الصين.. تدعيم سور الاشتراكية العظيم!

الصين.. تدعيم سور الاشتراكية العظيم!

مدريد – عبد العلي جدوبي

في قراءة متأنية لأبرز بنود التقرير المتكون من خمسة عشر جزء، الذي قدمه الرئيس الصيني (شي جين بينغ) إلى المؤتمر، نيابة عن الحزب الشيوعي الصيني، حيث تم انتخابه لقيادة البلاد لخمس سنوات أخرى، بعد تعديل ميثاق الحزب، تبين لكل محلل سياسي، أو مهتم بالشؤون الصينية، أن الصين استفادت من الرياح الليبرالية التي دخلت إليها عبر قنوات استراتيجية الاصلاح الإقتصادي، والانفتاح على العالم، مكنتها من فتح آفاق جديدة لصينية – ماركسية معصرنة، وتطوير الديمقراطية الشعبية، وذلك بتسريع إنشاء نمط جديد للتنمية وتقوية الدعم للكفاءات، وزيادة رفاهية الشعب ورفع جودة المعيشة، كما جاء في التقرير الذي عرضه الرئيس الصيني خلال مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني .

وإذا كانت الصين قد مارست نقدا ذاتيا على سياستها بقيادة ماوتسي تونغ العام 1966، فإنها تمكنت بعد تعاقب حكم الرؤساء السابقين، من قطف ثمار النقد الذاتي خلال السنوات الماضية بأسلوب يتماشى مع الخصوصية الصينية التي مكنت الشعب الصيني من دخول عصر السوق، ومن خلال سياسة تجاوز كل المخاوف في اتجاه السياسات الإصلاحية، هذا في الوقت الذي ينشط فيه التيار المحافظ داخل الحزب الشيوعي الصيني، حيث كان الاعتقاد السائد أن سياسة الإصلاح قد أضرت كثيرا بالصين، وتهدد بتحطيم “سور الاشتراكية العظيم”! لكن الأحداث السياسية المتلاحقة أخذت بعدا آخر نحو تكريس سياسة ناجعة أخرجت الاقتصاد الصيني من دائرة الشك .

ويظهر أنه رغم تواجد هذا التيار – حسب المراقبين – تظل الغلبة قائمة لتيار الإصلاح داخل الحزب وداخل المؤسسات، وتعتبر الإصلاحات نقطة تحول هامة في السياسة الصينية، انعكست إيجابياتها بشكل ملموس على حياة الشعب الصيني، وعلى هذا الأساس تظهر يوميا القرارات النابعة من حاجات الصين الحقيقية، إلى المزيد من إضفاء صور التحديث على الاقتصاد الصيني، والتصدي للضغوطات الأمريكية بتقوية الجبهة الداخلية وبالاعتماد على مبدأ القومية، مع الحفاظ على استقرار في العلاقات الدولية ..

هذا الإصلاح تبرز أهميته في تحويل بنك الشعب إلى البنك المركزي بداية الثمانينات، وله دلالة عميقة في إعطاء الأسبقية والأولوية الدوافع الواقعية والانتقال إلى السرعة الثانية التي من شأنها معالجة المشاكل المترتبة عن التحول الاقتصادي العالمي، ودخول الأنظمة المالية المتعارف عليها دوليا في مجمل معاملات الصين الحالية.

ويفيد تقرير الرئيس الصيني على مستوى السياسة الخارجية، التأكيد على أن انضمام هونغ كونغ الى الصين سياسيا، سيعزز مبدأ (دولة واحدة ونظامان)، يعتبر عملا مبتكرا للاشتراكية ذات الخصائص الصينية، للحفاظ على استقرار هونغ كونغ على الأمد البعيد.

فأهم الرهانات السياسية في فترة حكم الرئيس شي جين بينغ، تتمثل في تقوية مركز الصين داخليا وخارجيا، والاهتمام بالعالم الثالث جنوب شرق آسيا والعالم العربي.

من جانب آخر فقد عززت بيكين اصطفافها الاستراتيجي مع موسكو في حربها مع أوكرانيا وقدمت لها مساعدات وصفتها بيكين بـ “الرمزية”، مع أنها رفضت اتخاذ موقف صريح وواضح بشأن الحرب الدائرة هناك! في وقت كانت فيه لا تريد توريط نفسها في نزاع أو حرب قد يضعف موقفها في المعارك السياسية المحلية، التي تتصدر قائمة الاولويات لديها !

هذا وستظل بيكين بحسب هذه المعطيات وبما جاء به التقرير، تتحرك تبعا لقناعات الرئيس الصيني (شي جين بينغ) الذي قال أنه يؤمن بنفود الصين المتنامي، لتجدير مكانتها وبقوة  في النظام العالمي الجديد .

Visited 2 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

عبد العلي جدوبي

صحفي مغربي