مذكرات الخريف: الحسين الحياني (2-7)

مذكرات الخريف: الحسين الحياني (2-7)

  صدوق نورالدين

غاب الصحافي الرياضي والكاتب عن مشهدنا الحياتي. طوى زمن رحلة تآلفنا معه نحن جيل الخمسينيات. نترقب لحظة إطلالته على أمل أن يحافظ الأبيض والأسود على ذاكرته، قبل أن يغزو اللون حياتنا، ويميز بين من يملك ومن لا يملك.

 كان الحسين الحياني رحمه الله تعالى يوازي بين الصحافي الرياضي، حيث يحرص على تقديم نشراته وبرامجه الرياضية بالدقة نفسها، والبشاشة المترعة بالفرح. وحتى في حال نقله مباريات من مدن أخرى يجعل مكون الوصف الأداة التي تحول المستمع إلى متابع تفاصيل المباراة كأنه يحيا اللحظة داخل الملعب. على أنه الكاتب، لم يغادر حقله الرياضي في المؤلفات التي تركها وستظل تذكره. وأظنه في “صهيل منتصف الليل” (2008)، جسد مشاهد حياتية، إذ لم يكتب رواية وإنما سيرة ذاتية. وأعتقد بأن الموت حال دون تقديمه كتابه “الملك الحسن الثاني:54 سنة معارك وقرارات رياضية” (2024).

بيد أن ما يلاحظ على شخص الكاتب فيه، طبيعة اختياره المادة التي يجدر التأليف والكتابة فيها وعنها. ويحق القول بأن الموسوعية التي تفرد بها، إلى وفرة المراجع، بمثابة العوامل الرئيسية التي تهب ما سيؤلف خلوده واستمراريته.

 ولعل مما أذكره وبقوة، أني زرته في مكتبه بإحدى الجرائد الوطنية لما كنت مراسلا رياضيا محليا، وهي النقلة الثانية في مسار تمارين الكتابة، فسألني عن المدينة التي قدمت منها فأخبرته بـ”أزمور”. فطلب مني أن أجلس في انتظاره ريثما ينهي كتابة مقال، أو تحرير خبر رياضي. أما وهو يفرغ من عمله فأخذني إلى جانبه في سيارة (رونو4) وقصدنا بيته حيث تغذينا معا. وأشير هنا إلى أن من حمل الوجبة إلينا ابنه وهو طفل صغير حينها يحمل عوينات طبية.

 رحم الله تعالى الصحافي والكاتب الحسين الحياني، وأسكنه فسيح جنانه.   

Visited 10 times, 10 visit(s) today
شارك الموضوع

صدوق نور الدين

ناقد وروائي مغربي