واشنطن تكتفي بالعقوبات وتتحاشى وسم روسيا بالإرهاب

د. خالد العزي

طالبت رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي وزارة الخارجية بالاعتراف رسميا بروسيا بصفتها “راعية للإرهاب”، مهددة بخلاف ذلك بدفع هذا القرار من خلال الكونغرس. مما يعني في الواقع، التجميد الكامل للعلاقات المتبقية بين الاتحاد الروسي والولايات المتحدة.

كان رد فعل الكرملين سلبيا للغاية على مبادرة الكونغرس، وتشكيك في القدرة الفعلية للموافقة على المبادرة.

تم الإبلاغ عن الإنذار النهائي لنانسي بيلوسي من قبل المنشور الأمريكي بوليتيكو. وبحسب مصادر صحفية، اتصل رئيس مجلس النواب بوزير الخارجية أنطوني بلينكين في وقت سابق من هذا الأسبوع، وطالبه بإعلان روسيا دولة راعية للإرهاب.

وفقا لنانسي بيلوسي، يجب منح روسيا هذا الوضع بسبب إدخال القوات إلى أوكرانيا. كما دعا رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي إلى اعتراف السلطات الأمريكية بالاتحاد الروسي باعتباره “راعيا للإرهاب”. وردت الإدارة الأمريكية بأن عددا كبيرا  من العقوبات قد تم فرضها بالفعل على روسيا، وكانت  الولايات المتحدة تشدد باستمرار على فرض العقوبات والسير بها.

تعترف الولايات المتحدة الآن بكوبا وإيران وكوريا الشمالية وسوريا كدول راعية للإرهاب. ويعني هذا الوضع، في الواقع، اذا تم الوصول الى هذه النتيجة،  فان ذلك يترتب عليه تجميدا كاملا للعلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا كما حال الدول المعنية  بالإرهاب، وأيضا، من بين أمور أخرى، يحد من قدرة هذه الدول على التعاون مع الحلفاء الأميريكيين والمنظمات الدولية.

عندما سُئل كيف يقيم الكرملين نتائج اعتراف محتمل بروسيا بصفتها “راعية للإرهاب”، أجاب السكرتير الصحفي لرئيس الاتحاد الروسي دميتري بيسكوف بشكل لا لبس فيه: “نحن نقيّم نتائج مثل هذه الخطوة بشكل سلبي للغاية”.

وأضاف بانه من الصعب جدا القيام بشيء يمكن أن يفسد العلاقات بين روسيا وأمريكا. لإنهم بالفعل في وضع لا يُحسد عليه”.

من جهته، أفاد مدير البرنامج في مجلس الشؤون الدولية الروسي إيفان تيموفيف، في مقابلة مع صحيفة “كوميرسانت” الروسية، إن احتمال إدراج روسيا في قائمة “الدول الراعية للإرهاب” لا ينبغي اعتباره سيناريو أساسي.

وأشار إلى أن “مبادرات مماثلة في الكونغرس الأمريكي  قد ظهرت سابقا، وحتى قبل بدء العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا”.

وينبغي النظر في مثل هذه المناشدات في سياق العلاقات بين الفرع التنفيذي والكونغرس الأمريكي بشأن قضايا السياسة الخارجية، والتي كانت دائما صعبة.

يظهر الكونغرس أن له أيضا صوتا وتأثيرا. ويمكن لأعضاء مجلس النواب أو مجلس الشيوخ الحصول على رأس مال سياسي من هذا. الإدارة نفسها، في هذه الحالة مع وزارة الخارجية  تتعامل مع القضية بحذر.

وأوضح إيفان تيموفيف الموقف المتشكك للإدارة الأمريكية تجاه مبادرة الكونغرس على النحو التالي: “على الرغم من التناقضات السياسية الأساسية، لطالما كانت روسيا شريكا للولايات المتحدة في الحرب ضد الإرهاب، ووضعها على قائمة الدول الراعية للإرهاب يعني المخاطرة بأن الولايات المتحدة، كقوة عظمى، ستفقد حتى الإمكانية النظرية لمثل هذا التعاون الذي قد تكون هي نفسها مهتمة به. في أسوأ الأحوال، فإنهم يخاطرون بأن يصبحوا قوة كبرى في صفوف الدول التي لن يكون لها سبب لعدم تقديم أكبر مساعدة لخصوم الولايات المتحدة. وعلى الرغم من حدة الخلافات حول أوكرانيا، فإن هذا ليس أفضل سيناريو لواشنطن”.

أما بالنسبة إلى فرض العقوبات، فإن مثل هذه الخطوة، لن تعطي قيمة مضافة كبيرة. لأن “القيود الرئيسية في مجال التمويل والتجارة قد تم إدخالها بالفعل” و“على الرغم من أنه سيكون هناك بالطبع أضرار إضافية. ستغلق فرص التعاون الاقتصادي بين روسيا والولايات المتحدة بشكل شبه كامل. فالأمر نفسه ينطبق على الاتصالات البشرية، لأن مثل هذه الإجراءات عادة ما تكون مصحوبة بقيود صارمةعلى التأشيرة “.

ولم تعلق وزارة الخارجية الأمريكية بتاريخ 21 تموز  الحالي على الإنذار الذي وجهته نانسي بيلوسي. اذا حاولنا متابعة التعاملالدولي مع روسيا منذ فترة فاننا امام مرحلة جديدة تختلف عن مرحلة 1990 عندما احتضن الغرب روسيا وأمن لها كل المساعدات وحاول دمجها بالمجتمع العالمي، وفتح امامها كل المؤسسات الرسمية الدولية،  وحتى حاول البعض استيعابها في الناتو، لكن التعامل المؤخر مع روسيا بات من حالة  الابعاد عن كل المؤسسات الدولية التي فتحت لها،  وكما يقول “المثل العربي أحرجها فأخرجها “، فالخروج بات أساس للعلاقات الدولية الجديدة اي بدون روسيا التي باتت تشبه كوريا الشمالية وأضحت  تشكل خطر فعلي على العالم.

Visited 4 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. خالد العزي

أستاذ جامعي وباحث لبناني