التقرير الأخير لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية يرسم صورة قاتمة لعام 2040

التقرير الأخير لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية يرسم صورة قاتمة لعام 2040

 تضاد وتضارب لعالم الغد 

باريس- المعطي قبال

 دأبت وكالة الاستخبارات الأمريكية وضع، كل أربع سنوات غداة انتخاب الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأمريكية، على مكتبه  تقريرا مفصلا عن أوضاع العالم الآنية والمستقبلية. هي من بين الطقوس التي يستهل بها الرئيس ولايته بغية جسه لنبض العالم ووقوفه عند بؤر التوتر. ما أن انتخب جو بايدن حتى سارع إلى تعيين رئيس جديد ممثلا في شخص وليام بيرنيز، الذي شغل منصب سفير للولايات المتحدة الأمريكية بموسكو من 2005 إلى 2008 ، وهو ديبلوماسي محنك يعرف جيدا فلاديمير بوتين وما يدور في ذهنه. ما أخذ بايدن مهامه حتى وجد على مكتبه بالبيت الأبيض تقرير وكالة الاستخبارات والذي يرسم بانوراما حالكة لما سيكون عليه العالم في أفق عام  2040

وإلى عهد قريب، أكدت العديد من الدراسات والتحاليل أن وكالة المخابرات المركزية الامريكية فقدت دورها الريادي في التقاط الأخبار بشكل آني وفوري، ومراوغة وإبطال مفعول الأعداء قبل أن ينفذوا خططهم التخريبية، سواء داخل أو خارج أمريكا. وأكدت العديد من الأحداث والوقائع هذه الأطروحة وذلك على خلفية هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2002، عدم رصد وقوع انفجارات الربيع العربي، ترسيم تقنيات التعذيب مع تهجير المشكوك فيهم إلى مراكز مجهولة، الفشل في وضع حد لمجرمي ومجانين الداخل الذين يرتكبون المجازر في حق الأطفال والتلاميذ والمتسوقين في الأسواق الكبرى… آخر فشل منيت به الوكالة هو عودة طالبان إلى الحكم، وهو ما لم تخمنه الوكالة.

خلال حقبة ولاية دونالد ترامب، استغلت بعض الدول مثل روسيا، الصين، تركيا، استغلت فرصة انسحاب الولايات المتحدة من المشهد العالمي لتقوية حضورها ونفوذها. لكن وإن ساهم الاتحاد السوفياتي بشكل غير مباشر منذ 75 سنة وعلى خلفية الحرب الباردة في نشأة وكالة الاستخبارات الأمريكية، فإن روسيا فلاديمير بوتين تساهم اليوم في إنعاش بل في تعزيز ديناميتها.

لكن يبقى سعي الوكالة في نهاية المطاف هو الإطاحة بالرئيس الروسي، وذلك تحت إدارة الثنائي جو بايدن-  وليام بيرنز. وكل يوم تسلم الوكالة للرئيس خلاصة عن الأوضاع الداخلية والخارجية. مع وصول بايدن إلى السلطة، تبوأ وليام بيرنز موقع من يجمع الأسرار ويكتمها. وبتعيين وليام بيرنز مديرا  وجد هذا الأخير نفسه أمام عدوين:

عدو الداخل ممثلا في الحركات التقليدية المحسوبة على المتطرفين من الجمهوريين، والذين نظموا وقاموا بالهجوم على الكابيتول، مبنى الكونجرس الأمريكي.

أما العدو الخارجي فتمثله روسيا. وبفضل خبرته في الملف الروسي أخبر وليام بيرنز الرئيس بايدن، قبل وقوعه، بهجوم روسيا على أوكرانيا. وفي تقريرها الأخير تشير الوكالة بأن روسيا ستستمر في استعمال الطاقة كاداة للسياسة الخارجية وإرغام الدول على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. وفي عز الحرب، أغدقت الوكالة على قسم المخابرات الأوكراني بالأخبار والتقارير التي تم تجميعها بفضل الأقمار الاصطناعية التي تراقب عن كثب تحركات الجيش الروسي. يعلم بوتين جيدا أن وليام بيرنز هو من يقف وراء هذه الاستراتيجية التي تقوم فلسفتها على استباق ضربات الجيش الروسي ومحاولة تجنب الخسائر التي يمكن أن تلحقها بالمواطنين و بالمرافق الحيوية.

غير أن الوكالة، يشير جان غينال، الصحافي بأسبوعية لوبوان المتخصص في قضايا الاستخبار والدفاع، لا يقف تدخلها عند مساعدة الجواسيس والعملاء العاملين في بلدان مثل الصين، إيران، وبعض دول أمريكا اللاتينية ودول أخرى مناهضة لأمريكا، بل تغطي هذه المساعدة مجالات حيوية مثل مجال الستارت أب start Up، السينما، الإعلام، ألعاب الفيديو، بعض وسائل التواصل الاجتماعي مع تسخير علماء الفضاء لتحليل المعطيات الناتجة عن الصور الملتقطة بواسطة الأقمار الاصطناعية أو بواسطة الطائرات المسيرة. يشدد العديد من الخبراء أن الوكالة تعرف طفرة جديدة في الميدان وأنها عائدة لتسجيل حضورها. ويعتبر مقتل زعيم تنظيم “القاعدة” أيمن الظواهري، في غارة أمريكية بطائرة بدون طيار على منزل بالعاصمة الأفغانية كابول، وقعت صباح 31 يوليو بتوقيت كابول، إنجازا يحسب لوكالة الاستخبارات.

دخلت الوكالة في زمن جديد هو زمن ما بعد الكوفيد، زمن الأزمات المناخية، الجرائم والمافيات الرقمية، زمن البيو-تكنولوجيا، الذكاء الاصطناعي، ويعطي التقرير السالف الذكر للحقبة القادمة في أفق 2040 صورة عن مجتمعات متشظية، مجتمعات عرضة لتهديدات ورهانات,

Visited 5 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

المعطي قبّال

كاتب ومترجم مغربي - رئيس تحرير مساعد لموقع "السؤال الآن".