هل أقفل الحزب ملف الرد ليفتح ملف التسوية؟!

هل أقفل الحزب ملف الرد ليفتح ملف التسوية؟!

أحمد مطر

     بعد رد الحزب على إسرائيل تكثفت الاتصالات الدبلوماسية لاستيعاب المشهد. وهكذا حصل. من جهتها بادرت إسرائيل إلى القبول بعدم الرد على الرد، وبعض الاوساط الدبلوماسية تتحدث عن رغبة الحزب بإنهاء هذه الحرب، فجاءت كلمة الرئيس نبيه بري مؤكدة لرغبة لبنان بالذهاب إلى تطبيق القرار الدولي 1701 وإنهاء الحرب الإسرائيلية على لبنان. وهكذاالتقطت عواصم الدول المعنية مباشرة بلبنان هذه اللحظة واعتبرتها مناسبة لإحداث خرق رئاسي يُنزل الجميع عن الشجرة. فباشرت بتحرك متجدد عبر تصريحات عدد من سفراء الخماسية وعبر الإعلان عن عودة الخماسية في منتصف أيلول للانعقاد. 
وعليه اتى تحرك اللجنة الخماسية بعد اجتماع لودريان في الرياض مع نزار العلولا مع امكانية زيارته بيروت في حال الوصول إلى إيجابيات مشتركة في الرئاسة. فعلى ماذا تراهن الخماسية لنجاح مسعاها هذه المرة، وما الذي تغير في حسابات الثنائي للذهاب إلى تسوية وهذا ما ستعبر عنه الفترة المقبلة. 
لا يكفي أن يقول الرئيس نبيه بري مؤخراً، ان الاستحقاق الرئاسي، ليس مرتبطا بانتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، لفك أسر الانتخابات الرئاسية، والمباشرة بانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع ما يمكن، بعدما اظهرت مواقف حليفه حزب الله وممارساته منذ بدء هذه الحرب عكس ذلك تماما، في حين يظهر الشلل في تحركات الوسطاء، من اللجنة الخماسية المؤلفة من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا والمملكة العربية السعودية ومصر وقطر، إلى جانب الموفدين المنفردين، استحالة في تحقيق اي اختراق ملموس، يساعد في انتخاب رئيس للجمهورية، بمعزل عن انتهاء هذه الحرب.
أصبح من الصعوبة بمكان انتخاب رئيس الجمهورية، مادامت جبهة الجنوب مشتعلة بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي، وكل المساعي والجهود الديبلوماسية التي قام بها المستشار الرئاسي الاميركي أموس هوكشتاين، واسفرت عن وضع تصور متكامل لإنهاء هذه المواجهة، مرتبطة بوقف الحرب على غزة استنادا لما نسب اليه من مواقف بهذا الخصوص، بعد أكثر من زيارة قام بها إلى لبنان وإسرائيل، وآخرها بعدما غادر المنطقة بانتظار صفقة غزة، ليعاود مهمته ويضع تصوره لإنهاء المواجهة العسكرية بالجنوب والاتفاق بين لبنان وإسرائيل، لإرساء الامن والاستقرار بالمنطقة، موضع التنفيذ الفعلي.
ولذلك، اصبح الربط محكماً بين انهاء حرب غزة، والتوصل الى اتفاق نهائي لاحلال الامن والاستقرار في الجنوب، وبعدها انتخاب رئيس للجمهورية، والا لكان بالامكان تحريك ملف الانتخابات الرئاسية وانتخاب الرئيس، ولما استمرت اجواء الاحتقان السياسي، والانقسام الحاد بين الاطراف المعنيين، واجهاض كل محاولات تقريب وجهات النظر بين الاطراف، في سبيل التوصل إلى تفاهم يؤدي إلى الخروج من دوامة الجمود السائد، وتسهيل انتخاب الرئيس العتيد.
أكثر من ذلك، لو كان بالامكان فصل ملف انتخاب رئيس الجمهورية المعقد اساسا، منذ بداية الدخول في المهلة الزمنية لهذا الاستحقاق بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون قبل ما يقارب السنتين، لكانت المواقف والتصريحات التي يطلقها أكثرية الأطراف السياسيين حاليا، أقل حدة عما نشهده في الوقت الحاضر وتتسم بالتقارب والانفتاح، وتجاوز العوائق والصعوبات التي تعترض انتخاب الرئيس، بكل السبل الممكنة بينما تزيد تصريحات التحدي والتشبث بالمواقف والطروحات الجامدة، إلى تأجيج الخلاف الحاصل والاستمرار بالدوران في دوامة أزمة تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية كما يحصل حالياً.
لا تؤشر الوقائع إلى تبدل الأجواء السابقة التي أدت إلى تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية، بربط الانتخاب بانتهاء حرب غزة، بل على عكس ذلك تماما، الكل يرصد ما ستؤول اليه المساعي والجهود المبذولة لإنهاء هذه الحرب، ويحضر نفسه لما بعدها، بينما تعبر مواقف التباعد والقطيعة الحاصلة، عن قناعة بعدم حلول موعد انتخابات رئاسة الجمهورية بعد، وكل ما يحصل من مناوشات سياسية، يصب في خانة تقطيع الوقت الضائع، بانتظار التوصل إلى صفقة التبادل ووقف النار في غزة وبعدها، قد تصبح الأجواء ملاءمة أكثر للخوض بانتخابات رئاسة الجمهورية عما هي عليه حالياً.
Visited 52 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

أحمد مطر

صحفي وكاتب لبناني