الحبيب .. والصادق

الحبيب .. والصادق

حسين عطايا

بالامس زفت الساعة الموعودة ، والمكتوبة لكل إنسان منا ، فترجل جنوبي الهوية يساري الهوى وعروبي المنبت ، فارتحل عنا حبيب صادق .
إنه إسم عرِفته وتداولته اغلبية قرى وبلدات الجنوب ، منهم من احبه لدرجة الهيام ومنهم من ناصبه العداء ، لكنهم جميعاً إحترموه ولم يجدوا شيئاً يأخذونه عليه ، فكان الحبيب لجمع جهات الجنوب وصادقٌ بنظر حتى من ناصبه العداء .

إنه حبيب صادق لبنانيُ المنبت جنوبي الهوية والولادة ، يساري الهوى والانتماء ، عاملي الثقافة المفتوحة على شتى الثقافات، دمث الاخلاق وعروبيٌ اصيل حتى تمكن من لغة الضاد واتقن فنون ثقافتها فأسس المجلس الثقافي للبنان الجنوبي ، وبذلك توائم مابين الجنوب والثقافة، وليس كما فعل الآخرون الذين زرعوا ويزرعون الجهل تحت عباءة الدين ويُنبتون الخرافات والاساطير تحت عمائم اهل بيت النبي محمد .

حبيب صادق ، لم يستكن او يهادن الاقطاع القديم الذي كان يستعبد البشر ويجعلهم باقات جمهور يُزين بهم افراحه واتراحه، ولم يستكين للأقطاع السياسي الجديد، الذي جعل من الجنوبيين صوراً تُزين بها طرقات الجنوب ومناطقه تحت تسمية شُهداء على دروب تحقيق غاياتهِ، والتي ليس للجنوب واهله فيها علاقة مسار ومصير ، بل خدمة لأجندات خارجية جعلت من الجنوبيين اعدادا وارقاما في صفحات الوفيات بلقب شهداء جهاد او ماشابه .

حبيب صادق زرع في الجنوب مجلسٌ ثقافي يُعبر عن هوية الجنوب والجنوبيين في ساحله وهضابه العاملية، فشجع فيهم نبتة العلم والثقافة ، وآمن ان الحوار لغة إنسانية وبأن العدوان والقتل لغة الهمجيين المبتعدين عن الانسانية وحضارتها وثقافتها .

إنه حبيب صادق العاملي المثقف اليساري المناضل الجنوبي العنيد الذي اخذ من سنديانات الجنوب وزيتونه الصلابة والقوة في مواجهة الطغاة القدماء والجُدد قارع الحجة بالحجة وفاز عليهم قبل ان يجمعوا شتاتهم تحت مسمى الطائفة بخطر وينتصروا مرة أخرى على اهل الجنوب، نعم شتان مابين العلم والجهل ، والفارق كبير بين الثقافة والهمجية .

يوم امس ارتحل عنا حبيب صادق وترك ساحات الجنوب بعد ان اتعبه النضال واخذ منه المرض قوته فتغلب عليه بالموت والرحيل ، يوم امس انعتقت روح حبيب صادق وارتحلت عن جسده تاركة ظلام الارض لتنطلق الى عنان السماء حيث الفضاء الارحب …
حبيب صادق لك منا كل الوفاء والعهد بأن نستمر مناضلين اصحاب همم لا تستكين ولا تلين كصخر الجنوب واشجاره وإنا لك لمن الشاكرين ، فأنت عبدت لنا دروب النضال بحُسن سيرتك وإنا لعليها سائرون,

Visited 6 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

حسين عطايا

ناشط سياسي لبناني