الانتخابات اللبنانية: فتور حماس الناخبين والمعارك بين اهل السلطة

الانتخابات اللبنانية: فتور حماس الناخبين والمعارك بين اهل السلطة

أحمد ترو

إنه قانون انتخابي مشوه، صاغته القوى السياسية المتحكمة بمفاصل الدولة لإعادة إنتاج نفسها من جديد، والاستمرار في سرقة المواطن اللبناني وحرمانه من أبسط حقوقه وإيصاله إلى قعر جهنم، وإبقاء الوطن دمية بين الأيادي الخارجية.  

هذا القانون بتشوهاته قد يكون أكثر العوامل التي تشكل جدارا قويا أمام أي عملية تغيير يطمح إليها عدد كبير من اللبنانيين المؤمنين بضرورة الإطاحة بالسلطة وفرز دم جديد، هدفه الأساسي إعادة بناء الدولة. ع

لى الرغم من تعديل قانون الانتخاب رقم 44/2017 بما يتناسب مع أهوائهم ومصالحهم السياسية، إلا أن المعركة الانتخابية حادة وشرسة بين أطراف القوى السياسية نفسها، حتى داخل اللائحة الواحدة التي قد تكون مكونة من مرشحين ومرشحات لأحزاب متناقضة تماما في سياساتها وتوجهاتها، لكن الطمع في الكرسي جعل منهم حلفاء مؤقتين، ومثال ذلك رئيس حزب التوحيد العربي، والمرشح عن المقعد الدرزي في دائرة الشوف ــ عاليه، وئام الوهاب، الذي لم يكن يترك مناسبة إلا ويلوم فيها “التيار الوطني الحر” ويحمله مسؤولية انهيار البلد، لكن عندما اقترب موعد الانتخابات أخذ التيار حليفا له وتناسى خلافاته معه. وكذلك مع النائب طلال أرسلان الذي يتنافس معه على الزعامة الدرزية التي كتبت على مدى سنوات طوال للعائلة الجنبلاطية.

 والسؤال هل من الممكن أن يثق أهالي دائرة الشوف ــ عاليه بمثل هؤلاء الزعماء؟ وهل سيتهافتون على صندوق مساعدات غذائية” أو مجموعة من الدولارات لبيع ضمائرهم؟ أم أنهم سيصبون أصواتهم في المكان الصحيح ويغيروا لو القليل من المعادلة السياسية القائمة، ويمنحوا أصواتهم لمن يستحقها من المعارضين؟ وهل هم متحمسون أساسا للإدلاء بأصواتهم؟ 

في هذا السياق، ذكرت مصادر مطلعة عن سيرورة الانتخابات في دائرة الشوف ــ عاليه لـ “السؤال الآن”، إن حماس الناس كان جيدا ومتجها نحو انتخاب لوائح التغيير، لكن بسبب كثرة الترشيحات والخلافات التي طفحت فوق السطح، فتر هذا الحماس، وأصبح لدى الناس رد فعل سلبي بقدرة التغييريين على خلق فرق بالمعادلة، بالإضافة إلى كشف العديد من الأمور حول كيفية تركيب هذه اللوائح والخلافات فيما بينها، وأمور تتعلق بالتمويل. وعن احتمال تجميع لوائح المجتمع المدني حاصلا انتخابيا، يقول المصدر: “أتمنى ذلك، لكنني لا اتوقع حدوثه”، شارحا أن المعركة محصورة بين لائحتي السلطة:

– الأولى، لائحة “الشراكة والإرادة”، المؤلفة من مرشحي تحالف “الحزب التقدمي الاشتراكي ــ القوات اللبنانية” التي ضمت مرشحا كان مقربا من “تيار المستقبل” أعلن مقاطعته للانتخابات، علما أن الأمور قد تتغير في اللحظات الأخيرة، فتنتهي المقاطعة على الأقل في الدعوة إلى التصويت حتى لا يمر مرشحون سنة يتبعون حزب الله. 

– والثانية، “لائحة الجبل” مؤلفة من تحالف “التيار الوطني الحر – النائب طلال ارسلان – الوزير السابق وئام وهاب. ويضيف: “بما أن القوى السياسية التقليدية مقسومة انقساما عموديا، فسيكون الصراع محتدما بين أطرافها، وسيسعى كل منها لنزع موقع الآخر، وبخاصة في ظل دخول أطراف إلى الشوف ــ عاليه تحمل طابعا عسكريا قد يوتر الأوضاع. 

فيما خص، حظوظ التيار الوطني الحر ووهاب في الفوز، يوضح المصدر: “لو كانا لائحتين منفصلتين لكانت حظوظهما أوفر، لكن انحشارهما ضمن لائحة واحدة سيفتح عليهما باب التنافس بين بعضهما، لأن في دائرة الشوف -عاليه هناك مقعد درزي لا تنافس عليه، مخصص لطلال أرسلان. لكن في الوقت نفسه، الأخير لديه مشكلة أيضا، فعليه تجميع أصوات تفضيلية تؤهله ليكون الأول أو الثاني على الطائفة الدرزية، لأن في حال حصول لائحة “توحدنا للتغيير”، أي التي تمثل المعارضة و”ثورة 17 تشرين” على حاصل، قد يكون لصالح المرشح الدرزي مارك ضو، الذي انضم إلى اللائحة في اللحظات الاخيرة. 

أما عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اللبناني عبد الناصر حدادة في حديث مع “السؤال الآن” فيعيد عدم حماسة الناس للاقتراع، إلى عاملين أساسين: الأول، يتعلق بما حدث من تطورات اثر “انتفاضة 17 تشرين 2019″، أي الأزمة الاقتصادية التي ابتلي بها  لبنان. أما العامل الثاني، فيتعلق بعزوف تيار المستقبل عن خوض الانتخابات، فبين هذين العاملين نجد الناس مترددة، فمنهم من ينتظر بعض القرارات التي توجهه لتصويب صوته في مكان معين، ومنهم من دخل حالة يأس تتفاقم يوما تلو آخر”.  

وعن عدم توحد لوائح المجتمع المدني ضمن لائحة واحدة، يقول: “بالتأكيد هناك قواسم مشتركة تجمع لوائح المجتمع المدني، لكن لكل لائحة ظرفها، مثلا لائحة “السيادة” طرحها منسجم، بينما هناك لائحة أخرى تركبت على أساس قوة أحد مرشحيها، ولم تبن على أساس سياسي. أما اللائحة الوحيدة التي لديها فواصل مشتركة في السياسة هي “توحدنا للتغيير”، وبالتالي هذه القواسم ظهرت في بيان سيوزع قريبا عن اللائحة، ويتعلق مضمونه بالقضايا الداخلية على مستوى الوطن، مثل العلمنة، وقانون الأحوال الشخصية، بالإضافة إلى مواضيع أخرى تتعلق بالإصلاح الاقتصادي والقضائي..“.  

ويختم: “نحن نطمح لأن نحقق تقدما في عملية التغيير، فالسلطة الحالية بكل ألوانها لم تعد قادرة على تقديم البدائل بشكل جدي”.

Visited 3 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

أحمد ترو

صحفي لبناني