مجلة “تايم” والتصانيف الاعتباطية لشخصية العام
باريس- المعطي قبال
في السابع من هذا الشهر، وقع اختيار مجلة “تايم” الأمريكية على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي كشخصية العام لسنة 2022. ابتكرت المجلة هذا الطقس عام 1927 لتكريس شخصية تركت بصماتها على أحداث السنة. وبذلك تكون المجلة أول من ابتكر الماركيتينغ الإعلامي. منذ ذلك التاريخ جرى الإعلام المكتوب، المرئي منه والمسموع وكذا شبكات التواصل الاجتماعي، على منوال تايم لتعيين شخصية العام كل حسب ميدانه ومقاييسه.
ومن بين الشخصيات السياسية التي حظيت بامتياز تايم نذكر جميع رؤساء أمريكا، باستثناء كالفين كوليدج، هيربرت هوفر، جيرالد فورد. الدوافع والدواعي القومية هنا واضحة. من بين الأسماء الأخرى هناك تشرشل، غورباتشوف، آينشتاين، غاندي، هيلاسيلاسي… ثم هناك الشخصيات التي أثرت سلبا حسب المجلة في وقائع عصرها مثل ستالين، هتلر، آية الله الخميني.
ومن بين الشخصيات العربية التي رشحتها تايم لهذا الشرف، الملك فيصل، ياسر عرفات وأنور السادات.
يبقى اختيار المجلة اعتباطيا توجهه اعتبارات أيديولوجية ليبرالية، وكذا عامل السلطة، النفوذ والمال التي يتحلى بها المرشح. وقد أصبح هذا الطقس بمثابة ميزان حرارة سياسي تقاس به درجة شعبية المرشح ونفوذه في الساحة الدولية.
قبل الرئيس زيلينسكي، رشحت المجلة العام الماضي إيلان ماسك لهذا الامتياز بذريعة أنه المدير العام لمؤسسة تيسلا للسيارات، وصاحب مشروع سبايس إكس. أصبح فيما بعد رئيسا لشبكة تويتر.
اختيار زيلينسكي ومن قبله ماسك ومن قبلهما ستالين، جورج بوش، الجنود الأمريكيون، دونالد ترامب…يطرح في الواقع أكثر من سؤال على هذا الطقس، أهدافه وغاياته. لسنا هنا بمنأى عن تبخيس الاعتراف وذلك بمنحه للطغاة، لمجرمي الحرب، ولمغامري السياسة، حتى وإن بررت المجلة اختياراتها بالقول أن الاختيارات تبقى نقدية في حق من اختارتهم ضمن هذه القائمة. طبعا ثمة شخصيات بصمت زمانها أمثال محمد مصدق، مارتن لوثر كينغ، غاندي، الشباب الأمريكي الخ…ويعتبر تعيين جمال خاشقجي، شخصية العام لـ2018 ، اختيارا موفقا لأنها المرة الأولى التي يقع فيها اختيار هيئة تحرير المجلة على شخصية صحافية، كانت ضحية للنحر والسلخ المنهجي على طريقة مسلخ الحيوانات الضارية.
الخلاصة أن نسخة تايم لشخصية العام والتي كانت من نصيب زيلينسكي، استهتار وتحيز أيديولوجي لا يعكس المقاييس والمعايير الموضوعية التي يجب أن تتوفر في الشخصية التي تستحق هذا التميز. ما هي إنجازات ومآثر زيلنسكي سوى أنه من كوميدي ساخر، تحول إلى قائد حربي! ماهي إنجازاته على مستوى محاربة الرشوة التي تعتبر أوكسيجين المؤسسات الأوكرانية؟ أية استراتيجية اقترحها كي لا يأسر بلده في تبعية لأوروبا وأمريكا؟ هل غابت أو غيبت هذه العناصر، وغيرها، عن تقييم هيئة تحرير مجلة تايم لما قررت اختيار زيلينسكي لنسخة هذا العام؟
ذاك هو السؤال.
Visited 7 times, 1 visit(s) today