المال والبيزنس في “لعبة” كرة القدم!
فالنسيا – عبد العلي جدوبي
هل أفسد المال والبيزنس متعة كرة القدم؟ وهل أصبحت الفرجة مرتبطة بالمبالغ المالية الفلكية؟ التي تدفع كرواتب للاعبين من أجل دحرجة كرة داخل رقعة الملعب وصولا بها الى شباك الفريق المنافس؟!
لقد أصبح المال هو عصب لعبة كرة القدم، بعد أن كانت الفرجة والمتعة هما محركها الرئيسي، فلم تكن هذه اللعبة الشعبية من قبل مسرحا للمستثمرين ورجال المال أو مجالا لاستعراض الغنى الفاحش، لكن الأمر في الوقت الراهن تحول إلى النقيض مع بداية ظهور حقوق البث التلفزيوني الحصري وشركات الرعاية والاشتراكات وبسبب الصفقات الضخمة الخيالية التي أصبحت ميزانيات بعض الفرق الاوروبيه، تضاهي ميزانيات العديد من الدول النامية، مما مكنها من توفرها على السيولة الكبيرة لانتداب اللاعبين ودفع مبالغ لهم يسيل لها اللعاب، وأصبح العديد من النجوم، من كبار أغنياء الكرة، يتباهون أمام عدسات المصورين باستعراض سياراتهم الفارهة وطائراتهم الخاصه وقصورهم ومنتجعاتهم الشاسعة ونمط حياه الترف والبذخ..!!
لكن كيف بدأ هذا المنجم لاستخراج الأموال الباهضة التي تصرف على اللاعبين؟ وهل يستحقون كل تلك الملايير التي تقاضونها؟! تذكرنا تقارير رابطة اللاعبين المحترفين الانجليز بأن عصر الاحتراف انطلق العام 1938 عندما سمح للاعبين بتلقي أجور نظير ممارستهم لكره القدم، وخلال تلك السنه حدث جدل سياسي كبير في البرلمان البريطاني نتيجة الصفقة التي وصفت حينها بالضخمة جراء انتقال لاعب من فرنهامبتون إلى أرسنال مقابل 14 ألف جنيه، ومن ثم انطلق عداد عمليات البيع والشراء خلال السنوات اللاحقة، حتى أصبحنا اليوم في ذهول أمام هذه الصفقات الضخمة التي نسمع عنها جراء انتقالات اللاعبين.. ومن المؤسف له حقا أن هذه الرواتب الفلكية تعود سلبا على المشجع العادي، فارتفعت أسعار تذاكر الدخول إلى الملاعب الرياضيه أضعافا خلال العقدين الأخيرين ولا تعرف الانخفاض إلا عندما يحتل الفريق رتبة متدنية في الترتيب العام كما حدث الموسم الكروي الماضي لفريق فالنسيا الاسباني..!
كما احتكرت القنوات التلفزيونيه البث عبر شبكاتها المشفرة لتصبح مشاهدة مباريات البطولات الكروية حكرا على من يدفع مقابل الفرجة، بعدما كانت كرة القدم من قبل لعبة الفقراء في كل دول العالم..
لكن بورصه كواليس كرة القدم اليوم لا تبوح بكل أسرارها، فوكلاء اللاعبين أصبح لهم دور رئيسي في سوق الانتقالات والترويج لهذا اللاعب أو ذاك للرفع من قيمته التسويقية، عن طريق الإعلانات أو الترويج لمستواه عبر لقطات تبث هنا وهناك، وهذه الفئة تتقاضى كذلك مبالغ خيالية جراء وساطتهم عند إتمام كل صفقة، وأن صفقة واحدة فاشلة ربما قد تؤدي إلى إفلاس النادي برمته؛ في هذا الإطار كانت صحيفة الإندبندنت البريطانيه قد ذكرت أن وكيل اللاعب بول بوغبا الهولندي (سينو رايولا) حصل من جراء خدماته في انتقال بوغبا إلى مانشستر يونايتد على حوالي 33 مليون دولار (أي ما يعادل 33 مليار سنتيم تقريبا ).
وذكرت صحيفه ماركا الاسبانية أن هناك عدد من اللاعبين في أوروبا يتقاضون رواتب كبيرة جدا، ونشرت أسماء العديد منهم، إلا أن الصفقات الأخيرة التي شملت انتقالات بعض اللاعبين إلى الدوري السعودي، صفقات فاقت كل التصورات.. كريستيانو رونالدو مثلا حصل على 17 مليون يورو شهريا/ بنزيما 16 مليون يورو شهريا/ نيمار 12 مليون يورو شهريا / والبقيه تأتي!!
وكان الصندوق الاستثمارات العامة بالسعودية بأصول 620 مليار دولار، قد استحوذ على أربعة أندية لكرة القدم مؤخرا وهي: الهلال والنصر والاتحاد والأهلي، مما أتاح لها عقد صفقات كبيره وبمبالغ ضخمة مع اللاعبين الذين جاؤوا من اسبانيا وايطاليا وانجلترا “لتنشيط” الدوري السعودي لكرة القدم، ولتعزيز قطاع الرياضة عامة ضمن خطة تحول اقتصادي، وفي إطار سياسة تقوم على تقوية مصادر “القوة الناعمة” كما ترى الجهات المسؤولة عن قطاع الرياضة بالسعودية .
يقول المدرب السابق لفريق ليفربول بيل شانكلي..”أنا لا أعتقد أن كرة القدم مهمة جدا إلى هذا الحد، نحن لا ننقذ أرواحا، أو نقدم خدمات كبيرة للبشرية، نحن فقط نسلي الناس ونحاول أن ننسيهم همومهم خلال 90 دقيقه..”! .
وهنا استحضر لقاءا كان لي مع المرحوم الحاج العربي بن مبارك قبل سنوات وهو يتحدث عن الشهور الأولى له كلاعب محترف بفرنسا، قال: إنه عندما تسلم أول مبلغ مالي من فريقه أولمبيك مارسيليا قال لرئيس النادي لماذا منحتموني كل هذه المبالغ الماليه الكبيرة؟ لقد خصص لي الفريق سكنا مريحا ورعاية طبية بالمجان ومساعدين يرعون شؤون البيت، فما أقوم به سوى أنني أتمرن بالنادي وأشارك في المباريات الأسبوعية، وأشارك أيضا الجماهير في فرحتهم.. فلماذا تمنحونني كل هذه المبالغ المالية الكبيرة؟!
رحم الله الحاج العربي بن مبارك.
Visited 35 times, 1 visit(s) today