لغز فناء السباع بقصر الحمراء في غرناطة

لغز فناء السباع بقصر الحمراء في غرناطة

غرناطة عبد العلي جدوبي

بعد خمس سنوات من العمل والبحث الدؤوب، توصل علماء الآثار والمهندسين المعماريين الاسبان، إلى لغز (فناء السباع) بقصر الحمراء بغرناطة جنوب إسبانيا.. ذلك أن الفناء توقف المجرى الرئيسي للمياه به لسنوات، والذي يغذي النافورة المحاطة باثنى عشر أسدا، بعد أن ظهرت على النافورة اثار التلف، ولم تشملها أية صيانة نظرا لصعوبة الوصول إلى تلك الألغاز والأسرار المحيطة بمعالم القصر التاريخي، الذي صنفته منظمة اليونسكو العام 1984 ضمن التراث الإنساني .

فناء السباع هذا، هو على شكل ساحة واسعة، تحيط بها أعمدة من كل جهة، وتنطلق المياه من أفواه السباع، يتوسطها صحن دائري وسط النافورة..

يتميز قصر الحمراء بزخرفات بديعة غطت جدرانه الخارجية، عمل على تصميمها أكثر الفنانين إبداعا ينتمون لمختلف الدول الإسلامية.. حسب ما جاء في كتيب وضع رهن زوار القصر..

أكثر ما يميز قصر الحمراء أسوار مبانيه القرمزية، التي لاتزال تقف معاندة الزمن، على رغم ما حل بها من خراب، وأيضا هي  شاهدة على التاريخ ، لأنها جمعت في آن واحد بين وظائف الدفاع العسكري، ومهمة القلعة المركزية، ودور القصر الملكي، وتنظيم المدينة السكانية ..

خبراء الآثار والمعماريون أثناء عمليات الترميم
خبراء الآثار والمعماريون أثناء عمليات الترميم

يقول الفيلسوف روجيه غارودي الذي أكنُّ للأندلس محبة خاصة، متحدثا عن القلعة الحمراء: “هنا يبدأ الحلم .. لكل ساعة لونها.. ولكل خيال ظلاله، إلى حد أن تعاقب النهار والليل والصباح والمساء، ومسار الشمس والنجوم، يجعلها تشارك القبة السماوية في تحولاتها واختلافاتها الهندسية، تشارك هنا في محاكاة الحركة الكونية.. أي اسم يمكن إعطاؤه لهذه الحقيقة خارج الزمان والمكان..؟”.

هذا وكانت السلطات المحلية لمدينة غرناطة قد جندت فريقا من خبراء الآثار ومن المهندسين المختصين لإعادة ترميم سقوف ونقوش القصر، بعدما فقدت  ألوانها، بعد ثمانية قرون من  بنائها.. واحتاج الخبراء إلى تهيئ مواد صباغة طبيعية خاصة بالنقوش التي بدأت تختفي.. كما طرحت من جديد مسألة صباغة النقوش بالألوان الزاهية، وهي الصباغة التي لم تدخل فيها أية مادة صناعية مما أثار اندهاش العلماء..

وبالرغم من التقدم والبحث العلميين، فإن خبراء ترميم مآثر قصر الحمراء لم يتمكنوا من إعداد صباغة طبيعية مائة في المائة، مثل المستعملة في طلاء النقوش، بالرغم من استعانتهم بأجهزة جد متطورة، وهذا يحيلنا على مدى قدرة العبقرية الإسلامية على خلق مواد بناء وصباغة وطلاء طبيعية استطاعت البقاء والصمود في وجه التقلبات على مدى قرون .

وحسب المعلومات المنشورة في الكتيب الموضوع رهن زوار القصر، فتسمية قصر الحمراء كما يرى البعض أنها  مشتقة من بني الأحمر، وهم بنو نصر الذين، كانوا يحكمون غرناطة بين عامي 1232 و1492 م، بينما يرى آخرون أن التسمية تعود إلى التربة الحمراء التي يمتاز بها التل الذي تم تشييده عليها، ومن التفسيرات الأخرى للتسمية، أن بعض القلاع المجاورة لقصر الحمراء كانت تعرف مند نهاية القرن التاسع الميلادي باسم المدينة الحمراء.

Visited 334 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

عبد العلي جدوبي

صحفي مغربي