فالاتشي: أنا لا أتصرف بشجاعة.. أنا شجاعة

فالاتشي: أنا لا أتصرف بشجاعة.. أنا شجاعة

رضا الأعرجي

          منذ تغطيتها للحرب الأهلية اللبنانية، واطلاعها على مشاكل الشرق الأوسط، كشفت أوريانا فالاتشي عن عداوتها للتنظيمات الإسلامية في ذلك الوقت، ولكن لم تكتب عنها إلا بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول الإرهابية عام 2001، التي شهدتها بنفسها بينما كانت تعيش في نيويورك. عندها نددت بالتعصب الإسلامي وقارنته بالنازية.

كسرت فالاتشي صمتها الطويل بمقال نشرته في صحيفة “كورييري ديلا سيرا الإيطالية”، ونتيجة لما أثاره من ضجة في أوساط الرأي العام، قررت دار النشر “ريزولي”، تحويل تلك المقالة المطولة إلى كتاب.

عندما ظهر “الغضب والكبرياء” سأل هوارد جوتليب، الأستاذ بجامعة بوسطن، أوريانا فالاتشي كيف يمكنها تعريف نصها. أجابت: “مثل خطبة موجهة إلى الإيطاليين والأوروبيين الآخرين”. “وكيف تتوقع أن يقبل الإيطاليون والأوروبيون هذا الأمر؟” سأل جوتليب مرة أخرى. “لا أعلم. واختتمت فالاتشي كلامها قائلة: “يتم الحكم على الخطبة من خلال النتائج، وليس من خلال التصفيق أو الصفير الذي تتلقاه“.

ولكن بمجرد نشر “الخطبة”، اندلعت الانتقادات بشكل جماعي. “إنها تجلد العرب بلا رحمة. تفكيرها رجعي، غير متسامحة، فاشية. حتى أنها هُددت بالقتل.

ظلت كتابات فالاتشي، التي حققت الشهرة بفضل مقابلاتها مع أقوياء الأرض الذين وصفتهم بـ “الفقراء آكلي القذارة”، تركز على المسلمين.

كتبت مرة: “من المستحيل الحوار مع المسلمين. لا يمكن تصور ذلك منطقياً. معاملتهم باللين أو التسامح انتحار. ومن يعتقد غير ذلك فهو مخطئ. ما الفائدة من احترام من لا يحترمنا؟

 وإذا كانت النساء في بعض البلدان يتسامحن مع الشادور والبرقع، فهذا أسوأ بكثير بالنسبة لهن. إذا كن غبيات إلى درجة أنهن يقبلن عدم الذهاب إلى المدرسة، أو عدم الذهاب إلى الطبيب، أو عدم تصويرهن، وما إلى ذلك، فهذا هو الأسوأ بالنسبة لهن. وإذا كن من الحماقة لدرجة أنهن يوافقن على الزواج من مهووس جنسي يحتاج إلى أربع نساء، فهذا هو الأسوأ بكثير.

قدمت المنظمات غير الحكومية والجمعيات المناهضة للعنصرية والمهاجرون والمدافعون عن حقوق الإنسان شكاوى جنائية ضد الصحفية والكاتبة الإٌيطالية المقيمة في نيويورك. وقالوا إن “حرية التعبير شيء، لكن تجريم مجموعة ما وظاهرة كراهية الأجانب شيء آخر تماما”. وطالبوا بسجن فالاتشي لمدة عام وصرف “تعويض كبير“.

لم تتم إدانتي، كما تعلمون. عيب شكلي في الدعوى أنقذني من السجن، من التعويض، من الاختطاف، من إنذار مماثل للذي أراد أن يشوه وجهي بأعقاب السجائر“.

كتبت فالاتشي مرة أخرى ضد المسلمين بعبارات غاضبة ومريرة وعنيفة، وأطلقت عليهم اتهامات قاسية للغاية، كما انتقدت الخطاب السياسي الذي راج وقتها : “حوار الحضارات”، مؤكدة أن أوروبا أصبحت مستعمرة للإسلام، ورأت في أولئك الذين يُعتبرون دعاة سلام من الأوربيين أنهم زائفون وخونة ومحترفو أكاذيب، بدل أن يتحلوا بالقليل من الحس السليم. والقليل من العقلانية، والقليل من الكرامة.

تمت إدانتها مرة أخرى من قبل قطاعات مختلفة من المجتمع الإيطالي، ورفعت ضدها دعاوى قضائية بتهمة “ازدراء الإسلام والتحريض على الكراهية الدينية”. وفيما كانت تتعرض للمزيد من المشاكل القانونية، كانت كتبها تعرف المزيد من المبيعات. كانت تباع مثل الكعك الساخن على حد وصف الصحافة.

قال أحد الصحفيين الإيطاليين أن فالاتشي تتصرف بشجاعة لأن إحدى قدميها في القبر، في إشارة إلى اصابتها بالسرطان منذ 1992. ردت عليه:

كلا، أيها الأحمق المسكين. كلا. أنا لا أتصرف بشجاعة. أنا شجاعة. ولقد دفعت دائماً ثمناً باهظاً مقابل ذلك. أنا لست بصحة جيدة، هذا صحيح، لكن المرضى مثلي غالباً ما ينتهي بهم الأمر إلى دفن الآخرين قبل أن يدفنوا.

Visited 4 times, 4 visit(s) today
شارك الموضوع

رضا الأعرجي

صحفي وكاتب عراقي