لبنان: معارضات الثورة والتغيير وغياب المشروع الوطني

لبنان: معارضات الثورة والتغيير وغياب المشروع الوطني

حسين عطايا

أصبح من الواضح أن غياب المشروع الوطني للمعارضات أو مجموعات الثورة في لبنان، يزيد تعقيدات خوضها للانتخابات، ما يجعلها عاجزة عن تحقيق رغباتها في الفوز بكتلةٍ وازنة قد تساهم بالتغيير المنشود، وتدفع بالانصار وبقية المواطنيين الى ردة فعل عكسية تزيد نسبة الاحباط لدرجة اليأس. 

هذا الأمر يخدُم قوى المنظومة الحاكمة وحاميها، مما يجعلها تنجح في تعويم نفسها، واستعادة شرعيتها التي افتقدتها على مدى ما يُقارب السنتين ما بعد 17 ثورة تشرين 2019، هذا الامر قد يدفع إلى ردة فعل عكسية من المواطنين ويسهم في نشر موجة كبرى من الاحباط يدفع باللبنانيين الى الاستسلام لتدوم فترة طويلة من الزمن، وربما تحتاج لسنوات من أجل إستعادة روح الانتفاضة أو الثورة، كما حصل ما بعد ثورة الأرز في العام 2005 إثر إغتيال الرئيس رفيق الحريري، والذي أدى بالمواطنين الذين نزِلوا الى الساحات نتيجة تقاعس قيادات الرابع عشر من أذار وتخاذلهم امام “حزب الله” وقوته التي تعاظمت بعدها، مما سهل عليه مغامرة السابع من ماي- أيار في عام 2008، أي عملية غزوة بيروت وفرض شروطه في تسوية اتفاق الدوحة التي لا زلنا ندفع أثمانها اليوم. 

لذلك، فإن المطلوب من قوى المعارضة على إختلافها الآتي: 

– الخروج من فيء ظل عباءة الأنا القاتلة والتي تفرق ولا توحد. 

– إتخاذ قرار واضح في المواجهة بعيداً عن الغرور والشعارات الشعبوية الرنانة والتي لن تُفضي الى أي فوز أو نجاح، اي التواضع مع إتقان فن المواجهة السياسية بعيداً عن عنجهيات ونظريات شعبوية لن تُوصل أصحابها إلا الى إنكسار يؤدي الى الخروج من الحياة السياسية. 

– مطلوب أيضا رؤية سياسية سيادية، مترافقة مع رؤية إقتصادية قابلة للتطبيق لتكون برنامج عمل للمستقبل القريب يمكن تطبيقه، في حال الفوز بكتلة برلمانية وازنة. إن ما تعيشه المعارضات ومجموعات الثورة او ما يُسمى قوى تغييرية اليوم لهو دليل فاقعٌ وواضحٌ على الانقسام على جميع المستويات، وسيؤدي حتما الى الانكسار والهزيمة في حال لم يتدارك العُقلاء منهم قبل فوات الآوان.

 الانتخابات النيابية ليست عمليةً سهلة، بل تتطلب عملا دؤوباً متواصلاً على كل الصعد والمستويات، خصوصا إذا ما اخذنا بعين الاعتبار ماتملكه قوى المنظومة من سلاحٍ ومال وسلطة. لهذا، يجب الابتعاد عن الشعارات الجوفاء والسعي لبناء تحالفات انتخابية بعيدا عن شعار “كلن يعني كلن” والذي فقد وهجه ودوره اليوم، مما يساهم في الفوز بكتلة برلمانية وازنة نستطيعُ من خلالها تحقيق برامجنا في التغيير المنشود وفي الاصلاح واقتلاع قوى منظومة الفساد، وعلى رأسها حاميها ومُنظم شؤنها وبرامجها، عنيت بذلك “حزب الله” الذي قوض الدولة اللبنانية وسلبها أبرز اختصاصها في إمتلاك حصرية السلاح بيد القوى الشرعية وأخذ منها عنوةً حصرية قراري الحرب والسلم. الى العمل اليوم وقبل الغد، على الرغم من الفترة الفاصلة لم تعد كثيرة، بل لازال في الامر فرصة، لتوحيد الصفوف وفي ذات الوقت التخلص من ودائع السلطة الممثلة في بعض المجموعات أو الأحزاب والحركات والتي بدأت تباشيرها تظهر في بعض الترشيحات بدءا مما يسمى حركة الشعب “نجاح واكيم”، وما سيليها من ظهور البعض الاخر، وأن يبدأ العاملين على ملف الانتخابات في توحيد الرؤيا والرؤى، وصولا الى عدم تعظيم وتكبير حجم النتائج المتوقعة، حتى لا تنعكس بعد الانتخابات في نتائج سلبية قد تقضي على كل أمل في التغيير وتُحبط المواطنيين وتزيد انكسارهم في غدٍ افضل.

Visited 5 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

حسين عطايا

ناشط سياسي لبناني