نداء لتأسيس مرحلة جديدة في علاقة البرلمان بحقوق الإنسان
السؤال الآن- الرباط
دعا مشاركون في لقاء نظمه “المركز المغاربي للدراسات والأبحاث في الإعلام والاتصال” مساء أمس الخميس 30 مارس الجاري، لقراءة وتوقيع كتاب “البرلمان وحقوق الإنسان، مرجعيات وممارسات”، للباحث عبد الرزاق الحنوشي، إلى التأسيس لمرحلة جديدة في علاقة المؤسسة التشريعية بحقوق الإنسان، وذلك عبر الارتقاء بمستوى تعاطي كل من مجلس النواب ومجلس المستشارين مع هذا الموضوع، على الرغم من تسجيل بعض التطور الحاصل في هذا المجال خلال الولاية العاشرة للبرلمان (2016- 2021).
وفي مقاربتهما لمضامين كتاب “البرلمان وحقوق الإنسان، مرجعيات وممارسات، أبرز كلا من يوسف غويركات، الكاتب العام لـ”الوسيط للديمقراطية وحقوق الإنسان”، والنائبة البرلمانية السابقة بثينة قرووي، الأستاذة الجامعية والحقوقية، خلال اللقاء الذي تولى تنشيطه الإعلامي جمال المحافظ رئيس الجهة المنظمة، الأهمية التي يكتسيها هذا المؤلف باعتباره، يشكل قيمة علمية ومرجعا مهما، ليس فقط للبرلمانين ونشطاء حقوق الانسان، بل يفتح أفقا جديدا للباحثين والمهتمين بالمجال البرلماني والحقوقي.
لاحظ يوسف غويركات في قراءته للكتاب، الصادر حديثا عن مطبعة” المناهل” بالرباط، أن المؤلف استند في تعاطيه مع علاقة البرلمان بحقوق الإنسان، على ثلاثة ركائز، حدد أولها في الخلفية العلمية، وثانيها في المرجعيات الدولية الحقوقية، في حين تتعلق الركيزة الثالثة بتحليل دقيق للمعطيات المتوفرة على المستويين التشريعي والرقابي، واصفا الكتاب بـ”العمل الرائع، وغير المسبوق، لمؤلف وقارئ حصيف، ترجم بصدق انشغالاته المعرفية بموضوعية في هذا المولود الجديد”.
بيد أنه عبر عن اعتقاده بأنه كان من شأن إدراج السياق التاريخي لمنظومة حقوق الإنسان، خلال القرنين 17 و18، أن يزيد قيمة مضامين الكتاب.
من جهتها قالت بثينة قرووي أن التجربة الطويلة والغنية التي راكمها صاحب الكتاب، بالمؤسسة التشريعية كإطار بها، وكذا تحمله سابقا لمسؤوليات في المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومساهمته في الفعل الحقوقي والجمعوي، مكنه من تملك الدربة في الشأن البرلماني والحقوقي، الأمر الذي يجعل مؤلفه بالفعل عملا بحثيا هاما. وأشارت إلى أن الكتاب يتطرق إلى عدة جوانب أساسية منها ما يتعلق بإشكالية مفهوم التمثيلية وقضايا الدفاع عن حقوق الانسان، ارتباطا ما تنتجه الوثيقة الدستورية، معتبرة أن المؤلف توفق كثيرا حينما اختار الولاية البرلمانية السابقة موضوعا لدراسته القيمة، التي ستكون مرجعا علميا رصينا.
كما دعت الأستاذة بثينة قرووي إلى تعزيز دور البرلمان، خاصة على مستوى بنياته الإدارية، حتى يكون بمقدور أعضائه تقديم مقترحات قانونية متكاملة، معتبرة أن موضوع حقوق الإنسان، كان محل إجماع كافة مكونات البرلمان خلال ولايته السابقة.
من جانبه قال عبد الرزاق الحنوشي، في معرض تفاعله مع المشاركين في اللقاء الذي تميز بحضور نوعي لفعاليات جامعية وأكاديمية من تخصصات متنوعة، وحقوقين وجمعوين وغعلامين وباحثين، أن هاجسه الرئيس في الكتاب كان يتمثل في الحرص على عدم الإغراق في الجوانب النظرية الصرفة في التعاطي مع موضوع حقوق الإنسان، مع التركيز بالأساس على الجوانب المتعلقة بالتعريف بمجمل الآليات المتاحة، والتي يمكن أن تساعد الفاعلين في المجالين البرلماني والحقوقي (مؤسسات و مدافعات ومدافعين عن حقوق الإنسان).
أما بالنسبة لحصيلة البرلمان في مجال حقوق الإنسان خلال الولاية العاشرة، فأكد صاحب الكتاب، أنه حاول قدر المستطاع إبراز الجهود المبذولة دون أن يغفل أوجه القصور والإختلالات، مع تقديم مقترحات من شأن تفعيلها أن تساهم في تحسين الأداء البرلماني، ولا سيما في مجال تعزيز أدوار المؤسسة التشريعية في مجال حقوق الإنسان ومأسسة ذلك عبر إحداث لجنة متخصصة ذات ولاية واسعة تعنى بحقوق الإنسان، وفقا للمعايير التي أقرها كل من الاتحاد البرلماني الدولي، والمندوبية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان ، فضلا عن الرغبة في أن يكون الكتاب كذلك أداة عملية لكل البرلمانيات والبرلمانيين الجدد ونشطاء حقوق الإنسان، وعموم الباحثين والمهتمين أيضا.
في أعقاب المداخلات الثلاث، جرى نقاش غني، حول فصول الكتاب، تناول خلاله المشاركين عددا من القضايا والإشكالات المطروحة بخصوص حصيلة البرلمان في مجال حقوق الإنسان، منها تقييم حصيلة البرلمان في مجال حقوق الإنسان، والتكوين في هذا الميدان، وأوجه تعامل المؤسسة التشريعية مع الحركة الحقوقية، ومدى انفتاحها على فعاليات المجتمع المدني.
فضلا عن أهم النصوص المرجعية في مجال حقوق الإنسان، ومختلف أوجه عمل المؤسسة التشريعية، من خلال مقترحات ومشروعات القوانين والأسئلة الشفوية والكتابية المرتبطة بميدان حقوق الإنسان، يتطرق الكتاب الواقع في 285 صفحة من القطع المتوسط إلى بعض القضايا الطارئة، في مقدمتها انعكاسات جائحة “كوفيد-19” على الحياة البرلمانية. ويتوقف المؤلف عند عدد من المبادرات البرلمانية المتخذة، منها تلك المرتبطة بالعلاقات مع الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا الذي يحتل فيه المغرب وضعية الشريك من أجل الديمقراطية، أو تلك المتعلقة بالمشاركة في أكبر التظاهرات التي احتضنتها المملكة المغربية، كالمنتدى العالمي لحقوق الإنسان عام 2014، أو المؤتمر 22 للأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة حول التغيرات المناخية (كوب 22 ).
وكانت الباحثة سكينة سربوت قد أكدت في كلمة باسم المركز المغاربي للدراسات والأبحاث في الإعلام والاتصال، في بداية هذا اللقاء المنظم بتعاون مع كرسي محمد العربي المساري لأخلاقيات الإعلام والاتصال، أن كتاب “البرلمان وحقوق الإنسان، يشكل قيمة مضافة، لكونه يعد أول دراسة توثيقية وتحليلية لحصيلة مجلسي البرلمان في مجال حقوق الإنسان خلال الولاية التشريعية المنصرمة، وهو ما من شأنه، أن يفتح أفقا جديدا في إعمال الربط ما بين الجوانب النظرية والممارسة الميدانية. وأشارت من جهة إلى أن المركز الذي تأسس سنة 2018، يهدف بالخصوص إلى نشر الوعي العلمي بأهمية الإعلام والاتصال، وتنظيم أنشطة والقيام بدراسات وأبحاث حول الإعلام والاتصال، مع تشجيع الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية، والمجتمع المدني والدوائر العلمية. وفي اطار مواكبته للساحة الإعلامية المغاربية، نظم المركز، الذي يضم في عضويته أساتذة وباحثين وإعلاميين، سلسلة من اللقاءات والندوات تمحورت حول عدد من القضايا المرتبطة بالإعلام المغاربي.كما ما فتئ المركز يدعو في كل مناسبة إلى العمل على توفير كافة الظروف الكفيلة بتداول المعلومات بالمنطقة المغاربية، كحق من حقوق الإنسان، وإطلاق حريات الإعلام، مع صيانة الحق في حرية التعبير والالتزام بآداب وأخلاقيات المهنة. ويعتبر كذلك أن الحملات العدائية التي تمرر عبر وسائل الإعلام، لن تساعد بأي حال من الأحوال في بناء فضاء مغاربي مشترك، باعتباره خيارا استراتيجيا وأفقا ضروريا لمواجهة مختلف التحديات التي تعاني منها المنطقة المغاربية.