حرب لبنان من دون جبهة إسناد.. و”كوما” ديبلوماسية دولية!
إذا لم تكن هذه حرب شاملة على لبنان، فما هو اسمها أو توصيفها إذن؟! وهذه الحرب لا تحتاج لاستكمالها سوى لدخول، أو لمحاولة دخول، اسرائيلي بري!
إعصار الغارات الإسرائيلية يستهدف في كل لحظة القرى اللبنانية، الجنوبية، بشكل خاص. ولكنه لن يتأخر للوصول إلى بيروت والضاحية الجنوبية، ليقتل المزيد من المدنيين، بحجة استهداف صواريخ حزب الله!
والأرقام تقترب في لبنان من سقوط 300 شهيداً و5.000 جريح وحوالى 1.000 غارة جوية في أسبوع واحد! ويمكن للأسف إضافة أرقام جديدة، قد تصل إلى صفر واحد على يمين هذه الأرقام في شهر أكتوبر – تشرين!
وستستعمل إسرائيل، كما يمكن من قراءة أسلوبها في هذه الحرب، ضربات على حزب الله ولبنان على 3 مستويات؛ العسكري، الاستخباراتي والسيبيراني، وهي بالتأكيد تتقاطع فيما بينها. بانتظار تحريك ألوية المشاة والألوية المدرعة والبحرية تجاه لبنان، أو حتى مع خطر تنفيذ إنزالات في مكان ما أو أكثر!
هذه الحرب الشاملة، بدأت تستهدف القرى والمدنيين لبث الذعر والرعب ولتشكيل ضغط كبير على حزب الله بالضغط على بيئته وبيئة لبنان!
وهي ستستهدف لاحقاً ضرب البنية التحتية للبنان في معظم المناطق اللبنانية، بالإضافة إلى “الأهداف العسكرية”! مع دعم لوجستي وتكنولوجي من حاملات طائرات أميركية ليست بعيدة عن الشاطىء اللبناني!
وبالتأكيد، فإن الطاقة من خزانات نفط وبنزين ومازوت ومحطات محروقات… وكهرباء، وحتى مشاريع الطاقة الشمسية، وأيضاً الجسور… ستكون في قمة الأهداف العسكرية لضرب كل إمكانية للحركة.
وستستمر إسرائيل بإمطار لبنان بالصواريخ والقذائف، وستهدأ المسيّرات بعض الشيء. فالقصف العشوائي الكثيف يحل أكثر محل الأهداف الدقيقة بتوسيع رقعة الأهداف في العمليات العسكرية، التي ستبررها إسرائيل باستهداف منصات إطلاق الصواريخ، مخازن الذخيرة، مصانع الأسلحة وغيرها.
سيستمر حزب الله في الرد على إسرائيل، بشكل شبه منفرد عن حلفائه، للمحافظة على حد أدنى مما يعتبره توازن الرعب منتظراً مشاة ومدرعات إسرائيل في الداخل، حيث يمكن أن يتفوق في الردع، كما في مجزرة الميركافا في وادي الحجير في حرب 2006!
ومع ذلك، يعتبر الكثيرون أن ردود حزب الله خجولة! وهي قد تكون أكثر الممكن “إقليمياً! ومن غير المرجح أن يكون هناك جبهات إسناد لحزب الله وللبنان من سوريا وإيران، باستثناء بعض الطلقات من اليمن أو العراق، وسط استمرار معاناة أهل غزة الكارثية! والحرب على غزة لن تقف قريباً! والجانب الاسرائيلي كان قد فصلها عن حرب لبنان.
الحرب السيبيرانية على حزب الله ولبنان!
من المؤكد أن إسرائيل لم تنهِ بعد ما في جعبتها من “مفاجآت” ضد حزب الله ولبنان، بعد “مفاجآت” تفجيرات “البايجرز” وأجهزة اللاسلكي.
إذ يتواجد في الداخل الإسرائيلي أكبر قوة “سيبيرانية” في العالم مع حوالى 470 شركة، معظمها في تل أبيب! والتي يمكن أن تكون تحولت بمعظمها الى شبه ثكنات عسكرية سيبيرانية!
سيبيرانياً، كل الالكترونيات والبطاريات والليتيوم الموصولة إليها، ووسائل الاتصالات وموجات الاتصالات والانترنت يمكنها أن تكون وسائل وأهدافاً! ولكنها، وسائل أكثر منها أهدافاً، إذ يصعب تكرار “تفخيخ” أجهزة أخرى، وبالطريقة نفسها.
ولكن ليس مستحيلاً تفخيخ أجهزة الدرون مثلاً أو أجهزة تستعمل في تصنيع المسيّرات أو أجهزة التحكم عن بعد… وصولاً الى أجهزة الكومبيوتر وأخواتها! ويجب على اللبنانيين التنبه من ذلك الآن، قبل الغد!
ولم تعد هذه السيناريوهات “هوليوودية” بعد 17 و18 أيلول/سبتمبر الماضيين.
اختراق الاتصالات والاختراقات الأمنية!
إن اختراق الاتصالات والتنصت وشبكاتها على المكالمات الهاتفية والرسائل الإلكترونية سلاح لا شك أنه يُستعمل بقوة ضد حزب الله ولبنان، بالإضافة بالتأكيد إلى الاختراقات الأمنية وشبكة العملاء في داخل بيئة الحزب.
كما أن الحصول على معلومات وفيديوهات ومسح مناطق كاملة لأجهزة التواصل والموبايلات المختلفة قام بتحويل عملية الرصد هذه إلى ملايين الأهداف المتنقلة والثابتة مع ألف هدهد وهدهد!
استمرار موجة الاغتيالات!
عسكرياً، لا ولن تتردد إسرائيل في قصف المناطق السكنية في مختلف المناطق التي يتواجد بها قادة حزب الله العسكريين، حتى ولو أسقطت مدنيين كثر، كما تفعل في عملياتها الحالية المستمرة، أو كما فعلت في اغتيالات “القائم” الأخيرة للقائد العسكري لحزب الله ابراهيم عقيل ورفاقه، وللقائد فؤاد شكر من قبله!
وستستهدف إسرائيل مزيداً من كوادر حزب الله في سلسلة الاغتيالات المستمرة. وهي ما تزال في إطار التركيز على القادة العسكريين من دون استهداف القادة السياسيين في الحزب أو في الأحزاب الحليفة، حتى الآن.
ومع ذلك، وبدرجة أقل، ستستهدف إسرائيل حزب الله “بالجملة وبالمفرق” بالاغتيالات الفردية وبالاستهداف الجماعي. ولكن خاصة مع الأهداف الكبرى. وهي ستستهدفه في داخل لبنان، وفي خارجه، خاصة في سوريا!
استهداف خارج الحدود!
في إطار “الضربات الموجعة جداً”، قد تستهدف إسرائيل أيضاً أساليب تمويل حزب الله، والشخصيات التي تعتبر أنهم وراء هذا التمويل. وقد يتمّ الاستهداف خارج الحدود اللبنانية.
الردع الديبلوماسي في “الكوما”!
فعلياً، ليس هناك أي رادع لإسرائيل اليوم! فهي تستمر في تنفيذ الاغتيالات، حتى ولو قتلت العشرات من المدنيين والأبرياء مقابل “صيد موفق” واحد! وهي طبعاً لا تخشى أحد!
وقد نجحت إسرائيل في تعطيل كل الحركة الديبلوماسية الدولية وأثبتت خلال سنة من الجولات العنفية، كما في السابق، أنها فوق القانون الدولي؛
ولا تخضع إسرائيل لا لضغوط إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، ولا لنصائح وطلبات جوزيه بوريل الأوروبية، ولا لتحذيرات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ولا لحركة الموفدين من أنطوني بلينكن إلى آموس هوكشتاين إلى جان إيف لودريان…
وقد رفضت إسرائيل “بيع” موقف التهدئة في المنطقة لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن “خدمةً” للمرشحة الديمقراطية كاميلا هاريس في الانتخابات الرئاسية الأميركية! علّ الرئيس دونالد ترامب، صديق بنيامين نتانياهو، يستفيد من عصب الحرب على لبنان في حملته الرئاسية!
ولا تتأثر إسرائيل لا بقرارات الهيئة العامة في الأمم المتحدة، ولا بقرارات محكمة العدل الدولية، ولا حتى بقرارات مجلس الأمن، إذا ما اجتازت “مثلث بيرمودا” للفيتوهات الأميركية!
الحرب الشاملة بدأت، ولا يعرف أحد متى وكيف يمكن أن تنتهي!