اوروبا حائرة: التصدي للمهاجرين او الحفاظ على قيم الغرب
د.خالد العزي
ادخلت ازمة الهجرة في اوروبا الجديدة ضوابط موسعة بين البلدان في الاتحاد الأوروبي، وخاصة بين بولندا وألمانيا ،حيث اعلنت وارسو، أنّها تدرس تعزيز الضوابط على الحدود مع ألمانيا بسبب مخاوف من تدفق المهاجرين غير الشرعيين من هذا الاتجاه إلى بولندا.
ويشير ذلك إلى التدفق غير المرغوب فيه من إيطاليا، التي تشهد موجة أخرى من الهجرة غير الشرعية. وفي السابق، بينما شدّدت بولندا ضوابط النقل على الحدود مع سلوفاكيا لمكافحة تدفق الهجرة غير الشرعية من اتجاه البلقان. وقد عززت ألمانيا وجود شرطتها على الحدود مع بولندا، وهي تعتبر هذا البلد مركزًا يدخل عبره المهاجرون غير الشرعيين إليها .
تحاول بولندا بدورها تعزيز السيطرة على الحدود في وقت مبكر بسبب التخوف من الهجرة غير الشرعية التي تغزو اوروبا عن طريق البحر حيث باتت إيطاليا الممر المطلوب للعبور من قبل اللاجئين الذين يعملون على نقل الناس عبر البحر لإرسالهم إلى البر الأوروبي.
والجدير بالذكر بأنّ بولندا تعرضت لموجات موجهة من المهاجرين الذين هاجموا حدودها من البوابة الروسية والبيلاروسية على مدار عدة أعوام في أكبر ضغط سياسي مارسته مينسك وموسكو على الاتحاد الأوروبي مما أجبرها لتعزيز دفاعاتها اللوجستية والعسكرية للتصدي لهذه الهجمة التي تتعرض لها، واقامة الجدران الفاصلة على الحدود المشتركة بينهما دفاعًا عن الحدود المشتركة للاتحاد الأوروبي.
لذلك يحاول ممثلو الدول الأوروبية بظل الهجمات البحرية الموجهة من المافيات الدولية الإسراع بوضع خطط سريعة للتنسيق فيما بينهما لمنع دخول اللاجئين الى أراضيهم عبر خطط سريعة وتعزيز الحدود كما حصل بين ألمانيا وبولندا وقبلها بين بولندا والتشيك وبين بولندا ولاتفيا .
بالوقت الذي باتت قضية المهربين قضية أمن يخص الأمن القومي الأوروبي في التصدي له ومحاربته ووضع آلية جديدة لمحاربة دخول اللاجئين غير الشرعي من خلال إجراءات سريعة للحدّ من تدفق الهجرة والتي باتت ترتبط بـ عصابات المهربين الدوليين والتي قد يكون متورطًا فيها الكثير من موظفي الدول نفسها حيث باتت الرشوة والفساد واضحة لبعض ممثلو القانون .
ووفقًا للإحصاءات، فإن ما بين 20 إلى 25% من حالات العبور غير القانوني للحدود الألمانية التي تحدث هي نتيجة لخطط المهربين. وبحسب بوابة مجلة بوليتيكو الامريكية. ففي الأشهر الثمانية الأولى من عام 2023، قدّم حوالي 204 آلاف شخص طلبات اللجوء في ألمانيا، وهو ما يزيد بنسبة 77% عن نفس الفترة من العام الماضي.
لذلك فستطبق ألمانيا هذا الأسبوع ضوابط موسعة على الحدود مع بولندا وجمهورية التشيك للحدّ من الهجرة غير الشرعية. وأشار الوزير إلى أنّ الزيادة الحادّة في عدد المهاجرين الوافدين تكشف عن وجود تصدعات في نظام اللجوء في الاتحاد الأوروبي.
وتشير المصادر الغربية بانّ الدول التي لم تتمكن من تأمين حدودها الخارجية بشكل أفضل، فإنّ حدودها المفتوحة داخل الاتحاد الأوروبي ستكون معرضة للخطر. فإنّ تشديد الرقابة على الحدود وحده لن يؤدي بالضرورة إلى انخفاض عدد المهاجرين. لأنه من الضروري التعاون مع دول الجوار وتنفيذ الحلول على مستوى الاتحاد الأوروبي. والحلول الأوروبية وحدها هي التي يمكن أن تكون فعّالة وتخفّف العبء باستمرار عن السلطات المحلية، أي السيطرة على الحدود الخارجية، وليس على الحدود الداخلية”.
طبعًا هناك خطر حقيقي واضح تواجه منطقة الشنغن من خلال الإجراءات التي قد تتخذ من قبل بعض الدول التي ترى نفسها في مواجهة فعلية مع الهجرة الشرعية كحال بولندا ودول اخرى .
الوضع صعب جدا، العصابات تعمل بطريقة متعبة لأمن هذه الدول التي لم تكن جاهزة للتصدي لهذه الأعداد الكبيرة من الاعداد التي لم تواجهها أوروبا سابقًا بالإضافة الى “أنّ” القيم الاوروبية تقوم على احترام حقوق الإنسان وبالتالي حق اللجوء هو من ضمن هذه الحقوق الانسانية التي تقوم عليها الديمقراطية والعدالة والقيم الاوروبية ، فانّ عملية التصدي للاجئين سترتب عليها ليست اعباء جسدية واقتصادية ولوجستية للدول فحسب بل ستعرّض القيم الأوروبية والأنسانية لأكبر ضربة في التاريخ الاوروبي الحديث .
لذلك ستكون اتفاقية الشنغن على المحك! فهل تصمد بظل غياب الأليات الفاعلة التي تضمن خططًا لمواجهة العصابات من جهة والكميات الكبيرة من القادمين طالبين اللجوء من جهة اخرى ؟
اذن أوروبا تغرق باللاجئين والبحر يغرق بالناس القادمين بحثًا عن حياة أفضل والمافيات تبني شبكات عالمية ، تتحدى الدول من أجل مصالحها الخاصة. فهل تنجح الدول الأوروبية منفردة أو مجتمعة بالتصدي لهذا السيل الغربي من اللاجئين دون المساس بالقيم الغربية.