لبنان: فشل التسوية السياسية والفراغ قادم…

لبنان: فشل التسوية السياسية والفراغ قادم…

أحمد مطر

من الواضح أن الوضع في لبنان لا يشي بأي تطور ممكن أن يؤدي إلى إنتاج تسوية سياسية وانتخاب رئيس للجمهورية، ففي ظل استمرار حالة التعثر في تشكيل حكومة فاعلة بعد ثلاثة أشهر على انتهاء الانتخابات النيابية، بدأت مختلف الأحزاب السياسية والكتل البرلمانية تحركاتها السياسية النشطة من أجل التحضير لمواجهة الاستحقاق الدستوري لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، يحل مكان الرئيس ميشال عون في سدة الرئاسة، والذي تنتهي ولايته في 31 تشرين أول- أكتوبر المقبل .

تبدو الدعوات الداخلية لإنجاز الاستحقاق الرئاسي وكأنها تغرد خارج السرب، لكنها تشير إلى حجم الاختلافات وطبيعة المشاريع المطروحة في البلد وامتداداتها الإقليمية، فلا يدخل كلام رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عن مواصفات الرئيس المقبل إلا في سياق تكريس الفراغ، فيما الخرق الوحيد الذي يؤخذ بالاعتبار ما سجله لقاء وليد جنبلاط مع قيادة حزب الله .

من الواضح أن العامل الأساسي الذي يمنع استعادة نصاب المؤسسات الدستورية، هو ربط مصير لبنان بملفات المنطقة، وأصحاب المصلحة في ذلك، القوى التي تحمل مشروعاً إقليمياً. وبالطبع على رأس هذه القوى حزب الله، وينطلق موقف الحزب مخافة الوقوع في الفراغ وإعادة تجربة حكومة الرئيس تمام سلام بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان .

على المستوى الداخلي اللبناني، يبدو أن بحثاً خلف الكواليس يتقاطع بين المحلي والدولي، يتناول التركيب السياسي والصيغة واتفاق الطائف، وهو يأخذ بالاعتبار موازين القوى وإمكان تفجر الأوضاع السياسية والأمنية إذا حدث انسداد في الملف النووي، وأيضاً في المباحثات السعودية – الإيرانية. لكن حتى الآن لا بحث جدياً في انتخاب رئيس للجمهورية، في انتظار متغيرات دولية استراتيجية، إذ أن الداخل عاجز عن انجاز الاستحقاق الدستوري بلا رعاية دولية .

هناك أطراف دولية، في مقدمتها فرنسا والفاتيكان، تؤكد على إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها لقطع الطريق على أي فراغ، وفي المقابل هناك مخاوف من أن أي بحث في التركيبة اللبنانية والنظام والذي تسعى إليه قوى مهيمنة ووفق موازين القوى الراهنة، قد يؤدي نسف الصيغة، وتكريس هيمنة طائفية جديدة، والتذكير بتسوية 2016 لا يعني أن السيناريو نفسه سيتكرر في 2022.

لكن الحدث الأكثر خطورة إلى موعد الاستحقاق، يبقى باحتمال عدم خروج ميشال عون من القصر ما لم تتشكل حكومة تحمل سياسته وقادرة على الحكم في حال عدم انتخاب رئيس جديد.

المعطيات تشير إلى أن البلد متجه إلى حالة من الفراغ حتى إذا قرر ميشال عون الخروج من القصر. مجلس النواب اللبناني لن يتمكن من عقد جلسة انتخاب رئيس جديد خلال المهلة الدستورية، أولاً بسبب قدرة تحالفات نيابية سياسية على تعطيل النصاب، وثانياً لعدم تمكن أي محور إن كان من المعارضة أو الممانعة أو ما يسمى بالمحور السيادي على تأمين اصوات 65 نائباً لانتخاب الرئيس، وهذا امر مرهون بالنصاب أيضاً.

في النهاية يبقى لبنان بأمس الحاجة لرئيس يحقق حياد رئاسة الجمهورية، وغير ساع بشكل مستميت للسلطة. ولكن يبقى من الضروري والمشروع التساؤل عن إمكانية توافر الظروف السياسية لوصول رئيس بهذه المواصفات .

Visited 1 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

أحمد مطر

صحفي وكاتب لبناني