الطبقة السياسية ومتغيرات المنطقة

الطبقة السياسية ومتغيرات المنطقة

حسين عطايا

لا شك ان منطقة الشرق الاوسط تعيش مخاضاً عسيراً يوماً ومُريحاً في ايامٍ اخرى ، مما يستدعي قراءتها بهدوء وتأن واستطلاع ما يدور في الكواليس والغرف المُغلقة ،وما نتج او سينتج عنها ، ولبنان بالطبع ليس ببعيدٍ عن مجرياتها او عن احداثها ، بل سيتأثر بها من قريبٍ وعلى المدى الطويل .
بعض اقلام وابواق الممانعة يُبشر بأن لبنان سيكون هديةً او هِبة لايران وهي بدورها ستعطي حق الاستثمار فيه لسوريا لتُدير الملف اللبناني بحضور مميز لحزب الله والذي يُمثل ذراعها الاهم والاقوى والافعل في المنطقة وفي لبنان .
لكن يغيب عن بال هؤلاء ومن يُلقنها ما يجب ان تقوله ، بأن حقائق الاحداث تغيرت في السياسة والجغرافيا، وغيرت في المنطقة كثيراً بينما هم لازالوا يعيشون اوهاماً واضغاث احلام من المستحيل ان تتحقق لعدة اسباب منها :
* هل سوريا لازالت هي نفسها والتي كانت ماقبل العام ٢٠١١ او في زمن حافظ الاسد ؟؟
بالفعل هذا ما يغيب عن بالهم لانهم لازالوا غير مُصدقين ما حدث ويحدث في هذا العالم المُتغير باستمرار حيث تتسارع تقلبات المنطقة،  فسوريا القديمة انتهت ، وبشار الاسد اليوم ليس اكثر من ناطور او حارس قضائي في شركةٍ مُفلسة ليس اكثر .
* التفاهم الايراني ـــ السعودي والذي سينتج عنه او بدأت تباشير نتائجه عن تفاهم ايراني ـــ عربي ، سيحمل بالفعل جديداً على الساحة الشرق اوسطية وبانتظار خليفة مرشد ايران ستبدأ مرحلة جديدة سيعيش ارهاصاتها النظام الايراني ومنها اضطرار القيمين في طهران التخلي ولو بخجل عن نظرية تصدير الثورة والتي اعطتها بعض المكاسب في الاقليم لكنها دفعت ثمنها غالياً في الداخل، والتي لازالت انتفاضة النساء والشباب في ايران على إثر مقتل الفتاة ” مهسا اميني ” تقض مضاجع ملالي ايران حيث كانت المرة الاولى منذ مايُقارب الاربعون عاماً تصدح حناجر المتظاهرين بتغيير النظام وشعاراتها قاربت المقدسات ورموز النظام .
* السعودية ورؤية الامير محمد بن سلمان تحمل في طياتها تصوراً رؤيوي لشرق اوسط جديد وبدأت تلك الرؤية تجد لها سبيلاً وطريقاً للنجاح ، وهذا ما سيُساهم بتغيير مُقاربات النظام الايراني ، لابل ستفرض عليه ان ينحو نحو مقاربات جديدة تتأقلم مع الواقع الجديد والتطورات الحاصلة في الاقليم وليس بعيداً عنها ما يدور في مسقط من مفاوضات تقول المصادر بأنها اصبحت مباشرة بين الفريقين الاميركي والايراني وما إخراج مهندس العلاقات والمفاوضات روبرت مالي عبر اتهامه مباشرة بتسريب بعض ما يجري في مسقط سوى انه يدُل على المرحلة المتقدمة التي وصلت اليها عملية التفاوض وهذا ما يُراهَن عليه في الادارة الاميركية وفي المملكة العربية السعودية من تحسن وتطور في المقاربات الايرانية الجديدة .
اما على مستوى لبنان ، لازال بعض الغموض يكتنف الحوار الداخلي او ممارسات الاطراف السياسية والتي تعيش ترف السياسة والوقت، بينما الوطن والشعب يئن من ضغط الازمات وتسارع احداث السقوط ، واقتراب زمن السقوط او الفوضى نتيجة الاستحقاقات الداهمة إن على صعيد حاكمية المصرف المركزي والتي تقترب من الواحد والثلاثون من الشهر الجاري والتي سينتج عنها فراغ ، لاسيما بعد البيان الذي اصدره بالامس نواب الحاكم الاربع والذي يحمل في طياته نيتهم في الاستقالة في حال لم يتم تعيين حاكم جديد ، كما في قيادة الجيش عبر الفراغ الحاصل في المجلس العسكري وعدم استطاعة قائد الجيش الغياب ولو لمدة اربع وعشرين ساعة خارج البلاد ، بالنظر لان قانون الدفاع الوطني يُحتم وجود رئيس اركان لانه الوحيد الذي يستطيع الحلول مكان قائد الحيش في حال غيابه، مع العلم ان قائد الجيش الحالي العماد جوزيف عون تنتهي ولايته في العاشر من شهر كانون الثاني من العام القدم ٢٠٢٤ .
لذلك على الاطراف السياسية التي تُدير البلاد بذهنية المختار او بعض زعران الاحياء والازقة لا يهتمون الى مُعالجة الاوضاع ومنذ مايُقارب الاربع سنوات من زمن الازمة .
في لبنان، بعض الجهات ولعجزها ولعقمها عن انتاج الحلول تستجدي الخارج وتستدعيه للتدخل بالازمة اللبنانية لايجاد حل هي عاجزة عن ايجاده، لانهم باغلبيتهم اذناب وتابعين للسفارات وتعودوا عل تنفيذ الاوامر دون ان يكون لهم قدرة على صنع الاحداث .
للاسف هذا الواقع ينتظر اشارات ويُراهن على تدخلات قد تحمِلُ ترياقاً لسموم الطبقة السياسية العقيمة والتي تعيش في عالم الاحلام وكأن البلاد تعيش رغد الحياة وهنائه .

Visited 5 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

حسين عطايا

ناشط سياسي لبناني