عودة النساء الأفغانيات إلى السجن داخل البرقع

عودة النساء الأفغانيات إلى السجن داخل البرقع

ريم ياسين* 

عود على بدء، كما يقولون، عادت المرأة في أفغانستان إلى البرقع، الذي يغطي وجهها وجسدها، بأمر من حركة طالبان التي عادت لفرض ارتداء الحجاب وتقييد حرية المرأة، عبر اتخاذها جملة من القرارات المتشددة والتدابير المهينة لكرامة النساء على دفعات، فبعد حظر سفر النساء الأفغانيات بدون رفقة قريب ذكر وإغلاق المدارس الإعدادية والثانوية للفتيات، جاء الإجراء الجديد ــ القديم، كمؤشر على إحكام سيطرة طالبان على النساء منذ عودة الحركة إلى السلطة في أغسطس الماضي.  

وجاء في مرسوم صادر عن القائد الأعلى لأفغانستان وحركة “طالبان” هبة الله اخوند زاده، يوم أمس السبت 7 ماي 2022، بارتداء البرقع في الأماكن العامة، “ينبغي عليهن وضع التشادري (تسمية أخرى للبرقع) تماشياً مع التقاليد. يجب على النساء اللواتي لسن صغيرات السن ولا كبيرات في السن أن يحجبن وجوههن، إلا عيونهن، وفق توصيات الشريعة، لتجنب أي استفزاز عند لقائهن برجل. ليس من أفراد الأسرة المقربين. وإذا لم يكن لديهم مهمة مهمة يقومون بها في الخارج، فمن الأفضل لهن البقاء في المنزل”. وحدد المرسوم العقوبات التي يتعرض لها أرباب الأسر إذا لم يلزموا النساء بارتداء البرقع حيث سيتم معاقبة المخالفين بإنذار بسيط. وفي اليوم الثالث، سيُحكم عليهم بالسجن ثلاثة أيام، وفي اليوم الرابع سيقدمون إلى العدالة. بالإضافة إلى ذلك، سيتم طردهم من الوظائف. 

 برأي إحدى الناشطات النسويات في أفغانستان، ما زالت متواجدة في ظل حكم طالبان: “الإسلام لم يوصِ أبدًا بالشادري”. فبدل أن تتقدم طالبان، تتراجع إلى الوراء. إنهم يتصرفون اليوم كما كانوا يتصرفون في السابق قبل عشرين عامًا”. 

وعلق موسكا داستاغير، الأستاذ السابق في الجامعة الأمريكية في أفغانستان، والذي يعيش الآن في الخارج، على تويتر على القرار الجديد بالقول: “نحن أمة محطمة، مضطرون لتحمل الاعتداءات التي لا نفهمها.. منذ منتصف أغسطس، إذ أصدرت وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالفعل عدة توصيات حول كيفية لباس المرأة. لكن هذا هو أول نص حول الموضوع يصدر على المستوى الوطني”. 

الولايات المتحدة الاميركية التي أعادت “طالبان” للحكم، علقت على القرارات الجديدة المقيدة لحرية النساء الأفغانيات، من خلال تصريح متحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، حيث قالت: “نشعر بقلق بالغ إزاء تقويض حقوق النساء والفتيات الأفغانيات والتقدم المحرز في هذا المجال على مدار العشرين عامًا الماضية”. وأضافت أن واشنطن وحلفاءها “منزعجون بشدة من تحركات طالبان الأخيرة ضد النساء والفتيات، بما في ذلك القيود على التعليم والسفر”.

 من جهتها، دانت الأمم المتحدة هذا القرار. وأكدت في بيان صحفي لبعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان أن ذلك “يتعارض مع التأكيدات الكثيرة المتعلقة بحماية حقوق الإنسان لجميع الأفغان”، التي قدمها في السنوات الأخيرة للمجتمع الدولي ممثلو طالبان. 

والبرقع عبارة عن وشاح يغطي الرأس ولا يكشف الوجه مثل الحجاب. وقد فرضته طالبان لدى توليها السلطة، بين عامي 1996 و 2001. وقد اتخذت الحركة قرارات حرمت النساء من جميع حقوقهن تقريبًا، وفقًا لتفسيرها المتشدد للشريعة الاسلامية. وقام وكلاء وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بجلد أي امرأة كان يتم القبض عليها دون البرقع.

 بعد استعادة السلطة، وإنهاء عشرين عامًا من احتلال الولايات المتحدة وحلفائها، وعدت طالبان بأن تكون أكثر مرونة. ومع ذلك، سرعان ما نكثت بوعودها، مما أدى مرة أخرى إلى تآكل حقوق الأفغانيات بشكل مطرد وكسر عقدين من الحرية التي اكتسبتها النساء. فها هن اليوم مستبعدات إلى حد كبير من الوظائف العامة ويحظر عليهن السفر بمفردهن، وفي مارس، أغلقت طالبان المدارس الثانوية والكليات للبنات، بعد ساعات فقط من إعادة فتحها. هذا الموقف غير المتوقع، الذي لم يكن له ما يبرره سوى القول بأن تعليم الفتيات يجب أن يتم وفقًا للشريعة الإسلامية، أثار غضب المجتمع الدولي. كما فرضت حركة طالبان الفصل بين النساء والرجال في الحدائق العامة.

ربط المجتمع الدولي اعترافه بحركة طالبان باحترام حقوق المرأة، وجاء هذا القرار الأخير بعد تراجع حقوق النساء إلى الوراء، وهي خطوة لن تساعد طالبان بالاعتراف بها دوليًا. وقال المحلل الباكستاني امتياز جول إن مثل هذه التحركات لن تؤدي إلا إلى تصعيد المعارضة لها. لقد خسرت النساء الافغانيات مكاسب عدة مع عودة طالبان الى الحكم، كن قد حققنه خلال عشرين عاما ما قبل العودة الطالبانية، ومنها التعليم والوظائف في جميع القطاعات، وحتى لو ظلت البلاد محافظة اجتماعيا. وحاولت النساء أولاً تأكيد حقوقهن من خلال التظاهر في كابول وفي المدن الكبرى بعد استيلاء طالبان على السلطة. لكنهن قمعن بضراوة، واعتقلت طالبان العديد من الناشطات ونشطاء حقوق الانسان.

Visited 2 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة