اللاجئون السوريون في سوق المزايدات .. ودرباس يؤكد لـ “السؤال الآن” باسيل فوت فرصة الحل

اللاجئون السوريون في سوق المزايدات .. ودرباس يؤكد لـ “السؤال الآن” باسيل فوت فرصة الحل

أحمد ترو

ملف عودة اللاجئين السوريين من لبنان الى بلادهم كغيره من الملفات العالقة لدى الحكومة اللبنانية. إذ بات من الواضح ان الدولة اللبنانية، عجزت عبر جميع حكوماتها المتعاقبة من حل أي معضلة يعاني منها الوطن على كل الأصعدة.

بحسب التقديرات الرسمية، هناك حوالي 1،5 مليون لاجئ سوري، أي ما يعادل ثلث سكانه، والتهديد والتهويل فيما خص عودة هؤلاء لبلادهم لا ينفك يتوقف من قبل رجالات السلطة اللبنانية.

الانذار الأخير وجهه رئيس الحكومة المكلف ومصرف أعمالها في الوقت عينه نجيب ميقاتي، حيث قال أثناء اطلاق خطة لبنان الانقاذية لعام 2022-2023: بعد 11 عاما على بدء الأزمة السورية، لم تعد لدى لبنان القدرة على تحمل كل هذا العبء، لا سيما في ظل الظروف الحالية”، داعيا المجتمع الدولي إلى “التعاون مع لبنان لإعادة النازحين السوريين إلى بلدهم، وإلا فسيكون للبنان موقف ليس مستحبا على دول الغرب، وهو العمل على إخراج السوريين من لبنان بالطرق القانونية، من خلال تطبيق القوانين اللبنانية بحزم”.

هذا الكلام الذي جاء على لسان ميقاتي، ليس الاول من نوعه، حيث كرّر مراراً وتكراراً عبر خطابات المسؤولين منذ عام 2014 حتى يومنا هذا، بحيث أصبح ملف النزوح السوري ساحة للمزايدات بين السياسيين، ولعل أكثر المزايدين الشعبويين، هو النائب جبران باسيل الذي يعتبر ان لا يمكن للبنان النهوض بأي خطة اقتصادية في الوقت الذي يتواجد فيه 1،5مليون نازح سوري، ناسيا انه وتياره أن من أبرز اسباب انهيار البلد إحتكار حقيبة الطاقة منذ 2010 الى اليوم وفشل إدارتها، إضافة إلى التسبب بخسائر فادحة قضت على قطاع الكهرباء برمته، حيث تقدر هذه الخسائر بحسب تقرير صادر من الجامعة الأميركية في بيروت حوالي 43 مليون دولار أي ما يعادل تقريبا نصف الدين العام.

باسيل يفوت فرصة جوهرية…

لا شك أن عودة النازحين السوريين إلى بلادهم أمر لا بد منه، لكن هل من خطة جاهزة ومناسبة لدى الحكومة لتنفيذها؟، في هذا السياق يقول وزير الشؤون الاجتماعية الأسبق رشيد درباس لـــ “السؤال الآن” :  “أقرت خطة كاملة الأوصاف للنزوح السوري في كانون الأول من سنة 2014 بمجلس الوزراء خلال فترة ترؤس تمام سلام الحكومة، هذه الخطة انا وضعتها بصفتي الوزير المسؤول في وزارة الشؤون الإجتماعية عن الملف ومقرر خلية الأزمة، وبصراحة وزير الخارجية جبران باسيل آنذاك، فوت علينا فرصة جوهرية لحل هذه الازمة، عندما أتت الكويت لتبني مدارس ومخيمات إنسانية للسوريين قابلة للنقل وأبلغتها حينها أن لا مانع في هذا، لكن يجب بناء هذه المخيمات على بعد 30 كلم من الحدود السورية الى حين إنتهاء الحرب في سوريا. ووجه هذا العرض برفض قاطع وحاسم من قبل باسيل، معتبرا هذا تكرار للتوطين الفلسطيني”، مضيفا: “ولو نفذت خطة المخيمات لما رأينا السوريين منتشرين في كل مكان، والمطلوب اليوم الدخول إلى ارشيف مجلس الوزراء والاطلاع على خطة الحكومة اللبنانية الخاصة بمعالجة الأزمة َوتطبيقها بفكر وطني  لا طائفي”.

كانوا يتوسلون لإدخال البستاني

وفي السياق، يكشف درباس عن وزراء ونواب معارضين للنزوح السوري في لبنان كانوا يتوسلون اليه، حين كان وزيرا بالسماح للبستاني الخاص بهم الدخول الى لبنان. مؤكدا على أن “الوجود السوري جزء منه مفيد وجزء آخر لم يعد مفيد، لأن الدورة الاقتصادية لم تعد موجودة، وبالتالي هناك جزء كبير من الاقتصاد اللبناني لا يستغني عن العمالة السورية وبخاصة قطاعات الزراعة والبناء والنظافة. ولكي ننظر إلى الأمور بشكل موضوعي فنحن بحاجة لـ ٦٠٠ الف سوري في لبنان للزراعة والبناء والنظافة، ولا يمكن سير الأمور من دونهم اولا: لديهم خبرة، ثانيا: رواتبهم لا بأس بها، وعليه فإن العنصرية كاذبة لان الذين يصرحون ضد النزوح السوري عمال منازلهم كلهم من الجنسية السورية”.

 ويستطرد قائلا: “مسألة اللجوء هي باب رزق لجهات عديدة كالمنظمات الدولية، وبغياب النظرة الوطنية الموحدة يبقى هذا السوق للمزايدات السياسية والمصلحة، وعندما يطلب وزير الخارجية عبدالله بوحبيب من المنظمات الدولية التوقف عن ضخ المساعدات للسوريين، فهؤلاء لا يعيشون فقط على مساعدات الأمم المتحدة، كما أن هذه المساعدات تقلصت والسوريون أصبح مكان عملهم هنا، فالقانون يسمح لعمال البناء والنظافة فقط بمزاولة العمل ماعدا ذلك لا شيء مسموح، وبالتالي إن راتب السوري أقل من الحد الأدنى للأجور في لبنان، لأن كلفة معيشته أقل وفي الوقت ذاته إضمحلت فرص العمل بسوريا والليرة السورية يوما بعد يوم تتضخم، أما بالنسبة الى النازحين في لبنان ففي حال ساءت الاوضاع أكثر من ذلك سيغادرون من قرارة نفسهم”.

رحيل لــ “السؤال الآن”: تعذيب بحق العائدين

حذرت منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش ومنظمات حقوقية أخرى من الإعادة القسرية للاجئين السوريين، لافتة إلى أنها وثقت حالات اعتقال وتعذيب من قبل السلطات السورية بحق العائدين.

وفي هذا الاطار يقول الاعلامي السوري محمود رحيل المعارض لنظام بشار في حديثه لــ “السؤال الآن”: “الوضع في سوريا غير آمن، ولن يكون آمنا طالما أن نظام الأسد من يحكمها. كل يوم مئات الاعتقالات، وعشرات القتلى في السجون، والمقابر الجماعية في تزايد وكبت الأفواه والتعتيم الإعلامي مستمر وتُسن القوانين من أجله، لا أحد يجرء حتى على انتقاد رئيس بلدية أو حتى موظف في دائرة حكومية، فأين الأمن والأمان؟. “

الإرهاب الحقيقي

ويضيف رحيل: “الإرهاب الحقيقي في سوريا هو نظام الأسد وميليشيا حزب الله ومعهم مرتزقة روسيا وإيران، هم المسؤولون عن قتل وجرح وإعتقال الملايين من الشعب السوري، وفي ظل وجودهم لن ينعم السوريون بعودة آمنة ولا حياة كريمة”. ويتابع: “السوري خرج في ثورة لإسقاط النظام المجرم وبناء دولة الحرية والعدالة وخرج من بيته وتحمل مآسي اللجوء ومخاطره للبحث عن حياة كريمة، ولم يخرج من أجل أن يعود قسراً لكنف النظام المجرم الذي خرج بسببه”.

ويرى أن “السياسيين اللبنانيين لا يخدمون مصلحة لبنان ولا يعملون من أجلها أصلاً، فهم أصبحوا أدوات بيد ما يسمى حلف المقاومة، وهو في الواقع حلف المقاولة لدعم نظام الأسد المجرم ومحاولة تعويمه، ولو كان لدى هؤلاء السياسيين ذرة من الأخلاق والفهم السياسي لما دعموا قاتل أبناءهم ومحتلهم، وكلنا نذكر مافعله جيش نظام الأسد ومخابراته في لبنان خلال فترة احتلاله لها، وحتى بعد الاحتلال”.

أما فيما خص تحويل ملف النزوح السوري لساحة من المزايدات لتحقيق مكاسب معينة يقول رحيل: “الكل يستخدم ورقة اللاجئين السوريين ويحاول من خلالها كسب بعض الأصوات، والحصول على دعم بعض المتنفذين في لبنان، طالما أن الآلاف من مقاتلي ميليشيا حزب الله في سوريا بحجة محاربة الإرهاب والقضاء عليه، لماذا يدعون الآن لعودة السوريين لمناطق الإرهاب كما يزعمون”.

ويختم بالقول: “رسالة إلى كل لبناني يتبنى خطاب العنصرية ويقف مع محور المقاولة، كفوا عن المتاجرة باللاجئين واللعب بحياتهم وأمنهم. لبنان فيها الكثير من القضايا والمشاكل الهامة غير اللاجئين، تحتاج الحلول العملية منكم، والأولى بكم مناقشتها والبحث عن حلول لها، وبعدها إذا أردتم حل مشكلة اللاجئين فعليكم أولاً الكف عند إرسال الميليشيات لسوريا وعليكم الكف عن دعم نظام مجرم قاتل”.

Visited 7 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

أحمد ترو

صحفي لبناني