رد حزب الله يقفل ملف اغتيال شكر
أحمد مطر
أظهرت ردود الفعل على الرد، الذي تبناه حزب الله ضد إسرائيل انتقاما لاغتيال القائد العسكري البارز في الحزب فؤاد شكر، رغبة متقاربة بعدم التصعيد نحو حرب مفتوحة وواسعة النطاق، بالرغم من كل التهديدات المتبادلة التي واكبت عملية الرد طوال نهار امس، ما يؤشر إلى انحسار نسبي في اجواء الاحتقان والتهديد بالحرب المتبادلة، التي سادت بعد عملية الاغتيال مباشرة، والتحضير للدخول بمرحلة جديدة، ينتظر ان تتكشف معالمها، بعد معرفة ما ستؤول اليه اجتماعات صفقة وقف اطلاق النار وتبادل الرهائن والمحتجزين الإسرائيليين والاجانب والمعتقلين الفلسطينيين بين حركة حماس وإسرائيل في القاهرة والتي تحظى باهتمام ملحوظ واستثنائي من الولايات المتحدة الأميركية والدول المعنية بالتفاوض، لانجازها في وقت قريب.
ويلاحظ ان حزب الله استبق الساعات الاخيرة والحاسمة في مجريات التفاوض، لانجاز الصفقة، للرد على إسرائيل لئلا يصبح بعد إتمام الصفقة أكثر صعوبة، ويعطي إسرائيل ذريعة اقوى للقيام باعتداءات واسعة النطاق ضد الحزب، بغطاء اقليمي ودولي.
وبذلك يكون الحزب قد نفذ وعوده وتهديداته بالرد، وأرضى مؤيديه وجمهوره، بمعزل عن آلية الرد وملابساته ونتائجه الميدانيه على الارض من جهة، وفي الوقت نفسه لم يخرج عن اطار قواعد الاشتباك المعمول بها منذ اشتعال جبهة الجنوب، ويتسبب بتوسعة نطاق المواجهة العسكرية مع إسرائيل إلى حرب مفتوحة من جهة ثانية.
عدة محاذير سقطت فجر 25 آب وما تلاه من تطورات تلت رد الحزب على اغتيال قائدها العسكري فؤاد شكر ومعمعة الضربة الاستباقية الإسرائيلية، لكنّ اللعبة بقيت ضمن حدود المسموح ولم تخرج عن إطار كان يرسم بدقة أكبر على طاولات مفاوضات هدنة غزة في القاهرة مروراً بالدوحة وصولاً إلى واشنطن وحربها الرئاسية.
تؤشر وقائع رد حزب الله على إسرائيل وخلاصاته، الى توجهات ضمنية للطرفين معا، لولوج تهدئة تدريجية غير معلنة، بعد حرب الاشهر الماضية الطويلة، والتي جاءت خلافا لكل توقعات الطرفين معا، ومعها حركة حماس أيضا، بما يفتح الباب واسعا امام معاودة المفاوضات التي يتولاها المستشار الرئاسي الاميركي اموس هوكشتاين، للتوصل إلى تفاهم ينهي الأوضاع المتدهورة جنوبا بين الحزب وإسرائيل في وقت قريب خلافا لكل التوقعات السابقة، استنادا إلى القرار الدولي رقم 1701، الذي يؤكد لبنان على الالتزام بتنفيذه، ويحضر كل مستلزمات القيام بالمهمات المنوطة بتنفيذ اي اتفاق يتم التوصل اليه، لارساء الامن والاستقرار جنوبا، بما فيه تجهيز العناصر والعتاد العسكري اللازم لذلك.
ولكن يبقى توظيف اي تهدئة محتملة جنوبا، استنادا الى تطورات الساعات الاخيرة، بعد رد الحزب على إسرائيل، مرتبطاً بالتقدم الذي تحرزه مفاوضات صفقة وقف النار في غزة بين حركة حماس وإسرائيل وبدونها قد يكون صعبا التوصل إلى أي اتفاق نهائي على الحدوداللبنانية الجنوبية.
وهذا يعني اذا تحقق الاتفاق المطلوب، ولم يتم عرقلته وتعطيله نهائيا وإن كان هذا مستبعدا حتى اليوم، دخول لبنان من خلال تهدئة جبهة الجنوب، المرتبطة بحرب غزة، كما اصبح متعارفا عليه بالداخل والخارج، مرحلة جديدة، أمنيا وسياسيا، وهي تتطلب الاستعداد لها، من كل المسؤولين في السلطة وخارجها والتحسب والتحضير للافكار والرؤى المطلوبة، للاستجابة السريعة لمتطلباتها وتداعياتها على كل الصعد.
واولى الخطوات المطلوبة، انهاء حالة الانقسام السياسي الداخلي والتنابذ، والتقارب بين مختلف الاطراف وتحقيق حد ادنى من التفاهم، لإعادة تكوين السلطة المنهارة حاليا، وتفعيل المؤسسات والادارات العامة واولى الخطوات، انهاء الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة تتولى ادارة السلطة والنهوض بالدولة، وتفعيل الخدمات الضرورية للمواطنين وتنشيط الدورة الاقتصادية، والقيام بمتطلبات إزالة مخلفات الاعتداءات الإسرائيلية على الجنوب اللبناني، واغاثة المتضررين.
وحتى اليوم، يلاحظ ان المسؤولين على كافة المستويات، ليست لديهم اي افكار او خطط جاهزة، للتعاطي مع مابعد مرحلة انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، وكلهم في حالة انتظار ما يمكن ان تكون عليه المرحلة الجديدة، والتعاطي مع المستجدات ساعة بساعة، إما بسبب تشرذم السلطة من جهة، وإما بانتظار مؤثرات التفاهمات والاتفاقات الاقليمية والدولية وانعكاساتها على الواقع الداخلي اللبناني، لاسيما توظيف سلاح حزب الله بالتاثير سلبا اوايجابا على الواقع السياسي الداخلي.
ختاماً، يُخشى ان تنعكس نتائج ما بعد الحرب الإسرائيلية على غزة، وتهدئة الوضع جنوبا، سلبا على الساحة السياسية الداخلية، وتزيد من تعقيدات الازمة المتواصلة، لاسيما اذا كان هناك اصرار على تكرار نتائج المواجهة الجنوبية نحو الداخل اللبناني، كما جرى بعد حرب تموز في العام 2006، والمترتبات السلبية الخطيرة عنها على لبنان كله.
Visited 75 times, 1 visit(s) today