نزيف المشافي الجزائرية
كاركاسون- المعطي قبال
منذ عدة سنوات والملف يسمم العلاقات بين فرنسا والجزائر. واليوم، وعلى خلفية التشنج الحاصل بين البلدين، أماطت السلطات الفرنسية اللثام على مجموعة حقائق لتبيان أن الجزائر بدل أن تسكت حيال هذا المشكل، تزيف الحقائق وتتهم فرنسا باطلا. من بين ما كشفت عنه فرنسا مثلا مبلغ مستحقات الديون الواجب آداؤها من طرف الجزائريين، لمستشفيات باريس وحدها والتي بلغت أزيد من 45 مليون يورو، هذا دون الحديث عن مستحقات مرضى تم علاجهم بمدن ليون ومارسيليا. ويذكر أن موظفا في القنصلية الجزائرية بمدينة ليل ترك وراءه فاتورة بمبلغ 30.000 يورو بعد إقامته بالمستشفى.
هذا يطرح مسألة حملة جوازات السفر الديبلوماسية الذين يفدون للمستشفيات ويخلفون بعد مغادرتهم لها فاتورات بمبالغ دسمة. في المحيط التابع لوزارة الداخلية، يرغب هذا الطرف في طرح المشكل على الطاولة فيما يخالفه الرأي كل من وزير الصحة ووزير الشؤون الخارجية. هل يفكران في مسح الديون من دون تعويضات أم يفكران في مراجعة اتفاقية 1968؟
على أي تبقى الجزائر من بين مجموع الجاليات المقيمة بفرنسا الوحيدة التي تتصرف على هذا المنوال. ويذكرنا هذا التصرف أنه بعد 6 عقود على استقلال البلد وعلى الرغم من توفره على خيرات طبيعية من غاز وبترول، لا يزال قطاع الصحة مهترئا، تحكمه سلوكات المحسوبية والشطط ويبقى «المستعمر القديم» بر الأمان الضامن لصحة الجنرالات وبعض الأعيان من الجزائريين. عوض أن يبني البلد ويطور مشافي لعلاج المواطنين، يفضل «الدفع بهم» إلى فرنسا للتداوي على حسابها.
يفسر هذا الوضع هجرة الأطباء، بل فرارهم للعمل بفرنسا، كندا وبلدانا أخرى. وتقدر الإحصائيات المتوفرة إلى الآن عددهم في فرنسا وحدها بـ 15.000 طبيب، الشيء الذي يفسر أننا أمام نزيف طبي يعاني منه بلد المليون ونصف المليون شهيد!
قطاع الصحة هو أحد المعايير التي يقام على ضوئها مستوى التنمية لبلد ما. في هذا النطاق، تبقى الجزائر بلدا متخلفا مثلها مثل العديد من دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية.