم”، كما لو كان يبرز الفارق مع سياسة الرئيس الجمهوري.

في الوقت الذي كان فيه جو بايدن يتباهى بعمله من البيت الأبيض، اكتفت نائبة الرئيس كامالا هاريس بنشر منشور على وسائل التواصل الاجتماعي X أعربت فيه عن “سعادتها الكبيرة” لمعرفة أن معاناة المواطنين الأمريكيين المفرج عنهم قد انتهت. وأضافت هاريس أن الإدارة “لن تتوقف عن العمل حتى يتم إعادة كل أمريكي تم احتجازه بشكل غير عادل أو أخذ كرهينة إلى الوطن”.

لكن المنشور لم يكن هو الأمر الوحيد. حيث تحدثت كامالا هاريس عبر الهاتف مع أرملة المعارض أليكسي نافالني، يوليا، ثم توجهت إلى قاعدة أندروز الجوية. في الوقت نفسه، نشرت صحيفة The Wall Street Journal مقالاً استناداً إلى مصادر مطلعة يفيد بأن نائبة الرئيس لعبت دوراً حاسماً في إعداد التبادل. وبشكل خاص، خلال مؤتمر ميونيخ للأمن في شباط، التقت هاريس بكل من المستشار الألماني أولاف شولتز ورئيس وزراء سلوفينيا روبرت جولوب “لحث الزعيمين على تسريع الصفقة”. ووفقًا للمصادر، كانت كامالا هاريس حازمة في حديثها مع مسؤوليها.

في هذه الأثناء، لم يبتعد الجمهوريون أيضاً عن الأخبار، إذ وجدوا فيها سبباً لانتقاد إدارة بايدن. وتساءل دونالد ترامب عبر وسيلة التواصل الخاصة به The Truth:: «متى سينشر الديمقراطيين  تفاصيل تبادل الأسرى مع روسيا؟ هل ندفع لهم (للسلطات الروسية) نقدًا أيضًا؟” كان ترامب يشير إلى الاتفاق مع إيران، حيث عاد خمسة أمريكيين إلى الوطن العام الماضي، بينما وعدت الولايات المتحدة بتجميد أموال طهران من بيع النفط. واشتبه الرئيس السابق في أنه ربما تم تقديم بعض التنازلات لروسيا أيضًا. وأضاف ترامب: “من المثير للاهتمام لأننا لا نبرم صفقات جيدة أبداً، لا في أي شيء، ولكن خاصة في تبادل الرهائن. دائمًا ما يفضح مفاوضونا سمعتنا! لقد أعدت العديد من الرهائن ولم أعطِ الدولة المعادية شيئًا أبداً، ولا أموالاً”.

لم يكن الجمهوريون في الكونغرس أيضًا على عجلة من أمرهم للاعتراف بنجاح الإدارة الديمقراطية. فقد صرح رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، مايكل مكول، بأنه يشعر بالفرح لعودة المواطنين الأمريكيين، لكنه أضاف أن قرار “تبادل الأمريكيين الأبرياء مع مجرمين روس حقيقيين محتجزين في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، يرسل إشارة خطيرة إلى بوتين، التي تشجع فقط على مزيد من عمليات احتجاز الرهائن”.

استخدم المرشح لمنصب نائب الرئيس جي دي فانس منطقًا أكثر أناقة. في مقابلة مع شبكة CNN، صرح بأن الصفقة هي “أخبار رائعة، على الأقل بناءً على ما نعرفه قليلاً”. وفي الوقت نفسه، افترض الجمهوري أن التبادل حدث فقط لأن “الأشرار في جميع أنحاء العالم يدركون أن دونالد ترامب سيعود قريبًا إلى منصبه لإعادة النظام”. وأضاف: “هذه شهادة على قوة دونالد ترامب”، كما اختتم المرشح المحتمل لمنصب نائب الرئيس الأمريكي.

Visited 123 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. زياد منصور

أستاذ جامعي وباحث في التاريخ الروسي