الانتخابات اللبنانية: هل ينجح الرهان على المغتربين؟
حسين عطايا
في منتصف ليل السبت 7 والأحد 8 أيار- ماي بتوقيت بيروت ، بدأت المرحلة الثانية من انتخابات العام 2022 اللبنانية، والتي ستعطي اللبنانيين، في لبنان والمغترب، الحق بانتخاب أعضاء البرلمان اللبناني الجديد.
اليوم جرت الانتخابات في بلاد الانتشار، وعددها حوالي الثمانية وأربعين دولة، في كل من أوروبا وإفريقيا والأمريكيتين ودولة الإمارات العربية المتحدة، وقد لا نستطيع في هذه العجالة أن نُسمي جميع هذه الدول، بل سنذكر الدول التي شهدت أعلى نسبة إبان فترة التسجيل للمشاركة في الانتخابات، ومن هذه الدول: فرنسا، الولايات المتحدة، كندا، أستراليا، والإمارات العربية المتحدة.
في هذا اليوم الانتخابي الطويل، أظهر لبنانيو الانتشار، أنهم مرتبطون بوطنهم، وهم يسعون للتغيير في مجرى الحياة السياسية اللبنانية، وصولاً إلى استعادة حرية القرار اللبناني الحر، واسترجاع السيادة الوطنية، وفق ماينص عليه الدستور اللبناني، في وحدانية احتكار السلاح بأيدي الأجهزة الأمنية، من جيش وقوى أمنية، وصولاً إلى حصرية قراري الحرب والسلم بيد الدولة اللبنانية، بعيداً عن مشاركة دويلة حزب الله في الحكم، ومصادرة قرار الشرعية اللبنانية ورهنه للخارج، وسلطة سلاحه غير الشرعي، والذي من خلاله يُمارس الإرهاب على كل معارضيه في لبنان.
خلال متابعة هذا اليوم الانتخابي، رصدنا عدة ملاحظات على مستوى دول الانتشار اللبناني، أولها: ضعف الإقبال على الاقتراع في دول افريقيا، والتي يبلغ عدد اللبنانيين المسجلين فيها ما يُقارب السبعة عشر ألف لبناني. وحتى مساء اليوم لم ترتفع نسبة الاقتراع، وهي قد لا تُلامس عتبة الخمس وعشرين بالمئة، وذلك يُعد نسبة قليلة، لأن حزب الله وحلفائه في أمل والأحزاب التابعة له، من قومي وبعث ومشاريع وغيرها، كان قد ساعد وساهم بحث اللبنانيين في هذه الدول على التسجيل للمشاركة في انتخابات هذا العام 2022، هذا الأمر يُعتبر خسارة، لا بل هزيمة، إذ كان يأمل في أن تكون نسبة الاقتراع أكبر، ليحاول من خلالها التعويض عن خسارته أصوات محازبيه في الدول العربية وبعض الدول الاوروبية والأمريكيتين وغيرها من الدول، التي صنفت الحزب إرهابياً.
هذا الأمر يؤكد أنه حتى المغتربين، والذين ينتمون إلى الطائفة الشيعية، أصبح الكثيرون منهم خارج مروحة الحزب كما كانوا من قبل.
وفي مقابل هذا المشهد، نرى صورة معاكسة تماماً، خصوصاً في أقلام الاقتراع في دولة الإمارات العربية المتحدة، لاسيما في إمارة دبي والعاصمة أبوظبي، حيث تعدت نسبة الاقتراع السبعين بالمئة، وهذا إن دل على شيء فيدل على مدى المغتربين، خاصة من تركوا لبنان في السنوات الأخيرة، نتيجة الأزمات التي تعرض لها لبنان، بحيث أنهم يُصبون جام غضبهم في صناديق الاقتراع، وغالبية أصواتهم تذهب إلى الأحزاب السيادية، والمجموعات التغييرية السيادية أيضاً.
كذلك، نرى فرنسا، والتي تم تسجيل مايزيد عن سبع وعشرين ألف مسجل بها، نسبة اقتراع عالية، قد تصل إلى ما يزيد عن الستين في المئة.
وبعد إقفال صناديق الاقتراع في أستراليا سجلت نسبة الافتراع حوالي الأربع وخمسون بالمئة.
أما في كندا والولايات المتحدة الأمريكية أيضا، فقد تصل النسبة إلى حدود الخمس وخمسون في المئة، أي أنها نسبة اقتراع جيدة، على الرغم من ازدياد نسبة المسجلين عما سجلته في انتخابات العام 2018 .
و قد يكون لهذه النتائج انعكاس جيد على نسبة الاقتراع في لبنان في الأحد القادم 15 أيار- ماي القادم.
هذا الأمر، يؤكد بأن اللبنانيين تواقين للتغيير والسعي لاستعادة الدولة اللبنانية، كي تتسنى لهم العودة إلى الوطن للعيش فيه، وأن يبنوا وطناً يليق بهم وبأولادهم.
في نهاية هذا النهار الانتخابي لابد من تسجيل بعض الملاحظات على أداء وزارة الخارجية، لا سيما في إمارة دبي، حيث ارتكبت أخطاء من القنصلية العامة، بعدم اختيارها مكاناً أوسع ليتسنى للبنانيين الاقتراع بحرية أكثر، خصوصاً تحت طقس حار تعيشه إمارة دبي هذا الوقت.
كما أنه لا بد من تسجيل ملاحظة على جمعيات مراقبة الانتخابات، إن كانت لبنانية أو عربية أو أوروبية، بأنها تبقى قاصرة عن القيام بدور جدي، حيث تتغاضى عن كل مايقوم بها حزب الله وقيادته من عمليات إرهاب فِعْلي، على المرشحين واللوائح المعارضة، إذ يقتصر عمل المراقبين فقط على تسجيل الاستنكار لنصب خيمة بالقرب من سفارة هنا، أو قنصلية هناك، عليها علم لهذا الحزب أو غيره، أو هذه الماكينة قدمت مأكلاً لهيئة القلم، أو غيرها من أمور صغيرة لا يُعتد بها عادة.