دقت ساعة الحساب
كاركاسون- المعطي قبال
ونحن على مشارف مغادرة 2022 وولوج العام الجديد، تفرض جردة حساب للوقائع والأحداث التي طبعت العام المنصرم، نفسها. البعض يطلق على هذا الطقس اسم حصاد والبعض الآخر يعتبره ترتيلا ببغائيا لما هو صادم ومؤثر في مجرى العام. المهم أن الأغلبية بل جميع أطياف وسائل الإعلام المرئي منها والمسموع والمكتوب تمتثل لهذا الطقس. عادة ما تكون هذه الاستعادة خلاصة أو اقتطافا لأحداث وقعت وانتهت أو لا زالت قيد الاستمرار. على أي لا يمكن تقديم سرد دقيق لجميع الوقائع التي عرفتها السنة، بل ثمة انتقاء لها بحسب التوجه الأيديولوجي، الفكري لهذه الجريدة أو ذاك الموقع أو الأسبوعية. كما أن بعض الصحف تلجأ لبوصلة الإسلام والمسلمين وتتعقب أخبارهم لتحويلها إلى أحداث درامية طبعت السنة. لذا تبقى الجردات في منطقها اعتباطية.
أول حدث دمغ عام 2022 هو تخلص العالم، نسبيا، من وباء الكوفيد. أكيد أن مفعوله لا يزال ساري المفعول بالصين. لكن بعد أن حصدت الجائحة آلاف الأرواح واكتشاف لقاح مضاد، انتعشت الآمال لإخراج البشرية من خطر داهم. تفاقم مشكل الهجرة التي طوقتها أوروبا بترسانة من القيود والقوانين تمثلت في التضييق بل رفض استقبال بواخر النجاة التي تتدخل في عرض البحر بهدف الإغاثة. وفي المخيمات ثمة انتهاكات لحقوق هؤلاء. لم تكن أوروبا يوما قارة مضيافة وإن فتحت بعض البلدان أبوابها لاستقبال المهاجرين فقد كان ذلك لأغراض سياسية ومصلحية بالأساس. وتتميز إيطاليا وفرنسا إلى حد ما في هذا النطاق بسياسة رفض استقبال الأجانب.
رهانات البيئة هي أحد المعارك التي انخرط فيها الشباب في أكثر من دولة عالمية.
فرنسيا تميزت السنة الفائتة بانتخاب ماكرون لولاية ثانية مع حصوله على أغلبية نسبية وصعود اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان إلى البرلمان. كما اتسمت الانتخابات باندحار إيريك زمور واستقواء اليسار بزعامة جان-ليك ميلنشون.
مثل التقارب بين فرنسا والجزائر مع برودة في العلاقات بين المغرب وفرنسا، نقطة تحول في العلاقات الفرنسية-المغاربية. نزلت درجة الحرارة بين المغرب وفرنسا وذلك على خلفية مؤاخذات من طرف فرنسا على المغرب. وقد شكلت التأشيرات نقطة فاصلة في هذه العلاقات مما خلف إحساسا بأن فرنسا تود الانتقام من المغرب.
كانت عودة البرازيلي لولا إلى رئاسة البرازيل حدثا سياسيا بالغ الأهمية بحيث وضع حدا لحكومة ونظام بولسونارو المتطرف.
انتفاضة نساء إيران على خلفية وفاة مها أميني سيدمغ بالكاد لا فحسب وقائع هذا العام بل تاريخ إيران الحديث.
على مستوى الشرق الأوسط كانت عودة اليمين المتطرف الإسرائيلي بالتآلف الناعم بين نيتانياهو وأحزاب لقيطة، لحظة سياسية سيزيفية بحيث يصعد في كل مرة نيتانياهو إلى القمة قبل أن يتدحرج إلى الأسفل مخلفا كوارثا إنسانية بليغة.
تنظيم قطر لمونديال كرة القدم وما رافقه من جدل حول الاستعباد والاستبداد السائدين في هذه الدولة ، لم يحجب اهتمام وفرحة ملايين المتفرجين في أكثر من قارة بأداء المنتخب المغربي.
مقاطعة الانتخابات التشريعية بتونس كانت لحظة سياسية هامة ترجمت لا شعبية قيس سعيد. شكل إعلان فلاديمير بوتين الحرب على أوكرانيا نقطة تحول سياسية وجيو استراتيجية خطيرة بحيث أدخلت أوروبا وأمريكا كوصية على أوكرانيا. ومنذ البداية كانت للحرب التي اعتقد بوتين أنها ستكون خاطفة، انعكاسات سلبية على المستوى المعاشي وعلى الاقتصاد العالمي وبالأخص في قطاع الطاقة والفلاحة. ولا زالت رحى المواجهات تنهك كاهل الكادحين وقوتهم الشرائية.
ثقافيا، تميز العام بمحاولة الاغتيال التي تعرض لها سلمان رشدي بنيويورك، بفوز آني إيرنو الفرنسية بجائزة نوبل، بوفاة الرسام بيار سولاج، غياب السينمائي جان ليك ودار، الفيلسوف بول فاين، برينو لاتور، جان ماري ستروب، محمد المليحي، بحصول بريجيت جيرو على جائزة الجونكور الخ…
وكل عام وأنتم بألف خير .