“الوطني الحر” خبير التعطيل الحكومي في لبنان

“الوطني الحر” خبير التعطيل الحكومي في لبنان

أحمد مطر

يبدو من الجلي من مجريات تشكيل الحكومة الجديدة، ان رئيس الجمهورية ميشال عون، بالتشاور مع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، يسعيان الى تكرار تنفيذ نفس اسلوب تعطيل تشكيل الحكومة، بنفس الطريقة التي اتبعها، لتعطيل الحكومة التي سعى لتشكيلها الرئيس سعد الحريري، ولم ينجح بذلك .
منذ البداية، لم يستسغ عون وباسيل معه، اعادة تسمية ميقاتي لرئاسة الحكومة الجديدة خلافا لرغبتهما وقد ارسلا أكثر من رسالة اعتراض ورفض، لحليفهما المتبقي حزب الله، ولكن تم تجاهلها كلها وكأنها لم تكن. عندها لوح باسيل بتبني تسمية نواف سلام لرئاسة الحكومة، وهو غير مرغوب فيه من الحزب، في موقف تحدي واضح لحليفه، لقطع الطريق على تسمية ميقاتي مجددا، اعتقادا منه انه سيحرج الجميع ولكن من دون جدوى، وجد باسيل نفسه معزولا وغير قادر على تسويق أي شخصية سنية لرئاسة الحكومة، فاختار عدم التسمية، ووضع تكتله في موقع هامشي، غير مؤثر في اللعبة السياسية .
لم ينم رئيس التيار الوطني الحر على ضيم فشله، بتقدم ميقاتي على سائر المرشحين لرئاسة الحكومة، فشن حملة شعواء على ميقاتي، معلنا عدم مشاركة تكتله بالحكومة الجديدة، وحتى الامتناع عن اعطائها الثقة مسبقا، معبرا بذلك عن مدى استيائه البالغ، من تكليف ميقاتي بتشكيل الحكومة العتيدة خلافا لرغبة العهد ورغبته، وهي المرة الاولى التي يجد فيه نفسه، في مواجهة هكذا موقف، بمعزل عن دعم حليفه، سرا، او علانية .
حاول رئيس التيار الوطني الحر بعد تسمية ميقاتي رغما عن العهد، ارسال أكثر من رسالة، لفتح حوار جانبي مع ميقاتي، أملا تكرار اساليب الابتزاز التي انتهجها من قبل، لفرض سلسلة شروطه ومطالبه التي لم تسلك طريقها، إبان الحكومة المستقيلة، برغم كل المناورات والضغوط التي اتبعها، بطرح المقايضات العلنية او تحريك قضاء غادة عون لفبركة ملفات من هنا أو ملاحقات من هناك، ولكن يبدو أن كل هذه المحاولات لقيت طريقا مسدودا، لتعذر تحقيقها ولو بالحد الأدنى منها ,
لم يتبقى امام رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره النائب جبران باسيل، الا الرفض المتواصل لأي صيغة يتقدم فيها لتشكيل الحكومة، بعد فشل كل المحاولات والاساليب المتبعة، لفرض شروطهما وتحقيق مطالبهما المطروحة، وهذا يعني سد كل الطرق، وافشال كل الجهود لتشكيل الحكومة الجديدة، وبالتالي اعاقة وعرقلة طموح ميقاتي بتشكيل حكومة جديدة، تتولى القيام بالمهمات المنوطة بها، لإتمام عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي والمباشرة بحل الازمة الضاغطة .
لعبة عض الأصابع متواصلة، بين عون -باسيل من جهة وميقاتي من جهة ثانية.
وفي مواجهة موقف ميقاتي المستند للدستور والمدعوم من حليفه الرئيس نبيه بري، والمحصن بمظلة مراجع دينيه إسلامية ومسيحية، كما ظهر ذلك علانية نهاية الاسبوع الماضي، يبدو ان عون وباسيل، وضعا، اكثر من خطة لتطويق الرئيس المكلف وافشال تحركه
وفي حال لم يتم تشكيل الحكومة الجديدة، واستمرار حكومة تصريف الأعمال التي يستقوي بها ميقاتي، يلوح باسيل جدياً بسحب وزراء رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر معا من الحكومة، لحرمانها مقومات الاستمرار، وتبيان عدم صلاحياتها لتولي مهام رئيس الجمهورية، في حال لم تحصل الانتخابات الرئاسية بموعدها لأي سبب كان .
فيما آخر السيناريوهات التي يطرحها رئيس الجمهورية ميشال عون امام زواره، اذا لم يتجاوب الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، مع اقتراحاته، ولاسيما منها القبول بعرض توسعة التشكيلة بضم ستة وزراء دولة من السياسيين اليها، لكي تكون الحكومة قادرة على تحمل مسؤولياتها، بتنفيذ سلسلة من الإجراءات والتدابير الانقاذية، والقيام بالاصلاحات المطلوبة، بمعزل عن الضغوط الشعبية وتداعياتها، ولم تنجح الجهود المبذولة في تشكيل الحكومة الجديدة، وبقاء حكومة تصريف الأعمال برئاسة ميقاتي حتى انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، عندها فإن رئيس الجمهورية سيبقى في موقعه، ولن يغادر القصر الجمهوري، لانه ليس بوارد تسليم صلاحيات رئيس الجمهورية، لحكومة تصريف الأعمال، لانها فاقدة الشرعية الوطنية ولا صلاحيات دستورية لها لتتسلم السلطة، مهما كان حجم الرفض القائم شعبيا وخارجياً .
ولذلك فإن هذا التصعيد بالمواقف، اذا لم يكن بهدف تحسين المطالب والشروط، كما يجري عادة، فانه يعني بقاء لبنان بلا حكومة جديدة، واستمرار حكومة تصريف الأعمال بمهماتها، واشرافها على الانتخابات الرئاسية، قبل رئيس الجمهورية بذلك، او لم يقبل، بينما لا يمكن الاستمرار بسياسة المكابرة وبقاء الامور على حالها في سياق الوضع الاقتصادي والمالي والاجتماعي يتفاعل سلباً والمؤشرات تنذر بان الامور من سيئ الى اسوأ .

Visited 3 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

أحمد مطر

صحفي وكاتب لبناني