نظام الإبداع في القمع والإعدامات
حسين عابديني
هاجمت قوات الأمن التابعة لنظام الملالي، اليوم الأربعاء، 10 أيار – مايو 2023، تجمعا احتجاجيا لأهالي السجناء، وأطلقت النار عليهم. بعد إعدام ثلاثة سجناء، هم حسين بنجك، وعبد الحسين إمامي مقدم، وبابك آقايي، في سجن قزل حصار بمدينة كرج، بالقرب من طهران، في الساعات الأولى من يوم الأربعاء 10 مايو ، تجمعت عائلات وأقارب هؤلاء السجناء الثلاثة أمام السجن واحتجوا على هذا العمل الإجرامي.
مع استمرار الانتفاضة وعجز النظام عن احتوائها، لجأ نظام الملالي اللاإنساني مرة أخرى إلى إعدام السجناء لإثارة الرعب. وأعدم النظام شنقا يوم الاثنين 28 نوفمبر- تشرين الثاني 2023، سجينا من المواطنين البلوش يدعى عبد الله صلاح زهي، بعد 10 سنوات في سجن إيرانشهر بتهمة قتل عسكري في النظام. كما في الوقت نفسه، تم إعدام سجينين بلوشيين آخرين هما محمد أمين عمر زهي، ونور محمد (عبد النبي) مزار زهي في سجن زاهدان. محمد أمين معتقل أيضا منذ 2012. وفي نفس اليوم تم شنق سجين آخر في سجن همدان.
عندما تنفذ السلطة القضائية التابعة للنظام الإيراني 44 حکما بالإعدام خلال أسبوع واحد فقط(من 29 أبريل إلى 5 مايو 2023)، فإنها تسجل بذلك رقما قياسيا غير مسبوق ويشار له بالبنان، ويٶکد حقيقة أن لهذا النظام باع وقدرة وجرأة غير محدودة في مجال القمع والإعدامات.
أکثر شئ يلفت النظر ويجب أخذه بنظر الأهمية والاعتبار، هو أن هذه الاعدامات قد تم تنفيذها في وقت يوحي هذا النظام بأنه يسعى من أجل تحسين الأوضاع، وأنه سيعمل على تحقيق مطالب وطموحات الشعب الإيراني، کما أن تنفيذها يأتي في وقت يبدو فيه البعض وقد راهنوا على إمکانية أن يقوم هذا النظام بتغيير في نهجه ويميل باِتجاه الاعتدال والانفتاح.
خطبة خامنئي بمناسبة عيد رأس السنة الإيرانية الجديدة، والتي ترك الأسطوانة الروتينية المشروخة ضد من يصفهم بأعداء النظام ورکز على الاقتصاد، يبدو إنها قد اِنطلت على بعض من الأوساط السياسية والإعلامية، فراحت تتناول هذه الخطبة بأسلوب أقرب ما يکون لأسلوب وسائل إعلام النظام الإيراني، وهو أمر يثير السخرية والتهکم، ذلك أن الثقة بمصداقية طروحات خامنئي کمن ينتظر أن تمطر السماء دررا وياقوتا، ذلك إنها ليست المرة الأولى، وليست الأخيرة أيضا، التي يقدم فيها خامنئي وعودا عن تغيير الأوضاع نحو الأفضل، ودعونا لاننسى ماقد کان قاله عن”الحکومة الإسلامية الفتية “لإبراهيم رئيسي، وکيف أن هذه الحکومة قد خيبت آمال جناح خامنئي نفسه، فطفقوا يهاجمونها لخيبتها وفشلها، في ضوء ذلك، ما لذي يمکن اِنتظاره من خطاب خامنئي سوى تکرار المزيد من الخطب الوهمية.
منذ 45 عاما من حکم هذا النظام، لم يتم لمس مصداقيته في وعوده في کل المجالات، ماعدا مجال القمع والإعدامات، فهو يبرع ويبدع في هذا المجال فقط، لأنه مجال عمله واِختصاصه، وإلا ماذا يعني تنفيذ 44 حکم إعدام في بحر أسبوع واحد فقط؟ بل وماذا يعني أن إيران في ظل هذا النظام قد أصبحت ثاني دولة في العالم من بعد الصين من حيث تنفيذ الإعدامات، رغم إننا إذا ماقمنا بمقارنة عدد الإعدامات المنفذة في کلا البلدين مع عدد نسماتهما، لوجدنا أن النتيجة تميل لصالح النظام الإيراني وبجدارة!
مايقوم به النظام الإيراني حاليا ويستعد له، هو الاقتصاص والانتقام من الشعب الذي اِنتفض بوجهه لسبعة أشهر وفضحه على رؤوس الأشهاد أمام العالم کله، وأن الذي يجب على کل من يصدق مزاعم النظام عامة وخامنئي خاصة، أن يقوم بمتابعة ما يبدر عن النظام من أعمال وتصرفات على أرض الواقع، وليس الخطب الرنانة والطنانة، فالحکم النهائي لما نلمسه في الأفعال وليس في الأقوال السفسطائية.