جولة أردوغان الخليجية .. تقوية نفوذ استعدادا للانتخابات البلدية

جولة أردوغان الخليجية .. تقوية نفوذ استعدادا للانتخابات البلدية

د.خالد العزي

في جولته الذي قام بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى دول الخليج العربي، هدف من خلالها إلى إنعاش الاقتصاد الوطني. ونتيجة وفي هذه الرحلة أملت أنقرة بإبرام اتفاقيات استثمار بقيمة 50 مليار دولار، فالقيادة التركية إضطرت إلى طلب الدعم من الشركاء الأجانب بسبب الوضع الاقتصادي الداخلي بعد إعادة انتخاب أردوغان، إذ لا تزال البلاد تواجه ظواهر الأزمة. لكن هناك حافز مهم تسعى الدولة  لتحقيقها وهو اقتراب موعد الانتخابات البلدية، حيث يتعين على النخبة الحاكمة التنافس للسيطرة على المدن الكبرى. لذلك يحاول النظام  حث الجهود  من أجل فتح الأبواب للمستثمرين قبل الانتخابات المحلية.

اتت رحلة  أردوغان  الى قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، بعد مدة من الانقطاع حيث تمكنت تركيا خلال هذه الفترة من استعادة الاتصالات الكاملة مع الدولتين الأخيرتين في السنوات الأخيرة. وللأمر الكثير  من الاهمية التي تكمن في  حقيقة الجولة الخليجية، والتي   ترتكز بشكل أساسي على جذب المساعدة الاستثمارية. بالإضافة إلى اللقاءات مع قادة الدول العربية، وشارك الرئيس التركي أيضًا في منتديات الأعمال التي عقدت تحت رعاية مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية لتركيا.

رافق أردوغان في رحلته الخليجية  اكثر من مئتي  شخصية  من نخبة رجال الأعمال. فأنقرة عولت على توقيع عقود كبيرة في قطاع البناء والمقاولات، وكذلك في الرعاية الصحية والطاقة والنقل والتمويل والسياحة. والزراعة. والحصول  الفوري على جزء من الاستثمارات المباشرة، فيما ياتي البعض الآخر في المستقبل.

 ومن المواضيع التي تم بحثها توريد الأسلحة التركية حيث يتم التفاوض على ابرام عقود قادمة .وبحسب ما افاد  إسماعيل دمير، رئيس إدارة صناعة الدفاع الحربي في تركيا، “لقد وصلنا وتجاوزنا أرقام الصادرات لعام 2022 بالقدر الذي توقعناه”. “نتطلع إلى 6 مليارات دولار في عام 2023 ويمكن أن تكون الأرقام أعلى من ذلك بكثير”، ثم قال: “على الرغم من حقيقة أن المنتجات المحلية تستخدم بنجاح في العمليات المحلية والدولية لقواتنا الأمنية، فإننا نقوم أيضًا بأنشطة مهمة لتلبية احتياجات الدول الصديقة والحليفة”.

اذن يحتاج الاقتصاد التركي إلى دعم جاد لفترة طويلة. حيث أشار الاقتصاديون الذين استطلعت آراؤهم إلى أن العجز الحكومي في البلاد قد يقفز إلى 4.4% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام مقارنة  بالعام الماضي الذي كان  0.9%، مما يسلط الضوء على هشاشة الوضع المحلي.

لقد أدى الاقتصاد المأزوم إلى زيادة الواردات إلى مستوى يتجاوز الصادرات بكثير، مما دفع عجز الحساب الجاري إلى مستوى قياسي بلغ 37.7 مليار دولار في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، حسبما تشير صحيفة فاينانشيال تايمز. كما لفتت الانتباه إلى حقيقة أن أردوغان أنفق الكثير عشية الانتخابات العامة التي أجريت في الشهر الخامس  الماضي  من العام  الحالي  .

وأحد عناصر إعادة تركيا إلى المسار الاقتصادي المستدام، والذي يعمل عليه وزير المالية محمد شيمشيك حاليًا، هو تشديد السياسة المالية. ونوهت وزارة المالية إلى أنه بفضل الإجراءات المناسبة، ستكون الدولة قادرة على تجاوز تداعيات الزلزال العنيف الذي وقع في الثاني من العام الحالي ، والذي تقدر أضراره رسميًا بنحو 104 مليارات دولار، والاحتفاظ باحتياطياتها النقدية.

فالمؤسسة الحاكمة تحتاج على الأقل إلى حلول زخرفية لمشكلة استقرار الاقتصاد الوطني. وستكون أنقرة راضية حتى لو حدث شيء ما على مستوى البيانات الصادرة عن تلك الدول المستعدة افتراضيًا للاستثمار. لان أردوغان يحتاج إلى الحصول على الدعم قبل بدء الانتخابات المحلية (المقرر إجراؤها في الشهر الثالث من  العام  2024. والجدير بالذكر بان أردوغان  في عام 2019 ، خسر اسطنبول وأنقرة (عقب نتائج الانتخابات البلدية الكبرى آنذاك).

ومن المهم أن ينجح الرئيس التركي  بابعاد عمدة اسطنبول، أكرم إمام أوغلو، من المشهد السياسي، الذي يعد، وفقًا لعدد من استطلاعات الرأي، من أكثر الشخصيات شعبية ليس فقط داخل حزب الشعب الجمهوري، ولكن وكذلك معسكر المعارضة بشكل عام. ومنذ عام 2019 ، كانت اسطنبول جرحًا لم يلتئم لأردوغان، وعمل الانتقام السياسي ذاته مهم بالنسبة له”. ومن المحتمل أنه سيحاول جاهدًا الفوز في الانتخابات البلدية”. لذلك فان  الوضع يتطلب تحركات عملية مركزة من رئيس تركيا، بما في ذلك تلك المتعلقة بالاقتصاد.

 

Visited 2 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

د. خالد العزي

أستاذ جامعي وباحث لبناني