لماذا تستمر الصوامع في السقوط في اهراءات مرفأ بيروت؟
يومان يفصلان عن الذكرى الثانية لتفجير بيروت… ولتضليل التحقيق!
سمير سكاف
ما تزال الصوامع الواقفة مهددة بالسقوط بسبب التشققات والتصدعات التي تعاني منها، بالإضافة الى مفعول سقوط الدومينوز، حيث سقوط كل صومعة سيهدد بسقوط الصومعة المجاورة ويؤثر على أساساتها. وذلك، مع استمرار الحريق، حتى تحت أنقاض الصوامع التي سقطت!
منذ اللحظات الأولى، والحكومة، التي تمثل الطبقة السياسية الحاكمة (حزب الله، حركة أمل، تيار الرئيس ميشال عون، فريق الرئيس نجيب ميقاتي، المرده…)، مصممة على تدمير الإهراءات. قسم يريد التخلص من معالم الجريمة، وقسم يريد محو الذاكره، وقسم يعتبر أن الإهراءات ستسقط على أي حال!
إن الخلاف الأساسي مع أهل الضحايا هو محاولة الحكومة تظهير قصة الإهراءات وكأنها مشكلة “تقنية” وحريق وقمح واسمنت… في حين أنها تحمل آخر لحظات عمر الضحايا، وهي تحولت الى مدفن لبعضهم، كما هي الشاهد الأساسي لجريمة العصر، والنصب الذي لا يريدون التخلي عنه، وحامل أدلة كثيرة جداً في تحقيق يريد الحكام ضربه وتضليله وإخفاء حقائقه! فالتحقيق لم ينتهِ بعد. ومن الأرجح ألا ينتهي التحقيق في زمن القاضي طارق البيطار! فكل العراقيل مسموحة لإبعاده عن الملف! وإرادة التخلص منه سبقها التخلص من القاضي فادي صوان!
وعليه، فمنذ اللحظات الأولى، وما بعدها، لم تكن للطبقة الحاكمة أي نية بتفريغ القمح من الصوامع. ولم يخفَ عليهم مخاطر احتراقها مع تبعاتها. وإذ هم مدركون لموقف أهالي الضحايا الثابت من الاهراءات، استمر أهل الحكم على إرادتهم في تدمير الإهراءات. لذلك، فإن الحكومة “ما مشيت” بالخيار الفرنسي لتفريغ ومعالجة القمح والذره…
من الأرجح، أن معظم الصوامع ستسقط بسبب التصدعات الناتجة عن الانفجار الأساسي. وكل العوامل الإضافية هي مكملة، كالنيران في القمح. أما تأثير سقوط الصوامع الباقية فهو كتأثير السقوط الأخير، أي من دون خطورة أساسية، ومن دون سموم في الهواء، باستثناء كثافة الغبار عند سقوطها. ويجب بالضرورة الحذر، خاصة من قبل كبار السن والأطفال والمرضى. وبالتالي، من الضروري إقفال النوافذ ولبس الكمامات عند سقوط أي صومعة. ومع محدودية المخاطر، فإن الاحتياط واجب 24 ساعة على الأقل.
يومان يفصلان عن الذكرى الثانية لتفجير بيروت ولتفجير المرفأ. يومان يفصلان عن الذكرى الثانية لأكبر تفجير غير نووي في التاريخ! والجروح ما تزال تنزف. ودموع الأهالي ما تزال تنهمر. ولا شيء يثلج قلوبهم من سلطة تريد تجنب تحمل أي مسؤولية، من الرئيس ميشال عون الذي كان يعلم، إلى حزب الله الذي تحوم شبهات حوله أنه كان أكثر من يعلم، من دون تحديد دوره بعد في ملكية أو استعمال نيترات الأمونيوم، بسبب تصرفاته المشبوهة في الضغط من أجل تغيير القضاة وتضليل التحقيق… إلى المسؤوليات الرئاسية والوزارية والإدارية والعسكرية المختلفة. إلى كل من يعتبرون أنفسهم فوق القانون، ولا يتنازلون بالحضور إلى القضاء، حتى مع صدور مذكرات توقيف بحقهم. والبعض منهم عاد نائباً وعضواً في لجنة الإدارة والعدل في المجلس النيابي!
إن قضية الإهراءات بعيدة عن بلوغ نهاياتها. والمرحلة الأولى تنتهي بإنتهاء التحقيق، وليس بتدميرها كلياً!