معاناة طيور البطريق ونزيف غزة!

عبد العلي جدوبي
أحدثت قرارات الرئيس الأمريكي دونال ترامب بفرض رسوم جمركية على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة الأمريكية، صدمة في الأسواق العالمية، وسط مخاوف خبراء الاقتصاد من أن تؤدي تلك التعريفات الجديدة إلى ركود اقتصادي وحرب تجارية وتباطؤ النمو وعودة التضخم من جديد، وقد تجعل أمريكا الخاسر الأكبر.!
شملت الرسومات الجمركية كما هو معلوم 184 دولة، ولم تستثن حتى الجزر الصغيرة النائية التي لا تقطنها سوى طيور البطريق، كما جاء في صحيفه “وول ستريت جورنال”، بما فيها جزيرتي هرد وماكدونالدز الخاليتين من السكان، القابعتان وسط تلال الجليد، كما طالت الرسومات الجمركية – حسب الصحيفة- جزر كوكوس، التي لا يزيد عدد سكانها عن 600 نسمة.
أما في أقصى شمال الأرض فقد فرضت الرسوم أيضا على جزيرة (بان ماين) النرويجية المهجورة التي لا يقطنها سكان دائمون، وعلى أصغر جزيره في العالم وهي جزيره ناو برو في جنوب المحيط الهادي، وكذا جزيره توكيلاو التي يبلغ عدد سكانها 1500 شخص، توجد في الدائرة القطبية، وجميع سكانها من طيور البطريق الجميلة، ولم تسلم حتى البحيرات التي تستقر بها من اتلاف من طرف الشركات الأمريكية العملاقة، التي تجري عمليات تنقيب عن الغاز والبترول..
واعتبر العديد من خبراء الاقتصاد أن مثل هذه الرسوم على الجزر الصغيرة النائية، هي نوع من العبث الاقتصادي، وهو اعتراف ضمني بأن المنافسين لأمريكا، حتى الصغار منهم، يتفوقون عليها في بعض القطاعات الحيوية، فتلجأ لمعادلة الرسوم الجمركية، وبالتالي معادلة الكفة لصالحها، لكن حالة الجزر الصغيرة يبدو أن الأمر يشبه الهزل، وأن هذه الحرب التجارية الأغبى في العالم، كما وصفها خبير اقتصادي بصحيفة |وول ستريت جورنال“.
من جانبها رأت صحيفة “الجارديان” البريطانية، في تقييمها لقرار ترامب فيما يخص تاثيره على بعض الدول الإفريقية على مستوى القارة، بأنه قرار متسرع وسيء للغاية، محذرة من أن مثل هذا الإجراء قد يدفع العديد من الدول الإفريقية المتضررة إلى مزيد من الاعتماد على الصين أكبر شريك اقتصادي لإفريقيا حاليا، وهو ما يضر أيضا بالعلاقات الأمريكية الإفريقية .
وكانت جزيرة لسوتو، التي يبلغ عدد سكانها 2 مليون نسمة، قد طالتها التعريفات الجمركيه بالنسبه 46%، مدغشقر بـ 47%، وأنغولا بنسبه 32%، وجنوب افريقيا بالنسبه 30%..
أما نصيب الدول العربية من الرسومات فكانت نسبة 10% تشمل كل من مصر والسودان ولبنان واليمن والسعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين والمغرب وموريتانيا وعمان وجزر القمر.
أما سوريا فجاء نصيبها بنسبه 41%، والعراق 39%، والأردن بنسبه 20%، وتونس 20%، والجزائر 30%، وليبيا بالنسبه 31%.
وبحسب صحيفة “الجارديان” فإن الرئيس الأمريكي ترامب يتخذ مثل هذا الإجراءات كعصا سحرية قادرة على إعطاء دفعات إيجابية للصناعة الأمريكية، ومحاولة إعادة التوازن في الميزان التجاري الأمريكي، والقضاء على العجز في الميزانية الأمريكية. لكن خبراء اقتصاد رأوا أن الرئيس الأمريكي يقود العالم الآن نحو إشعال حرب تجارية عالمية، قد لاتستثني أحد .
غزة تنزف
تشهد الأسواق العالمية فوضى عارمة منذ إعلان رئيس الأمريكان حزمة من الرسومات تشمل العديد من دول العالم، في الوقت الذي تنزف فيه غزة التي يعيش ما تبقى من أهلها على جحيم قصف الطيران الحربي الإسرائيلي، للخيام الممزقة تحت رؤوس من فيها من أطفال ونساء (164 ألف شهيد و14 ألف مفقود)..
نتنياهو يريد استغلال الحدث لصالحه، بالتباحث مع إدارة البيت الأبيض حول الترتيبات المزمع إجراؤها بشأن تهجير سكان غزة وضرب إيران.. في هذا الصدد أعلن وزير مكتب الخارجية الأمريكي (ماركو روبيو) إنه بحث مع نتنياهو تطورات الوضع في غزة والرسوم الجمركية التي تم فرضها على الدول العربية..
غزة الآن خالية من سكانها، والهدف المرسوم لدى الإدارة الأمريكية هو السيطرة عليها كليا وبشكل النهائي.. فأعين الرئيس الأمريكي منصبة على مخزون الغاز الموجود قبالة شواطئ غزة، والذي يقدر في حالة استخراجه بـ 54 مليار في السنة. لكن العقبة التي تقف أمام مطمح الرئيس الأمريكي هي وجود حماس في السلطة، ويجب إزالتها والقضاء عليها مهما كلف ذلك من ثمن، والمعروف من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه مشهود له باسلوب التفاوض القائم على رفع سقف التهديدات قبل الوصول إلى اتفاق، وقد يكون هذا السيناريو هو ما يحدث في غزة!!
أما في مناطق أخرى فسرعان ما تقوم القنوات الدبلوماسية في نزع الأزمة من خلال التوصل إلى اتفاقية جديدة ترضي الطرف الأمريكي..
هذا ورجحت مجلة “واشنطن اكزامينز” وجود احتمال بأن يوسع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استراتيجيته وضغوطاته السياسية، لتشمل الدول العربيه إذا ما استمرت في رفض مطالبه باستقبال اللاجئين الفلسطينيين وفق خطته الرامية إلى تهجير سكان غزه من مناطقهم !
لقد كشف ترامب شهر فبراير الماضي عن عزم الولايات المتحدة الأمريكية السيطرة على قطاع غزة، ونقل الفلسطينيين من غزة إلى الدول المجاورة، على أن تكون لأمريكا ملكية طويلة الأمد في القطاع، وأن أناسا من جميع أنحاء العالم سيعيشون في غزة بعد إعادة تطويرها، ويجعل المنطقه كما قال (ريفيرا الشرق الأوسط) .