عن القرار مُنتهي الصلاحيّة (1701)

عن القرار مُنتهي الصلاحيّة (1701)

نضال آل رشي

       بعد دقائق من نهاية خطاب نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم وتأكيده على “استمرار جبهة الإسناد لغزّة، والجهوزية الكاملة للقتال”، أعلن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي بعد لقاءه مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي بأنّ لبنان ” مستعد لتطبيق القرار 1701 وأنهم مستعدون فور وقف إطلاق النار إرسال الجيش اللبناني لحماية الحدود بالمشاركة مع القوات الدولية “.

للوقوف على هذا التضارب في التصريحات، من المهم فهم هذا القرار الأممي، وبعد فهمه طرح السؤال التالي “هل يستطيع لبنان (الدولة) تطبيقه بمعزل عن أمرين: أولاً موافقة حزب الله وثانياً إعادة تشكيل الداخل اللبناني واستعادة سيادة الدولة؟”.

 الإجابة على هذه الأسئلة تحدد فيما إذا كان مثل هذا الإعلان سيلعب دوراً في إيقاف الحرب الدائرة حالياً، أم أنه مجرد كلام فارغ لم تعد تأخذه لا إسرائيل ولا الأطراف الدولية بعين الإعتبار، وأنّ القرار 1701 بات قراراً منتهي الصلاحية.

القرار الدولي 1701 هو قرار صادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بتاريخ 11 أغسطس- آب 2006.

تم إقراره في سياق إيقاف الحرب الإسرائيلية على لبنان في تموز 2006 وفض النزاع الدائر آنذاك بين إسرائيل وحزب الله، ووضع إطار طويل الأمد لاستقرار الوضع في لبنان.

يمكن تقسيم القرار إلى ثمان نقاط رئيسية أهمها النقاط 3 و5 و7 و8

  1. وقف الأعمال العدائية:

ينص القرار على وقف الأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله، حيث دُعي كلا الطرفين إلى وقف إطلاق النار بشكل فوري وشامل.

  1. انسحاب القوات الإسرائيلية:

طالب القرار إسرائيل بسحب قواتها من لبنان، مع تسليم المناطق إلى القوات المسلحة اللبنانية وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان اليونيفيل (لم يتم التنفيذ من الجانب اللبناني وتم التسليم شكلياً فقط)، واحترام السيادة اللبنانية والحدود المعترف بها (لم يتم التنفيذ من الجانب الإسرائيلي)

  1. انتشار القوات اللبنانية:

ينص القرار 1701 على ضرورة استعادة الدولة اللبنانية سيطرتها على كامل أراضيها، وخاصة المنطقة الجنوبية المحاذية لإسرائيل، والتي كانت تُعتبر معقلاً رئيسياً لحزب الله. وفي إطار ذلك طالب القرار بنشر القوات المسلحة اللبنانية في الجنوب، جنوب نهر الليطاني (لم يتم التنفيذ من الجانب اللبناني)

  1. تعزيز قوات اليونيفيل:

تم تعزيز قوات اليونيفيل، من حيث العدد والصلاحيات، لتشرف على وقف إطلاق النار وتساعد في إعادة بسط سلطة الدولة اللبنانية في جنوب البلاد. بالإضافة إلى ذلك، تم توسيع ولاية اليونيفيل لتشمل مراقبة وقف الأعمال العدائية والمساعدة في التنسيق بين الأطراف.

  1. نزع سلاح الجماعات المسلحة:

هذه النقطة تعتبر من أكثر البنود حساسية في القرار. نص القرار 1701 على:

“نزع سلاح جميع الجماعات المسلحة غير الحكومية في لبنان، بما في ذلك حزب الله”. (لم يتم التنفيذ من الجانب اللبناني). الهدف من هذا البند هو حصر السلاح في يد الجيش اللبناني فقط، كما ينص اتفاق الطائف الموقع في 1989، والذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية.

  1. الحظر على الأسلحة:

ينص القرار على “فرض حظر على إدخال الأسلحة غير المرخصة إلى لبنان، وخاصّةً إلى حزب الله”. (لم يتم التنفيذ من الجانب اللبناني) وتم تكليف قوات اليونيفيل بالمساعدة في مراقبة الحدود ومنع تهريب الأسلحة (لم يسمح الجانب اللبناني بذلك)

  1. التسوية النهائية:

يشير القرار إلى ضرورة التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اللبنانية، بما في ذلك تنفيذ بنود اتفاق الطائف وقرارات الأمم المتحدة السابقة، ولا سيما القرار 1559، الذي دعا إلى انسحاب القوات الأجنبية من لبنان وحل الميليشيات. (لم يتم التنفيذ من الجانب اللبناني)

  1. الدور الدولي:

طلب القرار من المجتمع الدولي تقديم الدعم الإنساني العاجل للبنان والمساعدة في إعادة الإعمار بعد انتهاء الأعمال القتالية. (تم التنفيذ)

ختاماً، وبالرغم من قناعتي الشخصية بأن القرار 1701 أصبح خلفنا بأميال، وأننا بتنا في مكان آخر تماماً لا تحكمه القرارات الدولية بقدر ما تحكمه الرؤيا الاسرائيلية في إعادة تشكيل الخارطة الأمنية والجيوسياسية في المنطقة. من الواضح أنّ القرار 1701 يحمل في طياته أكثر بكثير من إعادة انتشار الجيش اللبناني في جنوب نهر الليطاني، وأنّ لا قدرة للدولة اللبنانية الضعيفة على تطبيقه أو حتى ضمان تطبيقه بمعزل عن موافقة حزب الله وإعادة تشكيل الداخل اللبناني المهترئ، ما ينبئ باستمرار التصعيد والمزيد من الكوارث على كافة المستويات الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية.

 المصادر:

  • وثائق الأمم المتحدة الخاصة بالقرار 1701
Visited 32 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

نضال آل رشي

كاتب وباحث