عندما تتحدث إيران عن السلام .. فاعلم ان الحرب قادمة
حسين عطايا
في العاشر من اذار ــــ مارس من العام الحالي ٢٠٢٣، جرى توقيع الاتفاق السعودي ــــ الايراني ، في بكين بوساطة ورعاية وضمانة صينية، جاء هذا الاتفاق بناء على الحاح ايراني من قِبل أعلى سلطة ايرانية وهي المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية، حيث استعجلت سلطات ايران الصين لتفعيل وساطتها وصولاً لتوقيع الاتفاق .
وفي حفل توقيع الاتفاق افصح وزير الخارجية السعودي الامير فيصل بن فرحات، على ان هناك مهلة شهرين للاتفاق ليبدأ ظهور مفاعيله ولفحص صدق النوايا، من خلال إعادة فتح السفارات والتبادل الديبلوماسي والذي انقطع منذ سنوات على إثر مهاجمة القنصلية السعودية في مشهد، وهذا الحدث كان سبب قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بعد سلسلة احداث ومواقف سبقت هذا العمل .
بدأت بعض مفاعيل الاتفاق للظهور من خلال وقف اطلاق نار في اليمن بين الحوثيين والسلطات الشرعية، لكن هذا الامر ليس كافياً لبناء جسور ثقة حقيقية بين الطرفين، على ان تتوقف ايران عن إرسال الاسلحة للحوثيين ووقف تدخلها المباشر في شؤن الدول، لكن للحقيقة وبعد ما يُقارب مرور اربعة شهر على تاريخ الاتفاق لم تتطور الأمور وتتظهر مفاعيل الاتفاق لاسباب عديدة، أبرزها عدم التزام إيران بنصوص الاتفاق والأمور تسير ببطءٍ شديد تكاد لا تُرى لاسباب عدة أبرزها :
ـــ لم تجر الاوضاع في اليمن على ما يُرام وبنفس السرعة التي تمت فيها إعادة العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارة والقنصلية الايرانية في كل من جدة والرياض، ولاتزال إيران تدعم الحوثيين وكان آخرها مصادرة قوات التحالف الغربي في الاسبوع الماضي باخرة تنقل أسلحة وعتاد عسكري في البحر الاحمر قرب سواحل اليمن .
ـــ في العراق لا يزال التدخل الإيراني على حاله مع بعض الحِراك باتجاه الاقطار العربية التي يقوم بها محمد شياع السوداني رئيس الوزراء العراقي والتي تنظر اليها إيران بعين الريبة .
ــــ في سوريا لا تزال قوات الحرس الثوري الايراني وميليشيات إيران تمارس أعمالها وكأن الاتفاق لم يحدث، وكأن فقرة عدم التدخل في شؤون الدول التي نص عليها صراحة الاتفاق غير موجودة .
ــــ في لبنان لا يزال حزب الله يُمارس تعنته ويأخذ البلاد رهينةً ليكون نقطةً مهمة في خدمة إيران على طاولة مفاوضات مسقط بين الأمريكيين والإيرانيين في التوصل الى اتفاق شفهي يوقف التخصبب العالي لليورانيوم ويُفرج عن بعض المليارات المحتجزة في كل من العراق وكوريا الجنوبية، وما توتير الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة إلا صفحة من صفحات الارتهان التي يُمارسها حزب الله في لبنان خدمة لاسياده في طهران .
كل هذه الامور والنتائج لم تكن غائبة عن مسامع وتوقعات القيادة السعودية، بعدم تنفيذ ايران لما تم الاتفاق عليه، وبالتالي هذا الامر اصبح في عهدة الراعي والضامن الصيني للاتفاق .
اما التطور الاهم والذي يُعتبر تصعيداً خطيراً قد يُنهي مفاعيل الاتفاق هو التصريح الايراني بخصوص حقل الدرة الغازي والذي هو حقل مشترك سعودي ـــ كويتي ويقع في المياه الاقليمية للدولتين الشقيقتين، والذي استدعى رداً سعودياً عالي النبرة لم تكن تتوقعه القيادة الايرانية، هذا الموضوع أظهر تعنت ايران وبأنها لم تُغير سياستها العنصرية المبنية على فائض القوة الوهمية التي تُنادي بها مما سينعكس حتماً على بناء الثقة ما بين طرفي الاتفاق وقد يؤدي الى بداية تراجع او تراخي سعودي في السير قُدُماً بمفاعيل تطوير الاتفاق السعودي الايراني .
وهنا يحضرنا مثل يوناني قديم يقول :
إذا تحدث الفارسي عن السلام فاعلم أن الحرب قادمة.