الأمل في تنقية أجواء الصحافة
جمال المحافظ
على هامش اجتماع مجلسه الإداري، نظم نادي الصحافة بالمغرب، السبت ثالث دجنبر الجاري بالمركب الدولي مولاي رشيد ببوزنيقة لقاء تفاعليا حول راهن الاعلام المغربي بمشاركة عدد من الصحفيات و الصحافين بعدد من المنابر الإعلامية ورقية وسمعية بصرية ووكالة أنباء والكترونية ورقمية، تناول فيه المشاركون، عدة قضايا مطروحة بالمشهد الصحفي.
فغالبية المتدخلين في هذا اللقاء النوعي، سجلوا أهمية مبادرة نادي الصحافة التي جاءت في وقت تبدو الحاجة جد ماسة الى تقوية أواصر التضامن بين الجسم الصحفي، وإعادة هيكلته لتجاوز ما يعني منه من تشرذم. كما توقفوا كويلا عند واقع المقاولات الإعلامية والتنظيمات الصحفية، وتدنى الأداء المهني، واشكاليات أخلاقية المهنة في ظل التحولات الرقمية، والوضعية المادية والمعنوية للصحافيين.
فهذه “اللمة الصحفية”، كانت مناسبة كذلك لتوجيه نداء من أجل اتخاذ المبادرات الكفيلة بتنقية الأجواء الصحافية، وفي مقدمتها اطلاق سراح الصحفيين، بعدما قال القضاء كلمته، وهو ما يجعل الباب مفتوحا لتجاوز العراقيل والصعوبات التي قد حالت سابقا دون اتخاذ مثل هذه الخطوة المأمولة التي تتطلب انخراطا من كافة القوى الحية ومن مختلف المواقع والحساسيات، وتفهما من كل الأطراف، مع تجاوز كل الحسابات الضيقة والذاتية بالنظر الى المستقبل وتغليب المصلحة العامة.
قضايا أخرى طرحت في لقاء بوزنيقة منها إعادة صياغة العلاقة ما بين الدولة والاعلام والالغاء الصريح للعقوبات السالبة للحرية في قضايا الصحافة والتعبير والرأي من القانون الجنائي أو الإحالة على هذا التشريع مع خلق الشروط الكفيلة بالارتقاء بمستوى الصحافة والاعلام، وضمان كرامة الصحافيين واحترام آداب وأخلاقيات المهنة كما هي متعارف عليها دوليا، والاهتمام بالتكوين واستكمال التكوين.
كما تناول المشاركون بالتحليل واقع الصحافة المكتوبة واشكالية الخدمة العمومية في الاعلام وخاصة بالسمعي البصري ومراجعة الاتفاقية الجماعية والدعم العمومي للصحافة والتنظيم الذاتي والعلاقة ما بين الصحافيين و”المؤثرين” واشكالية نشر التفاهة بوسائط التواصل. وطالبوا في هذا الصدد بالعمل على النهوض بالحافة والاعلام على كافة المستويات.
فباستقلاليته ومرونته وتمثيليته التي قد تكون واسعة، إذا ما استطاع تحقيق انفتاح أكبر على مختلف فئات الصحافة بأجيالهم المتعددة، قد تكون مساهمة النادي، جد فعالة في المساهمة احداث انفراج في البيئة الصحافية التي تعانى من توتر واختناق وأيضا من سوء فهم كبير متبادل.
فمن شأن ذلك، أن يفتح نفسا وأفقا جديدين في المشهد الصحفي، خاصة وأن النادي سبق أن اقترح تنظيم لقاء وطني حول “تحديات ورهانات الصحافة الإعلام والاتصال في القرن 21″، تشارك فيه كافة الهيئات والمنظمات المهنية والتمثيلية وعموم الفاعلين والمتدخلين في الشأن الإعلامي، وذلك خلال لقاء عقده وفد عن النادي مؤخرا مع وزير الشباب والثقافة والتواصل.
وبعد التجربة التي راكمها بعد جمعه العام الأخير، ومرحلة الجمود التي عرفها، وزاد من صعوبتها الرحيل المفاجئ للإعلامي والبرلماني أحمد الزايدي أول رئيس للنادي الذي تأسس في 1992، سنة قبل المناظرة الأولى للاعلام والاتصال في 1993، فإن هذه الهيئة الإعلامية، مطالبة باستعادة عافيتها أولا، وثانيا الانخراط الجدي في الديناميات من خلال الإسهام في توسيع هوامش حرية التعبير والصحافة والاعلام، وتجسير العلاقات بين مختلف الأطراف التي لها علاقة بالشأن الصحفي، واستعادة جسور التعاون والتواصل ما بين الاعلامين والشركاء والتقريب بين مختلف وجهات النظر حتى تلك المتناقضة.
وهذا ما جعل بعض المتدخلين يتساءلون هل البنية القانونية التنظيمية والإدارية للنادي الراهنة قادرة على رفع مختلف التحديات الراهنة، وأن يشكل فضاء ملائما للتفاعل المثمر والبناء بين كافة المهنيين، القضايا الشائكة المشهد الصحفي والإعلامي ، والإشكالات التي تعيق تطور ه وتحد من انطلاقته؟؟
فهل سيتمكن نادي الصحافة بالمغرب باعتباره اطارا مستقلا، من تحقيق تلك النقلة النوعية؟ حتى يكون محاورا مقبولا ليس فقط للهيئات والمؤسسات والحساسيات بمختلف المواقع، ولكن كذلك فضاء تتلاقح داخله كل الأفكار وتشجع به كل المبادرات لتنشيط الحقل الإعلامي والثقافي والسياسي ويشكل كذلك قيمة مضافة – كما قال الإعلامي رشيد الصباحي رئيس النادي في هذا اللقاء – في مجال الترافع لتوسيع هوامش حرية التعبير وتحفيز النقاش العمومي والمساهمة في تنشيط الحياة الإعلامية والثقافية، مع المطالبة بتوفير فضاء خاص بالصحافيات والصحفيين، كما هو شأن نظرائهم بمهن أخرى كالمحاماة والقضاء والطب والتربية والتعليم.
وعلى الرغم من تدشينه لمرحلة الجديدة، يظل مطلوبا من نادي الصحافة بالمغرب، الاستثمار الأمثل لعناصر قوته وتعزيز حضوره داخل المشهد الإعلامي والثقافي الوطني، بالانفتاح على الجيل الجديد من الصحفيين والانخراط الواعي، في التأسيس لخلق بيئة إعلامية سليمة وفي الجهود المبذولة للارتقاء بمستوى الممارسة الإعلامية، بشكل ينسجم مع أهدافه، ويقوى في نفس الوقت البناء الديمقراطي وينمى ثقافة حقوق الإنسان، ويوطن مهن الصحافة والاعلام بشكل ايجابي، مما سييرسخ المكانة الطليعية للإعلام في مسار التحول الديمقراطي، ويقوي من سلطة الرأي العام.