التحدي غير الصعب!

التحدي غير الصعب!

هشام بن الشاوي

         ليس دفاعا عن “الشناقة” ولا عن الفلاحين الكبار، لكن وزارة الفلاحة مطالبة بأن تتعامل مع هذا الملف بالكثير من الحكمة، فالأمر لم ينته عند القرار الحكيم والرشيد لعاهل البلاد بإلغاء شعيرة النحر. صحيح أن الشعب المغربي راض وسعيد، ويترقب في لهفة أن تتهاوى أسعار اللحوم الحمراء، مثلما حدث مع أسعار التبن والمواشي…

لن نكتب عن المضاربين والمحتكرين ولا عمن قدموا معلومات مضللة أثناء إحصاء مواشيهم، وأخفوها عند الجيران خشية صعود المؤشر، فانقلب السحر على الساحر؛ فهؤلاء لا يهمهم سوى “تسمين”  أرصدتهم البنكية.

لن ندافع عمن لا يملك ذرة من الوطنية.. هناك فئات هشة، وهم الفلاحون الصغار، الذين تحملوا غلاء الأعلاف، كل هذه الشهور العجاف، دون أي دعم حقيقي من الوزارة الوصية، ولن تستطيع  هذه الفئة الهشة تحمل تبعات البيع بـ “نصف الخسارة”، فهو بمثابة الضربة القاضية لها، بعد أن تخلى أغلب الفلاحين عن تربية المواشي، بسبب تداعيات الجفاف.

لا ينبغي أن ينحصر كل تفكيرنا في أن يكون سعر اللحم في المتناول.  يجب أن نفكر في صيغة دعم للفلاح الصغير، الفلاح الحقيقي، الذي كان يدعم اقتصاد بلاده طوال سنوات، قبل أن يقفز “الشناقة” الكبار إلى المشهد، المتطفلون الذين يفكرون  بآلة حاسبة، سواء صدروا أو استوردوا… نحن في حاجة إلى فلاح مسكون بهموم هذا  الشعب، لهذا نطالب وزارة الفلاحة أن تدعم الفلاحين الصغار، وهنا ستطفو  إلى السطح مبادرات بعض جمعيات المجتمع المدني، التي  تؤازر الأسر المعوزة  والفئات الاجتماعية الهشة بمشاريع خيرية لتربية الغنم أو الماعز أو الدجاج وغير ذلك.

يجب أن تتعامل الوزارة الوصية بحزم شديد، وتتصدى لعمليات بيع وذبح إناث الغنم والبقر، واستيراد سلالات تستطيع التأقلم مع الظروف المناخية لبلادنا، وهذا باب لن نستطيع الإسهاب فيه، ونتركه لخبراء الوزارة المعنية، ونقترح وضع مكافآت تحفيزية للمربين الصغار من أجل التنافس الشريف، مع متابعة دقيقة لكل المراحل.

إنه ملف شائك بالفعل، ولم ينته عند تصريحات هنا وهناك. فنحن مطالبون – جميعاً- في التفكير في أنجع السبل من أجل تحقيق الأمن الغذائي، بعد فشل عمليات الاستيراد، لهذا ينبغي أن يتحلى بالكثير من الوطنية من يحتكرون استيراد الأعلاف والحبوب وكل ما له علاقة بتربية المواشي، من أجل استعادة القطيع الوطني، والاكتفاء بهامش ربح ضئيل مع الإعفاء الجمركي طبعا من طرف الجهات المختصة،  وتشديد المراقبة حتى تصل المواد المدعمة إلى من يستحقها من الفلاحين الصغار.

ختاما، لا ينبغي أن ننسى أهم شيء في هذا الملف، وهو الديون، فينبغي التفكير في طريقة في تدبير هذا الملف، حتى لا نجد كل الفلاحين خلف القضبان، سواء بتأجيل السداد أو الإعفاء من جزء يسير منها، ومثلما أشرنا في بداية هذا المقال، فنحن ندافع عن الفلاح الصغير، ولا يهمنا من وقع في شر أعماله. نحن ندافع عمن يسكنهم هذا الوطن، فعدم التعامل بحكمة مع هذا الملف، سيؤزم الوضع أكثر، وسيزيده احتقانا بهموم سوسيو اقتصادية إضافية كالبطالة، الهجرة القروية، و.. و…

دعونا نضرب عصفورين بحجر واحد، نوقف زحف الهجرة القروية وندعم شباب القرى والمداشر بمشاريع تربية المواشي، مع مكافآت تحفيزية، كما أشرنا من قبل. حلول مثالية، قد تبدو صعبة، لكن بالقليل من الوطنية، نستطيع النجاح في هذا التحدي. المهم أن تتظافر جهود عدة جهات، ومن وزارات مختلفة، وحتما، ستنجح…ِ

Visited 2 times, 2 visit(s) today
شارك الموضوع

هشام بن الشاوي

قاص مغربي