مابين الربح والخسارة .. المواطن اللبناني يدفع الثمن

مابين الربح والخسارة .. المواطن اللبناني يدفع الثمن

أحمد مطر

في حسابات الربح والخسارة بعد جلسة مجلس النواب اللبناني لانتخاب رئيس للجمهورية الاخيرة، يختلف تقويم جلسة الأربعاء بين طرف وآخر. البلد هو الخاسر الأكبر، دون أن يكون هناك رابح، لا بين المرشحَيْن، ولا بالنسبة للأطراف السياسية المتنافسة في السباق الرئاسي
المواطن اللبناني خسر فرصة أخرى للخروج من جهنم الأزمات المتناسلة، عبر إنتخاب رئيس للجمهورية وإعادة إنتظام عمل الدولة دستورياً وسياسياً وإدارياً ومالياً. وهذا يعني تمديداً آخر للفراغ، مع كل ما يترتب على ذلك الواقع من تداعيات، تضاعف معاناة الناس من جهة، وتؤدي إلى مزيد من حالات التلاشي والتفكك التي تهيمن على المؤسسات الدستورية، وما يعني ذلك مزيداً من الاضعاف للدولة ، وكسر هيبتها وتغليب الفوضى الإدارية والإضرابات المطلبية التي تشل وزارات وإدارات الدولة على متطلبات العمل المنتج وتعزيز موارد الخزينة التي يستفحل عجزها يوماً بعد يوم .
ولكن الأطراف السياسية لم يُحقق أيٌ منها أهدافه المحددة، وإن كان فريق التقاطع على المرشح جهاد أزعور ربح بالنقاط وفارق الأصوات على فريق الممانعة الذي يدعم ترشيح سليمان فرنجية .
المراقب عن كثب لمجريات الجلسة، والتطورات التحالفية التي سبقتها، وتوزع مواقف الكتل على الخريطة الإنتخابية، لا يستبعد وجود سيناريو ، أدار اللعبة الإنتخابية عن بُعد، في إطار الحفاظ على التوازنات رغم تحقيق بعض الإختراقات، بحيث كان واضحاً أن وصول مرشح التقاطع إلى الستين صوتاً كان بمثابة خطاً أحمر، لا يستطيع تجاوزه، وهنا يبرز الصوت الضائع أثناء عملية الفرز. مقابل وجود حرص ضمني على وصول مرشح الممانعة إلى عتبة الخمسين صوتاً ، وتنتهي الجلسة دون وجود طرف رابح وآخر خاسر استعداداً للذهاب إلى الحوار، على إيقاع التفاهمات الإقليمية والدولية السائدة في المنطقة حالياً، والتي من المفترض أن تنعكس إيجاباً على الوضع اللبناني المتوتر .
آخر التطورات المهمة التي يمكن أن تؤثر إنفراجاً في الأزمة الرئاسية: لقاء الرئيس الفرنسي ماكرون مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في باريس. زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى طهران لإفتتاح السفارة السعودية وإجراء محادثات مع المسؤولين الإيرانيين. زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا إلى واشنطن الأسبوع المقبل، تقدم الحوار الجاري في عُمان بين الأميركيين والإيرانيين حول الملف النووي ، ثمّ سيصل الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان ليستكمل مبادرة فرنسية ستكون مقاربتها مختلفة عن تلك التي استمرت لأشهر سابقة. في الأسبوع المقبل أيضاً سيحضر إلى لبنان الوفد القطري لاستكمال مشاوراته. هذه المحطّات الدولية ترافقها بيانات أميركية عن اتّصال جرى بالرئيس بري لحثّه على استمرار عقد الجلسات لانتخاب رئيس وبيانات أخرى عن استياء أميركي وبريطاني من إفقاد الجلسة النصاب. يلتقط الرئيس بري جيّداً هذه الإشارات الدولية وسط معلومات عن بداية الاستعداد للخروج الآمن نحو الحلّ. لن يكون ذلك سريعاً لِما فيه من خطوات ضرورية لتقديم مجموع الضمانات للقوى المختلفة
طبعاً لبنان ليس أولوية في هذه المروحة من النشاطات الديبلوماسية الرفيعة المستوى، ولكنه يبقى بنداً مكرساً في اللقاءات الناشطة بين الأشقاء والأصدقاء .
ختاماً يبدو أن الفشل الداخلي في التوافق على الرئيس العتيد، قد ترك المجال واسعاً لتوافق القوى الخارجية، على فرض خيار رئاسي محدد، على السياسيين اللبنانيين المنهزمين أمام خلافاتهم وأنانياتهم، وما سيلحق بهم من عقوبات دولية موجعة ، ما بعد الأربعاء ١٤ حزيران، ليس كما قبله، في الروزنامة الخارجية، فهل من يعتبر .

Visited 6 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

السؤال الآن

منصة إلكترونية مستقلة