الانتفاضة .. وفضائح النظام الإيراني

الانتفاضة .. وفضائح النظام الإيراني

حسين عابديني

أکثر سمة تميز ويتميز بها النظام الايراني، هو الديماغوجية والسفسطة بإعتماد الکذب والتمويه کأساس لذلك، والملفت للنظر إن هذا النظام وإن کان دکتاتوريا لکنه لايشبه أي نظام دکتاتوري آخر في هذا العصر، ذلك إنه قد بنى دکتاتوريته على أساس ديني، بما يوحي إنه نظام مقدس وإن التعرض له ومخالفته يعني بالضرورة التعرض للمقدسات ومخالفتها.

هذا التصور الذي عمل النظام على تجسيده وجعله أمرا واقعا من أجل ضمان بقاء وإستمرار النظام، وبذل من أجله الکثير، لم يکن من السهل عليه إقناع الشعب الايراني، وهذا لم يکن بسبب عصر العولمة والانترنت والثورة المعلوماتية، بل إنه أقدم من ذلك ويعود الى بدايات تأسيس النظام والموقف السياسي ـ المبدئي الحازم للمعاضة الإيرانية من أطروحة نظام ولاية الفقيه التي بني على أساس منها النظام الإيراني، خصوصا وإن أول بادرة من جانب المعارضة بهذا الصدد، کانت رفض الحجاب الاجباري والمشارکة في تظاهرة للنساء الايرانيات في طهران ضد الحجاب الاجباري.

هذا الموقف المميز للمعارضة الإيرنية، حدث في وقت کانت حتى أکثر التنظيمات اليسارية الايرانية منخدعة بهذا النظام وتسعى من أجل التقرب إليه وتعتبره معاديا للامبريالية والاستعمار، ولم تقف أحد منها الى جانب هذه التظاهرة النسائية، وبطبيعة الحال فإن هذا الموقف لم يمر برىا وسلاما على المعارضة بل وحتى کلفها الکثير بحيث إن مجزرة السجناء السياسيين التي إرتکبها النظام طبقا لفتوى صادرة من الخميني عام 1988، حيث کان قرابة 90% من السجناء أعضاء في المنظمة، فاتورة حساب دموية دفعتها المنظمة من أجل ذلك الموقف ومواقف مبدئية أخرى من النظام.

هذا الموقف المميز للمعارضة الإيرانية، قد عاد من جديد کأمر واقع الى المشهد الايراني بعد حادثة مقتل الشابة الکردية مهسا أميني، بسبب سوء تحجبها کما زعمت دوريات الارشاد القمعية التابعة للنظام، ولاسيما وإنها تمخضت عن أطول إنتفاضة سادت سائر أرجاء إيران، والمميز في هذه الانتفاضة إنها إکتسبت طابعا فکريا ـ إجتماعيا ـ سياسيا، ولم تعد کإنتفاضتي 28 ديسمبر2017، و15 نوفمبر2019، مجرد إنتفاضتين سياسيتين ذات بعد إقتصادي ومعيشي.

المثير هنا إن قادة النظام الذين سعوا للإيحاء بأن الاحتجاجات ليست لها من أي جانب سياسي وإنها ذات بعد إقتصادي ومعيشي فإنهم قد إصطدموا في إنتفاضة 16 سبتمبر2022، بتطور نوعي طالما سعوا للحيلولة دونه، وهو الاصطدام والتعرض للجانب الفکري ـ الاجتماعي من البنية العقائدية للنظام، لکن ذلك قد حدث والاهم من ذلك إنه مجرد بداية، بداية لسحب آخر ورقة توت تغطي عري النظام!

Visited 11 times, 1 visit(s) today
شارك الموضوع

حسين عابديني

سياسي ومعارض إيراني