غياب الشغل لا الدين هو من يدفع بالشباب إلى الانخراط في الجهادية

غياب الشغل لا الدين هو من يدفع بالشباب إلى الانخراط في الجهادية

باريس- المعطي قبال

   عاد الحديث خلال الأسابيع الأخيرة عن صحوة تنظيم الدولة في كل من العراق وسوريا. في بلاد الشام تحديدا، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم الجمعة الماضي عن مقتل ما لا يقل على 36 مدنيا في وسط سوريا. وتأتي هذه العملية لتنضاف إلى عمليات سابقة ذهب ضحيتها عشرات من المدنيين ورجالات الجيش.

   بالموازاة مع هذا الوضع، تأتي أبحاث قيمة لتجديد النظر والمعالجة للظاهرة الراديكالية، لآلياتها و ميكانيزماتها. وتقدم بذلك معطيات وتحاليل تتعارض والمقاربة الاختزالية التي يقوم بها بعض ما يعرفون بـ «خبراء الشأن الراديكالي». في هذا الصدد صدر كتاب مميز، موثق في عنوان «في التفكير في الراديكالية الجهادية» من توقيع اليمين سطول. والمؤلف أستاذ محاضر بالكونسيرفاتوار الوطني للفنون والحرف بباريس. كما يعمل أستاذا محاضرا بمعهد الدراسات السياسية. بدل مفهوم الراديكالية الذي يبدو في نظره مفهوما مبهما، يفضل مفهوم الانخراط. التفكير في الجهادية اليوم معناه التفكير في الظاهرة الضمنية أو الداخلية للراديكالية، التي توجد في قلب القسم الأكبر من الهجمات الإرهابية بفرنسا وأوروبا وذلك منذ 25 عاما. من خالد قلقال إلى عبد الحميد أباعود مرورا بمحمد مراح. ينحدر الإرهابيون من المجتمعات التي نشأوا بها لا من الشرق الأوسط.     

   يسلط المؤلف الضوء على المشهد الديني السلفي وتفرعاته السياسية. أهم خاصية للدولة الإسلامية هي أنها «ساهمت» في دمقرطة الجهاد وتحويله إلى حركة جماهيرية، نسويا وذكوريا وبالأخص بفضل شبكات التواصل الاجتماعي. وبما أن الباحث سبق وأن أعد أطروحة دكتوراه في موضوع انخراط المغاربيين في الخدمة العسكرية بفرنسا، فقد لاحظ أن ثمة تقابل بين تطوع الجهاديين الفرنسيين من أصول مغاربية وانخراط المتطوعين منهم في الخدمة العسكرية. فالانخراط في الجيش وفي الجهادية تربطهما علاقات ملتبسة تتشابه وتتنافى جزئيا. يعتبر الباحث أن الانخراط في الخدمة العسكرية تعويض للانخراط في الجهادية. يتصادى هذا البحث نسبيا مع التحقيق الذي أنجزه برنامج الامم المتحدة الإنمائي والذي شمل 2200 رجل وامرأة بثماني دول هي مسرح لتنظيم الدولة: بوركينا فاسو، الكاميرون، التشاد، مالي، النيجر، نيجيريا، الصومال والسودان. وقد شملت الأسئلة 1200 شخص من قدامى المنتمين لتنظيم الدولة وبالأخص لتنظيم بوكو حرام، لتنظيم الشباب وتنظيم مساندة الإسلام والمسلمين التابعين للقاعدة.

أشار التحقيق بان غياب فرص العمل تمثل 1/4 من المتطوعين في تنظيم الدولة. يأتي القمع الذي تمارسه قوات البوليس وعناصر الجيش على المواطنين في المرتبة الثانية. أما الدين فيشكل العامل الثالث بنسبة 17% فيما بلغت هذه النسبة 40% عام 2017. وعليه يمكن استخلاص أن الأيديولوجية الدينية ليست العامل الرئيسي في أسباب التحول الراديكالي والالتحاق بداعش مقارنة بعامل انعدام فرص التشغيل وتقنين القمع والعنف من طرف الجيش ورجالات البوليس.

Visited 3 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

المعطي قبّال

كاتب ومترجم مغربي - رئيس تحرير مساعد لموقع "السؤال الآن".