محمد كريشان يكتب عن خالد الجامعي “الصحفي اليهودي” في سيناء

محمد كريشان يكتب عن خالد الجامعي “الصحفي اليهودي” في  سيناء

السؤال الآن:

بمناسبة الدورة 27 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، المنظمة حاليا من 3 إلى 12 يونيو 2022، كتب الصحفي التونسي العامل بقناة “الجزيرة محمد كريشان على حسابه بتويتر: “سعيد أن كتابي سيكون هناك..”، برواق الشبكة العربية للأبحاث والنشر.

والقصد كتابه الجديد: “محمد كريشان يروي.. وإليكم التفاصيل”، الصادر العام الماضي عن دار “جسور للترجمة والنشر” ببيروت، في 432 صفحة مقسمة على سبعة فصول مع ملحق للصور.

يوثق الكتاب لتجربة محمد كريشان ولذكرياته التي ظلت عالقة في الذهن عن مراحل مختلفة بين الصحافة المكتوبة والإذاعة ثم التلفزيون، وذلك خلال مسيرة 40 عاما في عالم الإعلام.

المحفوظ.ج. فضيلي- إعلامي مغربي

بخصوص ذكرياته المغربية، يحدثنا كريشان عن حضوره في غشت 1985 لتغطية أشغال القمة العربية التي احتضنتها الدار البيضاء، وفي ختام القمة العربية عقد العاهل المغربي الحسن الثاني مؤتمرا صحافيا، كانت تلك أول قمة عربية يشهدها الشاب الصحفي، “فأعددت قائمة من الأسئلة التي يمكن أن أطرحها وشرعت في تقليب أيها أكثر قوة. بدأ المؤتمر الصحافي وبدا جليا أن مزاج الملك لم يكن على ما يرام يومها إذ شرع في “بهدلة” الصحافيين بلا رحمة. أول الضحايا كانت منى نبعة مديرة مكتب وكالة الأنباء الفرنسية في المغرب العربي. والسؤال التالي كان لمراسل مصري لم يتمكن المسكين حتى من إكمال سؤاله بعد أن عرّف بنفسه إذ عالجه الملك بالقول، وسط دهشة الحضور: “عندما مرضت في الفترة الأخيرة ..رئيسكم لم يكلّف نفسه حتى رفع السماعة ليسأل عن أحوالي..إجلس!! من لديه سؤال آخر؟؟”.

 نظرت إلى أسئلتي التي كنت أسعى لانتقاء أكثرها إثارة فطويتها مسرعا ودسستها في جيبي كمن اختلس لتوه ورقة نقدية ويخشي افتضاح أمره…مهمهما في سري “خليك في حالك أحسن”!!.

عن الملك الراحل كتب كريشان: كان “الرجل شديد الاعتداد بنفسه، واسع الثقافة العربية والاسلامية والغربية، سريع البديهة، حاد الذكاء، متحدث لبق باللغتين العربية والفرنسية التي يجيدها أفضل من أهلها، قوي العبارات التي ينفثها بسهولة نفثه لدخان السجائر التي كان لا يتركها حتى خلال اللقاءات الصحافية. والأهم من كل ما سبق أنه كان يستمتع بإحراج الصحافيين، خاصة الفرنسيين منهم، الذين كان يعرف مسبقا أنهم عادة ما يأتونه بأكثر الأسئلة إحراجا وأحيانا استفزازا”.

لم تكن تلك أول زيارة مهنية للمغرب يقوم بها محمد كريشان، إذ سبق له السفر إلى الرباط وأجرى عدة مقابلات مع شخصيات سياسية مغربية، من بينها عبد الرحيم بوعبيد الزعيم الاشتراكي، إلى جانب إعداده مقالات حول النزاع في الصحراء الغربية.

في كل زياراته المغربية كان كريشان يحرص على اللقاء بصديقه الصحافي والكاتب خالد الجامعي، الذي التقى به أول مرة في مصر ، خلال تغطية الانسحاب الإسرائيلي من سيناء. وقتها كان خالد الجامعي “مشغولا بترتيب سفر ابنه إلى الخارج للدراسة بعد حصوله على الثانوية العامة، وابنه هذا هو الذي أورثه مهنة المتاعب فظل يعاني منها طوال السنوات الماضية.

وإذا كان خالد الأب المعارض المشاغب، رئيس تحرير صحيفة “لوبنيون” اليومية الناطقة بالفرنسية لسنوات، قد كتب مذكراته تحت عنوان “متهم حتى تثبت إدانته”، فإن أبو بكر الابن الذي تولى نشر صحيفتي “لو جورنال إبدومادير” و”الصحيفة الأسبوعية” وجد نفسه مع السلطات المغربية في ذات خانة الوالد المزعجة.

يضيف كريشان: “خالد الجامعي صديق لا ألتقيه دائما إلا صدفة، في مصر أولا ثم ذات مرة بعد ذلك في أروقة جريدة “عكاظ” السعودية في جدة، ثم بعد سنوات في اجتماع للمجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر عام 1991، وهو الاجتماع الذي غادره كل المغاربة عائدين إلى بلادهم احتجاجا بعد ما مٌنح ممثل البوليساريو الكلمة في افتتاحه”.

في سنة 2000 عاد كريشان إلى المغرب، وهذه المرة باسم قناة “الجزيرة”، حيث أجرى  مقابلة مع المعارض إبراهام سرفاتي زعيم منظمة “إلى الأمام” الماركسية اللينينية، والذي حكم عليه بالمؤبد عام 1975 قبل أن يبعد إلى فرنسا عام 1991 ولم يعد إلى المغرب إلا عام 1999 بمبادرة من الملك محمد السادس، ليموت في مراكش بعدها بعشر سنوات.

كما أجرى كريشان مقابلة مع المفكر والفيلسوف الشهير محمد عابد الجابري، وقد توفي عام 2010. وأيضا مع عبد الهادي بوطالب أحد أبرز مستشاري الحسن الثاني لسنوات.

يورد كريشان تفاصيل أخرى مغربية في الفصل الأخير  الذي عنونه بـ “دفتر المفارقات والطرائف”، منها ما كتبه عن صديقه الراحل خالد الجامعي، هذا الأخير الذي وقع في الاشتباه بكونه  إسرائيليا، عندما تقدم نحوه طفل مصري من مدينة العريش في سيناء، وسأل الصحفي خالد الجامعي رئيس تحرير يومية “لوبنيون”:

 – هل أنت إسرائييلي؟

 – لا، ولكن لماذا هذا السؤال؟

 – كنت تتحدث الآن وقلت “بالزّاف”، وهي مستعملة كثيرا من اليهود المرّوكيين، أي القادمين من المغرب.

“لم يصدق الطفل أن خالد مغربي بالفعل إلا بعد أن اطلع أحد شباب العريش على بطاقة خالد الصحفية، مؤكدا أن معاملة اليهود من أصل مغربي كانت أقسى وأغلظ من معاملة اليهود الآخرين خلال فترة احتلالهم لهذه الربوع!”.

بعد نحو ثلاثة عقود، وعلى الجانب الآخر من الحدود سيكون لكريشان لقاء مع مغاربة يهود فعلا، كان ذلك أثناء تغطيته لفعاليات “بيت لحم 2000” حين دخل على عجل إحدى البقالات اليهودية الصغيرة في يافا أو حيفا.

يروي كريشان سرد ذلك الموقف: “كان أصحاب الدكان جالسين حول مائدة صغيرة بصدد تناول إفطار، لم أره غريبا في شكله ولا في رائحته عن أي إفطار في أي دكان مماثل له في أي قرية تونسية. بادرني أحدهم بالعربية: “منين الأخ؟”، قلت من تونس، فصرخ أحدهم: “يا حسرة عليك يا بورقيبة”!!

“نحن جيرانك من المغرب”، قال أحدهم، وأصر جميعهم على دعوتي على الأكل معهم، وبإلحاح شديد”.

خلافا لهؤلاء اليهود المغاربة الذين منهم هاجر طوعا أو قسرا، يستحضر كريشان مغربيا يهوديا اختار مسارا مختلفا، وهو الراحل أبراهام السرفاتي، باعتباره “أحد أبرز الأصوات اليهودية العربية، التي تميزت لعقود طويلة بالدفاع عن عدالة القضية الفلسطينية، بشكل لا يقل شراسة عن دفاعها عن العدالة الاجتماعية والحريات السياسية…”. ففي سنة 2000 أجرى محمد كريشان مقابلة خاصة لتلفزيون “الجزيرة” مع زعيم منظمة “إلى الأمام” الماركسية اللينينية، والذي حكم عليه بالمؤبد عام 1975 قبل أن يبعد إلى فرنسا عام 1991 ولم يعد إلى المغرب إلا عام 1999 بمبادرة من الملك محمد السادس ليموت أبراهام السرفاتي في مراكش بعدها بعشر سنوات.

* سبق أن صدر لمحمد كريشان كتابان: “منظمة التحرير الفلسطينية التاريخ والفصائل” تونس – 198و”الجزيرة.. وأخواتها” (مجموعة مقالات عن الإعلام) باريس – 2006.

شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *