عن اغتيال داني شمعون وعائلته

عن اغتيال داني شمعون وعائلته
أحمد سويسي
نادى داني شمعون على مرافقين من مرافقيه وطلب منهم ايصال الامانة الى قصر بعبدا وتسليمها للجنرال ميشال عون شخصياً،،، فتح بضعة حقائب سفر من الحجم الكبير وظهرت رزم العملة الاميركية موضبة داخلها،،، ” هذا مبلغ عشرة ملايين دولار، يجب ان يصل الى قصر بعبدا كما هو دون زيادة او نقصان “.
كان داني قد استطاع بواسطة صديقه الملك حسين ان يقنع صدام حسين بضرورة تسليح الجنرال وتمويل حربه العبثية ضد السوريين وبالفعل كانت المساعدات المالية العراقية تصل الى الجنرال عبر داني شمعون فيقوم بايصالها اليه،،،
تعقدت الامور العسكرية للجنرال وبدات هزائمه تتوالى بعد ان تمرد على السلطة الشرعية اللبنانية وبعد ان استولى بالقوة العسكرية على قصر بعبدا ونادى بنفسه رئيساً للجمهورية ورفض تسليم القصر الرئاسي للرئيس المنتخب رينيه معوض، ومن ثم للرئيس المنتخب بعد اغتيال معوض الياس الهراوي،،، وبدأت تسؤ علاقاته مع الجميع، فسحب الفصيل العسكري الذي كان مولجاً بحماية منزل شمعون ، بحجة انه بحاجة للعسكر في معاركه الدونكيشوتية، وبعدها بايام كانت ليلة الهروب الكبير الى السفارة الفرنسية ،،، هرب بشجاعة مرتدياً البيجاما تاركاً العديد من عساكره يواجهون آلة الحرب السورية دون قيادة!
بعد دخول السوريين احس داني شمعون بانه صار مقيد الحركة من جهة وخارج دائرة الامان من جهة اخرى فعقد العزم على مغادرة البلد،،، اتصل بالسفير الفرنسي طالباً منه موعداً لانه يريد ان يراه قبل مغادرته ولانه يطلب الحصول على تاشيرة عاجلة لخادمته السيرلانكية التي ستغادر معه ومع عائلته الى باريس ،،،
ذهب شمعون في اليوم التالي الى السفارة لمقابلة السفير حسب الموعد، استقبله موظف العلاقات العامة في السفارة وقاده، ربما بطريق الخطأ او بتعليمات من السفير نفسه، الى صالون خاص في السفارة، وما ان فتح الباب حتى فوجيء بالجنرال عون جالساً الى جانب ايلي حبيقة يتبادلان النكات وتعلوا اصواتهما بالقهقهة،،، اصيب شمعون بالصدمة لجلسة الانسجام هذه بين الخصمين اللدودين فيما كان دم الجنود اللبنانيين الذين تخلى عنهما عون لم يجف بعد، كما فوجيء عون وحبيقة بدخوله المباغت عليهما! كان رد فعل شمعون على المشهد الغير متوقع حاداً:” تتضاحكان وتقهقهان وانتما في غاية الانسجام فيما الناس تموت في الخارج جراء خلافاتكما والبلد يحترق”؟،،،
تقدم منه إيلي حبيقة بدمٍ بارد : كنت اتمنى ان نلتقي في ظروف افضل ولكننا التقينا،،، استغرق المشهد دقائق معدودة قبل ان يخرج شمعون للقاء السفير في مكتبه!
بعد يومين وفيما كان شمعون يحزم حقائبه ويرتب اموره للسفر اتصل به إيلي حبيقة ليخبره بان الشباب قد عثروا على دراجته النارية الجديدة التي سرقت البارحة وانه سيردها إليه بنفسه لانها ستكون مناسبة للتعارف والحديث وتناول القهوة سوية،،، وافق داني على العرض مرغماً لانه لم يجد مجالاً للتملص،،،
كان داني شمعون من هواة دراجات هارلي داڤيدسون وكانت دراجته قد سرقت في ظروف غامضة من امام منزله الذي كان بلا حراسة منذ تم سحب عناصر الجيش من حوله!
في اليوم التالي حضر ايلي حبيقة في موكب الى سنتر شاهين في بعبدا مع الدراجة النارية وصعد الى الطابق السادس في المبنى A حيث شقة شمعون حيث تناول القهوة وتجاذب اطراف الحديث معه في مواضيع الساعة وتحدثا عن موعد سفره القريب الخ ،،،
بعد يومين من زيارة حبيقة صعدت مجموعة مسلحة، متنكرة بثياب الجيش اللبناني، الى منزل داني شمعون من دون ضجة او خلع وكسر للابواب ، سواء في بوابة المبنى او المنزل نفسه ، حيث تم تنفيذ مذبحة مروعة اودت بحياة عائلة شمعون ما عدا ابنته التي نزلت بها مربيتها تحت السرير بعد ان وضعت يدها على فمها كي تمنعها من الصراخ ،،،
نفذ القتلة جريمتهم بدم بارد وبدأوا بقتل شمعون ثم زوجته وبعدها دخلوا بحثاً عن الاولاد والخادمة ليقتلوهم جميعاً حتى لا يبقى من الاحياء من يخبر،،، ولقد نجت ابنته ومربيتها باعجوبة بفضل ذكاء الاخيرة وحسن تصرفها،،،
اما بواب المبنى فقد ترك عمله بعد الجريمة وقد ارتقى من مهنة بواب الى مالك لعدد من شاحنات النقل العام ولم يتم العثور على اي من الشهود على جريمة هزت الاوساط السياسية وتركت آثارها العميقة على الطبقة السياسية المارونية!
بعد سنوات قتل إيلي حبيقة قرب منزله في مار تقلا إثر تصريحه بانه على استعداد للشهادة امام المحكمة البلجيكية التي كان ينبغي ان تحاكم وزير الدفاع الاسرائيلي ارييل شارون عن دوره في جريمة صبرا وشاتيلا مما كان سيحرج النظام الامني السوري لانه سيفضح دور حبيقة في هذه الجريمة المهولة،،،، جرى دفنه في المقبرة الشهابية على بعد امتار من منزل داني شمعون حيث تطل شرفته الجنوبية الشرقية على قبره!!!
يسكن في شقة داني اليوم شقيقه دوري وغير بعيد منه تسكن ترايسي ، ابنة داني البكر من زوجته الاولى ،،،
والبلوك A حيث حدثت الجريمة شهد احداثاً تاريخية تستحق الذكر. فبعد الغزو الاسرائيلي للبنان سكن في الطبقة الثامنة منه ارييل شارون وبعده تحولت الشقة الى مركز للاتصالات الاسرائيلية حيث وضعت الاجهزة واللواقط في الشقة وعلى ظهرها نظراً لانها مفتوحة على البحر وتشرف على بيروت ومطارها،،،
سكن في هذا الشقة فيما بعد النائب سليمان فرنجية ومن بعده سكنتها انا لمدة 3 سنوات قبل ان انتقل الى منزلي الحالي في اليرزة،،،
وسنتر شاهين هو من اجمل المراكز السكنية في المنطقة يتمتع بحديقة كبيرة تبلغ آلاف الامتار ويضم ثلاثة مبانٍ تشرف على بيروت والجبل،،،
Visited 70 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة