“الرُّوخُو” في ضيافة الجلّاد قدُّورْ اليوسْفي (3)

“الرُّوخُو” في ضيافة الجلّاد قدُّورْ اليوسْفي (3)

شهادة المناضل محمد السريفي في “درب مولاي الشريف” (3)

نسمع من حين لآخر صرخة تمزق صمت الليل، لكننا كنا نعلم أن أحدنا يحلم، يعيش كابوسا، حيث تحتل مكانا في نومنا ذكرى لا تمحى لبضع دقائق، لا غير. ونعود إلى النوم وقد نبتسم ابتسامة على ملتقى شفتينا، قائلين بأنه مجرد حلم، بل إننا تعلمنا كيف نميز الصرخة الصادرة عن اللحم الذي شققته ضربات السياط، التي أوصى بها صاحب الدرب الذي وشح الحسن الثاني صدره، إنه منجل Mengele العصر الحديث. (كان منجل طبيبا وأحد المشرفين على المعتقلات النازية خلال الحرب الثانية وكان يشرف على تعذيب المعتقلين، واستحق تهمة مجرم حرب- المترجم).

 

في هذا الجو الهادئ وشوش في أذني أحد الحراس:

– “رقم 40 .. المعلم يريد أن يراك”…

 لم تكن في صوته أية نبرة عداء، بل الكثير من الطمأنينة .

قطعت 200 أو 300 متر تفصلنا عن غرف الاستنطاق، في نهايتها يوجد مقر القيادة العامة حيث يتواجد اليوسفي قدور مطمئنا، لم أر تنغيصا ولا ضربات سوط ولا شتائم.

داخل الغرفة أثار خياشمي تنوع الروائح ودخان السجائر. أجلسني أحدهم، وأمر اليوسفي قدور أن يقدم لي كأس شاي وسجارة، رأيت على مستوى صدري علبة سجائر “لاكي ستراك” تقترب مني، وأمر “الشريف” اليوسفي قدور بإزالة العصابة والأصفاد، اقترب مني، كنت أنظر إليه لأول مرة، لم تفارقه عيناي، شعرت بوجود قرابة عشرة أشخاص في القاعة.. لكن عينيّ انجذبت إليه وحده.

– “لم تقل لي بعد إذا كنت قد أخذت دروسا في التنويم المغناطيسي.

 (يشير إلى مواجهة نظمها مع رفيق ادعى معرفتي، كنتُ قد ركزتُ بصري بقوة عليه، بدا معها الرفيق منوَّما مغناطيسيا، ولم يخش شيئا).

… لكن هذا ليس موضوع هذا اللقاء. نحن نعرف مدى تعلق عائلتك بك، رحمهم الله.. أمس مساء كان أبوك وأمك وأخوك عبد الله وأختك مليكة، وإحدى أخواتك الإسبانيات ماري كارمن، وكذا صديقتك ربيعة.. يتناولون وجبة العشاء عند والديك.. حتى انفجرت قنينة الغاز ومزق الانفجار أجسادهم.. تعازينا، دخِّنْ سجارتَك”.

 كل من حضر اللقاء مروا واحدا تلو الآخر يقبلون خدي ويقدمون العزاء. .. (يتبع)

<

p style=”text-align: justify;”>ترجمها عن الفرنسية: محمد بولعيش

Visited 2 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة