“الشنكاش” اللبناني..!؟

“الشنكاش” اللبناني..!؟

 محمود القيسي

“..أيها الوطن الغارق في التفاهات

لن أنقذك مهما كان عندي من وسائل

فلطالما أسأتَ إليّ

من الرأس حتى أسفل القدم..”

*محمد الماغوط

     حرمتني رؤية النجوم يا وطن.. تأمل الأفق، انتظار الفجر، رائحة الخبز، رسائل الحب، هدايا الأعياد وحتى النوم على الرصيف.. كنت تدفعني دفعاً للجنون للمصحات العقلية وأنا أسترضيك وأستعطفك يا وطن.. والآن تريد أن أنظف ما تحتك وفوقك من خراب وقد حذرتك مراراً بأن الزمن ليس ساعة حول معصمك.. أو قبعة على رأسك أو سوطاً بيدك أو حاجباً أمام مكتبك.. عفواً يا وطن، ليس عندي وقت أضيعه معك فعندي موعد هام مع (…) فعمت بغيظك… يا وطن!

     نعم يا وطن عمت بغيظك، حرمتني من المواطنة، والهوية الوطنية، والغاء الطائفية والعيش بكرامة وطنية وسلام.. نعم يا وطن عمت بغيظك، حرمتني من الهواء النقي، والمياه النقية، والكهرباء المشعة في بلاد الماء والأنهار وتوليد الكهرباء.. نعم يا وطن عمت بغيظك، سرقت مدخراتي وشقى العمر، وحرمت أطفالي من الحليب، والخبز، والملح… وإحترام الوطن لأبنائه وأبناء أبنائه بدل الوقوف في طوابير الذل وضربات الشمس على الرأس ضربة تلو الأخرى… كفى كفرًا.. كفى كفرًا يا وطن..!

    يقول ديستويفسكي في رواية المهرج: “سرقوا مني كل شيء تقريبًا وأعطيتهم الباقي من تلقاء نفسي”! هل نحن في لبنان مجرد شعبًا غبي، أم مجرد مجموعة من المهرجين يعيشون على إيقاع آلامهم وأوجاعهم على خشبة مسرح الموت العبثي البطيء.. أم مجرد شعب مهرج غبي يعيش على إضحاك الشعوب والضحك على نفسه..!؟

     كتب الفيلسوف جان بول سارتر “الاعتقاد السيء” طاعون الحياة العصرية.. خصوصًا عندما نكذب على انفسنا في سبيل الاعتقاد بشيء نحن غير مقتنعين به لأنه سهل على المدى القصير.. كما يعتقد سارتر إننا نكذب على انفسنا لكوننا لا نعمل على خيارات أخرى.. سارتر فقط يريد أن يذكرنا على أن نكون أحرار !!

      ما يجري الان في البرلمان مهزلة تراوح بين السخرية من الشعب إلى الاحتقار، مسرحية هزلية أبطالها ممثلي هذا الشعب الغائب عن الوعي.. مسرحية الكذب عيني عينك وفي وجهك وبالخط العريض، ويا ويلك لو قلت تلت التلاتة كام أو النصف زائد واحد أو شو يعني أنتخابات ديمقراطية أو دستور أو وطنية أو وطن!

     التلويح باستقالات جماعية لنوّاب الحاكم: طبخة محروقة بإشراف الطبقة السياسية المحروقة لتمديد حاكمية علي بابا البنك المركزي.. اللص الظريف والقواد المالي والعاشق الولهان حارس المغارة وأمين سر لصوص جمهورية المغارة المالي.. حاكم المصرف المركزي (رياض ما غيروه) دستور من خاطره وخاطر شركائه الحرامية!!

     “البدعة” الوطنية في بلد البدع الحلزونية.. بدعة التجديد أو التمديد لحاكم مصرف اللصوص المركزي الحلزوني!؟.. مصطلح حلزوني جديد وحديث وحلول عجيبة غريبة، لم ترد في قاموس، ولم ترد في ناموس، ولم تألفها الأذن والعين وجميع الحواس والعقل، ولم تخطر ببال شياطين الأنس وشياطين الجان.. بحجة مصلحة البلد الوطنية والتجديد الوطني والتمديد الحلزوني المبتكر في سلطة الابتكارات السياسية..!؟

    هذا في حين تمخضت مغارة لصوص الدولة العميقة في لبنان بعد مصطلح التجديد أو التمديد للص مصرف لبنان المركزي (رياض جريندايزر الكارتوني) فولدت  تعريف جديد مستجد (فأر تسيير الأعمال) خوفًا من الفراغ في بلدٍ أصبح يعيش على الفراغ.. تبًا للغة العربية وقواعدها.. يا رب كفى بقرًا.. يا رب كفى حكامًا مثقوبين..!؟

     هذا وقد صرح قبل بضعة أيام ، احد ديناصورات لبنان الحاكمة بأمر الطائفة الوطنية الحاكمة.. احد آلهة السياسة الحاكمة في لبنان الطوائف الحاكمة قائلًا: “الودائع المصرفية أمانة في رقابنا إلى يوم الدين”!؟ ‏نعم، لقد تم تحويل الملف بأكمله ألى يوم القيامة والمحاسبة.. وما علينا سوى أنتظار قيامة القيامة وقيامة بعد القيامة..!؟؟

     البلد تمام، والاقتصاد والسياسه كمان.. الانهيار مجرد كلام.. وملهاش لازمه كتر الكلام.. لكن بحكم (الديمو/ئراطيه) ما فيش مانع من كلمه أو كلمتان.. واحنا مش من طبعنا نعمل فضيحة لشوية لصوص هبشوا البلد.. ما كل الزمايل بتهبش كمان.. وكل اللي جاي.. زي اللي رايح.. مساء التنفس مساء الروايح.. الروايح  الكريهة يا عم نجم ويا شيخ إمام!

      يقول “غوركي”: هل تعلمون ما هي الحقيقة؟ ‏الفقر؟ ‏الجوع؟ ‏المرض؟ نحن نموت مرهقين ونحن معفرون في الوحل، مخدوعون… بينما يمتص الآخرون كل الفرح حتى التخمة!.. يرد “لوبان”: بمجرد أن ينطوي الفرد ويستكين داخل ((( مزارع الطائفية)))، فإنه ينزل درجات عديدة في سلم الحضارة والإنسانية..!؟

     رياض (الحاوي) بتاع الهندسات المالية والليرة اللبنانية بألف خير ليس سوى دجال مصرف الطبقة الاوليغارشية الحاكمة الفاسدة في حقيقة المأساة والمهزلة معًا.. ومجرور فضلاتها “المقدسة” الحاكمة. أصبح رياض سلامة صاحب الهندسات المالية التي أكلت أخضر البلد وليرتها مجرد عبء على شياطين الطبقة العميقة الحاكمة… هم هم هم غابه كلابها ديابة نازلين في الناس هم هم.. واللي يعيش في الغابه راح يتاكل هم هم هم!!

     نعم، نحن شعب كما يقول احمد فؤاد نجم: “عيشين في غابة كلابها ديابة نازلين في الناس هم هم.. غابة وناسها غلابة خيخة لا ناب ولا فم.. متكلين على الصدفة متاكلين بالهم.. وإحنا يا ملح الغابة هم يحرك هم.. ضايعين وسط ديابة مش فاضيين نهتم.. فاهمين وبنتغابى مش راضين نتلم.. عيشين في غابة كلابها ديابة نازلين في الناس هم هم”…!؟؟؟

      ما يجري هذه الأيام مع (دجال مصرف لبنان) شريك اللصوص الحاكمين من حجز ورهن وتحقيق وتوت حاوي حاوي توت مجرد لعبة جديدة.. نعم، لعبة جديدة من اجل خلط الأوراق وتضييع (الشنكاش ).. الشنكاش اللبناني الغير موجود أساسًا في قواميس اللغة العربية ومعاجمها.. بأستثناء القاموس السياسي اللبناني في فن الكذب والتكاذب السياسي!

      دول كثيرة في عصرنا الحالي وضعت شعوبها على سلم الصعود إلى الفضاء والعلوم والتطور وبناء المجتمعات والمدن والحكومات الذكية.. في حين نحن في لبنان مازالت معظم البرامج “الوطنية” تدعونا للعودة إلى “نملية” ستي.. و”جرن” الكبي.. وبرش الصابون.. و”طشت” الغسيل لعدم توفر الماء والكهرباء ومواد التنظيف في زمن الأوساخ والنفايات الوطنية المتراكمة..!

     كذبت إحدى النظريات التي تقول أن الذكاء البشري يشبه ريش الطاووس. كما كذبت نظرية لبنانية من أصل فينيقي تقول إن اللبناني يمشي وأثق الخطوة نافش ريشه مثل الطاووس.. في حين الطاووس مثل اللبناني بالكاد قادر على الطيران، فهو يعيش في التراب يلتقط الحشرات من الوحل ويواسي نفسه بريشه المنفوش!

     ورغم كل هذه المهازل والمآسي وبعيدًا عن نتائج الانتخابات الرئاسية اللبنانية الأخيرة والريش اللبناني المنفوش.. وبعيدًا عن الفيدراليات النيابية الانتخابية الأخيرة.. وبعيدًا عن خارطة طريق تلك الانتخابات المكيافيللية.. وبعيدًا عن كل الوسائل السود والسلاح الأبيض على قاعدة الغاية تبرر الوسيلة.. لم يصل (التغييريون) إلى مستوى (شرابة خرج) كما كان جدي لأمي يقول رحمة الله عليهما وأسكنهما فسيح جناته!؟

      يمكن للمجتمعات أن تكون متخلفة وجاهلة، و لكن الأخطر هو أن تري جهلها مقدساً..! نحن في لبنان بالإضافة إلى تخلفنا وجهلنا نقدس الطائفية والمذهبية والطابور والقطيع والجرس وفيروسات الزعامات المتحورة من الاب المقدس.. إلى الابن المقدس.. إلى الحفيد المقدس.. دستور من خاطرهم جميعًا.. خاطرهم الأقدس…!!!!!

     التركيبة السياسية في لبنان مثل السبحة التي يحملها المؤمن والملحد والكافر في نفس الوقت.. إذا سقطت حبة واحدة منها خارج حظيرة السلطة العميقة ينفرط عقدها..!؟

     ‏يقول هيغل: الأنظمة الفاسدة مثل جوزة الهند العفنة.. قوية من الخارج.. مهترئة من الداخل.. يجب كسرها قبل شراءها واستخدامها!؟

     أو كما ينادي بائع البطيخ في الأسواق اللبنانية بأعلى صوته: “عالسمكين يا بطيخ”..!؟؟؟

Visited 7 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

محمود القيسي

كاتب لبناني